أصبحت مدينة رفح، بجنوب قطاع غزة، في مرمى الجيش الإسرائيلي الذي شن أمس هجمات جوية أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا. ورغم التحذير من وقوع مجزرة في المدينة التي باتت الملاذ الأخير لأكثر من مليون نازح فلسطيني، تواصل إسرائيل قصفها بشكل مكثّف بعدما أصدر رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو توجيهات للجيش بإعداد «خطّة لإجلاء» المدنيين من المدينة الواقعة في أقصى جنوب القطاع، قبل هجوم برّي مُحتمل، بينما حذرت مصر والسعودية والأردن والجامعة العربية إسرائيل من اجتياح رفح، في حين أكد تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، مساء أمس، تلويح مصر بتعليق اتفاق السلام مع إسرائيل، في حال اجتياح الجيش الإسرائيلي مدينة رفح، وعبور موجة من الفلسطينيين الحدود، وهو ما يضع هذا الاتفاق في مأزق للمرة الأولى منذ 45 عاماً.
وأفادت وزارة الصحة في غزة بسقوط 110 قتلى ليل الجمعة السبت، بينهم 25 قتلوا في ضربات برفح، مشيرة إلى معارك عنيفة دارت أمس في مستشفى ناصر في خان يونس. وأكدت الوزارة مقتل شخص في هذا المستشفى حيث لا يزال يوجد 300 من أفراد الطاقم الطبي و450 جريحاً، إضافة إلى زهاء عشرة آلاف نازح.
وبعد أكثر من أربعة أشهر على اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، تتجه الأنظار إلى رفح، حيث يحتشد أكثر من مليون نازح فرّوا من الدمار والمعارك في باقي مناطق القطاع المحاصر.
وحذر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، أمس، من «كارثة ومجزرة عالمية» في حال اجتاحت إسرائيل محافظة رفح.
وقال المكتب في بيان نشره على منصة «تيليغرام»: «نُحذّر من كارثة ومجزرة عالمية قد تُخلف عشرات آلاف القتلى والجرحى في حال تم اجتياح محافظة رفح».
ويستعد الجيش الإسرائيلي لتنفيذ عملية عسكرية برية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، فيما يعتزم الجيش والأجهزة الأمنية صياغة خطة لإخلاء المدينة من السكان، بحسب إعلام عبري.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، أمس السبت، إن العملية العسكرية في رفح ستبدأ بعد الانتهاء من «إجلاء واسع النطاق» للمدنيين من المدينة وضواحيها. وبعد مدينة غزة ثم خان يونس، تعد إسرائيل الآن لعملية برية في مدينة رفح في إطار هجومها العسكري على قطاع غزة.
وحذّرت وزارة الخارجية السعودية «من التداعيات البالغة الخطورة لاقتحام واستهداف مدينة رفح في قطاع غزة».
واعتبرت أن «هذا الإمعان في انتهاك القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي يؤكد ضرورة انعقاد مجلس الأمن الدولي عاجلاً لمنع إسرائيل من التسبب في كارثة إنسانية وشيكة يتحمل مسؤوليتها كل من يدعم العدوان».
بدورها، حذّرت الخارجية الأردنية «من خطورة إقدام جيش الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ عملية عسكرية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، والتي تؤوي عدداً كبيراً من الأشقاء الفلسطينيين الذين نزحوا إليها كملاذ آمن من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة».
وحذر وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس السبت، من تطورات الأوضاع في رفح، قائلاً إنها تنذر بتدهور في القطاع، وتداعيات وخيمة. وأضاف شكري، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرته البلغارية ماريا غابرييل بالقاهرة، أن الوضع الإنساني في غزة لا يحتمل مزيداً من التدمير والضحايا.
من جهته، حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط من التبعات الخطيرة لقيام إسرائيل باستهداف منطقة رفح بقطاع غزة، رافضاً كل نوايا التهجير المهددة للاستقرار الإقليمي. وقال: «إن دفع مئات الآلاف للنزوح من القطاع هو انتهاك للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، فضلاً عن ما يمثله من إشعال خطير للموقف في المنطقة عبر تجاوز الخطوط الحمراء للأمن القومي لدولة عربية كبيرة هي مصر».
في الأثناء، أكد تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، مساء أمس، على تلويح مصر بتعليق اتفاق السلام مع إسرائيل، في حال اجتياح الجيش الإسرائيلي مدينة رفح، وعبور موجة من الفلسطينيين الحدود.
وحسب مسؤول غربي بارز تحدث إلى الصحيفة الأمريكية، فإن المسؤولين المصريين حثوا نظراءهم الغربيين على إبلاغ إسرائيل بأنهم يعتبرون أي تحرك لإجبار سكان غزة على العبور إلى سيناء بمثابة انتهاك من شأنه أن يعلق فعلياً معاهدة السلام لعام 1979.
ووصف مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون الرسالة المصرية بأنها كانت واضحة ومباشرة، قائلين: «هددت مصر بتعليق المعاهدة إذا دفع الجيش الإسرائيلي سكان غزة إلى مصر بشكل مباشر».
وقال مسؤول إسرائيلي إن الحكومة المصرية كررت هذا التحذير لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأربعاء الماضي، عندما التقى بلينكن الرئيس عبد الفتاح السيسي في القاهرة.
(وكالات)