يشهد العالم الآن تحولاً واعتماداً متزايداً على التكنولوجيا بشكل عام، وفي قلب هذا التحول الذكاء الاصطناعي الذي تَظهر تطبيقاته في العديد من القطاعات، لا سيما قطاع الرعاية الصحية.
وترى منظمة الصحة العالمية أن أدوات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تُحدث تحولاً جذرياً في قطاع الصحة، وأكبر دليل على ذلك رقاقة الدماغ من شركة نيورالينك التابعة لرجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك.
وقال ماسك في منشور على منصة التواصل الاجتماعي إكس «تُظهر النتائج الأولية رصد زيادة الخلايا العصبية على نحو واعد».
شريحة الدماغ المثيرة للجدل
زُرعت هذه الرقاقة بنجاح داخل دماغ إنسان لأول مرة في تاريخ البشرية في أواخر شهر يناير كانون الثاني هذا العام، لمساعدة الذين يعانون من إصابات موهنة أو شلل على التفاعل مع الهواتف الذكية أو الحواسيب بمجرد التفكير.
في مايو أيار الماضي، أعلنت الشركة حصولها على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية لإجراء تجارب سريرية على البشر، وصرحت بنيتها تجنيد مرضى يعانون من الشلل لإجراء هذه التجارب السريرية.
مخاوف القطاع الطبي من تأثيرات الذكاء الاصطناعي
بلغ حجم سوق الصحة الرقمية العالمية 353 مليار دولار في عام 2022، ويتوقع أن يصل حجم السوق إلى 1.03 تريليون دولار بحلول عام 2028.
وعلى الرغم من ذلك، هناك مخاوف من هذا النمو وآثاره على القطاع الطبي.
ففي أكتوبر تشرين الأول من عام 2023 دعت منظمة الصحة العالمية إلى توخي الحذر عند استخدام الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، لأن استخدام هذه التقنيات دون فهم كامل لكيفية أدائها قد يضر المستخدمين، سواء كانوا مقدمي الرعاية الصحية أو المرضى.
وعلق الرئيس التنفيذي لشركة جي إي هيلث كير، إيلي شايو، لـ«CNN الاقتصادية» على هذا التحذير، قائلاً «أعتقد أن هذا التحذير ينطبق على أي تكنولوجيا جديدة، إذا لم تستخدمها بالشكل الصحيح فستكون هناك عواقب، وهنا حياة المريض تكون على المحك، لذلك إذا لم تكن قادراً على تفسير النتائج بالطريقة الصحيحة بناءً على البيانات الحقيقية والبيانات السريرية، فقد تصل إلى القرار الخاطئ».
معرض ومؤتمر الصحة العربي
في معرض ومؤتمر الصحة العربي الـ49 الذي أقيم في دبي مؤخراً، كشف العديد من عمالقة قطاع الرعاية الصحية عن أحدث ابتكاراتهم، ومن بين هذه الشركات كانت جي إي هيلث كير، التي عرضت 19 ابتكاراً مدعوماً بالذكاء الاصطناعي.
يعتبر هذا المعرض من أبرز الفعاليات المخصصة لقطاع الرعاية الصحية على مستوى العالم، ويوفر منصة تهدف إلى معالجة التحديات العالمية في قطاع الرعاية الصحية.
ويمكن للشركات استعراض ابتكاراتها وتعزيز انتشارها التجاري، وشهد المؤتمر عام 2023 صفقات بنحو 1.81 مليار دولار وسط توقعات بزيادتها هذا العام.
ومن أبرز ابتكارات هذا العام كان نظام (سكنا جامبيون) التابع لشركة جي إي هيلث كير، الذي يعمل بمساندة الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تمكين فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي بشكل أسرع وأكثر دقة.
وقال شايو «تمكنا من إجراء فحص للقلب بالرنين المغناطيسي بنبضة واحدة، ما يعني أن الحركة لم تعد تهم في الأشعة الطبية، لأنه في حال حدوث حركة يجب إعادة الفحص، لذلك من خلال التعلم العميق والذكاء الاصطناعي، تمكنا من إجراء تصوير للقلب بالرنين المغناطيسي بنبضة واحدة فقط».
وأضاف شايو «كانت جي إي هيلث كير في الطليعة لتحسين تصوير الرنين المغناطيسي للقلب».
تاريخ التكنولوجيا في القطاع الطبي
في العصور الحجرية، سخر الإنسان ذكاءه لتحويل الحجر إلى أدوات طبية كالسكاكين والمناشير، واستخدمها للجراحة وبتر الأعضاء ونقب الجمجمة.
وفي عام 1816، اخترع الطبيب الفرنسي رينيه لينيك السماعة الطبية، ويُنسب الفضل إلى هذه الأداة الطبية في تحسين تشخيص العديد من الأمراض، وكانت السماعة الطبية تُصنع من أنبوب خشبي وأُدخل عليها العديد من التعديلات لزيادة كفاءتها.
بينما اخترع فيلهلم كونراد رونتجن في عام 1895 الأشعة السينية، التي اكتشفها لأول مرة أثناء اختباره الأشعة المهبطة وقدرتها على المرور عبر الزجاج، ثم تعلم أنها تستطيع اختراق اللحم البشري أيضاً.
كان لهذا تأثير في القطاع الطبي لأن الأطباء يمكنهم الآن رؤية ما بداخل جسم الإنسان دون الحاجة إلى جراحة.
واليوم، في العصر الرقمي، يعتمد الإنسان على الذكاء الاصطناعي والروبوتات في القطاع الطبي، فمثلاً تم إجراء أكثر من 600 ألف عملية جراحية بمساعدة الروبوتات في الولايات المتحدة في عام 2022، ومن المتوقع أن ينمو هذا الرقم إلى مليون بحلول عام 2028.
يذكر أن التكنولوجيا المتطورة أنقذت بالفعل حياة ملايين الأشخاص، مثل أجهزة تنظيم ضربات القلب وأجهزة مراقبة ضغط الدم والمعدات الطبية للإنعاش القلبي الرئوي والطابعات ثلاثية الأبعاد وغيرها.