الخليج – متابعات

كشف وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، عن أن لندن تدرس الاعتراف بدولة فلسطينية، وحض الحلفاء على الاعتراف بها في الأمم المتحدة، فيما يسمى مبادرة كاميرون للخروج من عنق الزجاجة في غزة.

ونتعرف في السطور التالية إلى ماهية هذه المبادرة، وما حملته من تحولات لافتة في سياسة بريطانيا الخارجية تجاه ملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

الاعتراف بالفشل

قال الوزير ديفيد كاميرون أمام مجلس المحافظين للشرق الأوسط في لندن، بحضور عدد من السفراء العرب، إن الأعوام الثلاثين الماضية كانت بمثابة «قصة فشل» لإسرائيل، لأنها فشلت في توفير الأمن لمواطنيها، مشدداً على أنه لن يتحقق السلام والتقدم إلا من خلال الاعتراف بهذا الفشل.

وتابع أنه يجب منح الفلسطينيين أفقاً سياسياً لتشجيع السلام في الشرق الأوسط، وأنه يتعين أن تتولى «سلطة فلسطينية جديدة بقيادة من التكنوقراط» حكم قطاع غزة. منوهاً بأن هناك مساراً ممكناً يتفتح، وأن التقدم في إيجاد حل سياسي يمكن أن يعني سلاماً لسنوات بدلاً من أشهر.

ويستند التصور البريطاني لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على حزمة من الخطوات التي تبدأ بوقف لإطلاق النار في غزة وتنتهي بإقامة دولة فلسطينية.

اتصالات نشطة

وكشفت مصادر بريطانية مطلعة على سير المحادثات بين بريطانيا والأطراف الدولية والإقليمية حول الترتيبات الرامية لإدارة مرحلة ما بعد الحرب في غزة، عن أن كاميرون شرع في الآونة الأخيرة بسلسلة من التحركات والاتصالات الدبلوماسية النشطة مع عدد من الأطراف المعنية، حاملاً تصورات تستند إلى عدة خطوات، تشمل وقف القتال في غزة والبدء بإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية للاستجابة للأوضاع المأساوية بالقطاع، والعمل على إخراج الرهائن المحتجزين وتبادل الأسرى، فضلاً عن الشروع بسلسلة من الترتيبات السياسية التي تفضي لتغييرات جذرية لدى الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بهدف التمهيد للبدء بإعادة إعمار غزة، والمضي لإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، واعتراف الأطراف الدولية فيها، بما في ذلك الأمم المتحدة.

وأشارت الخارجية البريطانية إلى أنه يتعين منح الفلسطينيين في الضفة وغزة أفقاً سياسياً لطريق ذي مصداقية يقود لدولة فلسطينية ومستقبل جديد، في خطوة لا رجعة فيها. لافتة إلى أنه يمكن لبريطانيا وشركائها المساعدة من خلال تأكيد الالتزام بدولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للحياة، منوهة بضرورة منح الاعتراف بفلسطين بما في ذلك بالأمم المتحدة.

حل مستدام لوقف دوامة العنف

ويعكس الموقف البريطاني توجهاً جديداً لدى دوائر صنع القرار في العاصمة لندن، بأن الحرب وما خلفته من تداعيات كارثية توفر نافذة ضيقة يجري العمل على استغلالها للتوصل إلى حل مستدام للصراع، يضمن وقف دوامة العنف الممتدة منذ عقود.

ويشكل التحول الملموس في توجهات الخارجية البريطانية بشأن ملف الحرب في غزة وترتيبات المرحلة المستقبلية، بارقة أمل جديدة نحو الوصول إلى تسوية للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وضرورة المضي لصياغة حلول سياسية مستدامة على أرضية إقامة دولة فلسطينية والاعتراف الدولي بها، بخلاف التوجهات السابقة التي لطالما استندت إلى أرضية التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين حول حل الدولتين.

حماس خارج المعادلة

وفقاً لمبادرة ديفيد كاميرون، فإن حركة حماس لن يكون لها دور للمشاركة في أية ترتيبات سياسية مستقبلية، فموقف بريطانيا تجاهها ثابت وهو رفض قبول أي دور للحركة في إدارة قطاع غزة أو المشاركة في أي حكومة لإدارة شؤون الفلسطينيين خلال المرحلة المقبلة، وإن ترتيبات المرحلة الانتقالية ترمي في نهاية المطاف للوصول لانتخابات عامة تفضي لتشكيل قيادة جديدة للفلسطينيين على أساس صندوق الانتخابات.

التغلب على العقبات

وتوضح الوثيقة البريطانية المقترحة بشأن الاستجابة للأوضاع الإنسانية الصعبة في القطاع، عدداً من العقبات، وكيفية التغلب عليها، من خلال دعوة إسرائيل لفتح كافة المعابر مع قطاع غزة أمام قوافل المساعدات الدولية والسماح بوصول الإمدادات عبر ميناء أسدود، علاوة على تنشيط الممر البري الجديد من الأردن إلى غزة، وزيادة البضائع والمساعدات المسموح بدخولها للقطاع.

وأكدت الوثيقة أهمية إعادة إسرائيل لإمدادات المياه والكهرباء لقطاع غزة، والسماح بدخول كميات كافية من الوقود لتشغيل البنى التحتية الرئيسية، فضلاً عن منح مزيد من التأشيرات لموظفي المنظمات الدولية والسماح بدخولهم لقطاع غزة للإشراف على وصول المساعدات وتوزيعها.

إصلاحات ملموسة في السلطة الفلسطينية

وتعمل بريطانيا، بجانب عدد من الأطراف الدولية، على دفع السلطة الفلسطينية لإجراء إصلاحات حقيقية وملموسة على هياكلها ومؤسساتها من خلال تشكيل حكومة جديدة تدير الأوضاع في الضفة الغربية وغزة خلال فترة انتقالية تمتد لعامين أو ثلاثة، وتعبد الطريق أمام إجراء انتخابات عامة.

وفي هذا الإطار كشف رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، الاثنين، عن إطلاق «المرحلة الجديدة من برنامج الإصلاح»، الذي يشمل «تغييرات جوهرية» في عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية والسفارات والمنظومات القضائية والأمنية والإدارية والمالية.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version