شنت إسرائيل، أمس الخميس، غارات مكثفة على جنوب قطاع غزة، وسط تحذيرات للأمم المتحدة من احتمال تدفق الفلسطينيين من غزة إلى مصر، في وقت حذر حلفاء واشنطن إسرائيل من النتائج «الكارثية» المحتملة لعملية برية في رفح، بالتزامن مع اقتحام الجيش الإسرائيلي لمجمع ناصر الطبي في خان يونس وتحويله إلى ثكنة عسكرية بذريعة البحث عن جثث رهائن إسرائيليين، وسط احتدام المعارك في مختلف أنحاء القطاع.
وتشهد مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة منذ يومين، حركة نزوح عكسية باتجاه وسط القطاع، بعد سلسلة غارات إسرائيلية مكثفة استهدفت المدينة، وتهديد متواصل من القيادات الإسرائيلية بتنفيذ اجتياح بريّ واسع فيها، ما أثار الرعب في نفوس مئات آلاف اللاجئين. وبحسب ما ذكرته وسائل إعلام، أمس الخميس، بدأ آلاف الأهالي من سكان المحافظة الوسطى، بالعودة إلى منازلهم، خشية من عملية عسكرية وشيكة في رفح. وكان هؤلاء قد نزحوا في وقت سابق إلى رفح، بعد نزوحهم من مناطقهم السكنية، التي استهدفها الجيش الإسرائيلي في حينه. كما أن أعداداً أخرى من النازحين من مناطق شمال القطاع بدأت خلال اليومين الماضيين، بالتوجه إلى المحافظة الوسطى أيضاً التي تضم مدينة دير البلح ومخيمات البريج والمغازي والنصيرات.
واقتحم الجيش الإسرائيلي، أمس الخميس مستشفى ناصر في خان يونس بذريعة البحث عن جثث رهائن إسرائيليين، فيما أظهر مقطع مصور نُشر على الإنترنت فوضى وصراخ وأصوات إطلاق نار في ممرات مظلمة امتلأت بالغبار والدخان. وداهمت قوات خاصة إسرائيلية مستشفى ناصر، مدعية أن لديها معلومات موثوقة بأن جثثاً لرهائن احتجزوا يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول قد تكون موجودة في المستشفى. وقالت سلطات الصحة في القطاع إن إسرائيل أجبرت النازحين وعائلات الطواقم الطبية الذين لجأوا إلى مستشفى ناصر على الخروج، وإن نحو ألفين وصلوا إلى مدينة رفح جنوب غزة خلال الليل بينما اتجه البعض شمالاً إلى دير البلح في وسط القطاع.
من جهة أخرى، حذّر قادة استراليا وكندا ونيوزيلندا، أمس الخميس، إسرائيل من النتائج «الكارثية» المحتملة لشن عملية عسكرية برية في مدينة رفح. وبينما حضت دول الكومنولث الثلاث في بيان مشترك نادر من نوعه حكومة بنيامين نتنياهو «على عدم سلوك هذا المسار»، أعرب قادة الدول الحليفة لواشنطن عن قلقهم العميق من الحرب المستمرة منذ أشهر في غزة. وقال البيان إن «عملية عسكرية في رفح ستكون كارثية. نحو 1,5 مليون فلسطيني لجأوا إلى هذه المنطقة… ولا يوجد ببساطة أمام المدنيين أي مكان آخر يذهبون إليه».
وفي السياق، أكد مسؤولون في هيئات إنسانية، أمس الخميس، أن الكلمات لم تعد قادرة على وصف الفظائع في غزة، مشددين على أن الدول، وخاصة إسرائيل، لا يمكنها «إلقاء» المسؤولية عن المذبحة على عاتق العاملين في مجال الإغاثة. وقالت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولجاريك في مؤتمر صحفي في جنيف للدبلوماسيين بشأن الأحداث في غزة: «لقد وصلنا إلى حواجز اللغة ووصف الوضع الإنساني». وأكدت للدبلوماسيين أن بلدانهم مسؤولة عن ضمان الالتزام باتفاقيات جنيف. وأضافت «ليس من مصلحتكم إلقاء هذه المسؤولية على عاتق الجهات الفاعلة الإنسانية». وأكد كريستوفر لوكيير الذي يترأس منظمة أطباء بلا حدود أنه يتفق مع ذلك. وحذر مارتن غريفيث منسق المساعدات بالأمم المتحدة، أمس الخميس من احتمال تدفق الفلسطينيين المكدسين في رفح إلى مصر إذا شنت إسرائيل عملية عسكرية على المدينة الحدودية. وقال غريفيث للدبلوماسيين بالأمم المتحدة في جنيف «احتمال القيام بعملية عسكرية في رفح، مع احتمال إغلاق المعبر (الحدودي)، مع احتمال تدفق (النازحين)… نوع من أنواع الكوابيس لمصر… وهو حقيقة ماثلة أمام أعيننا». وأضاف أن فكرة انتقال الناس في غزة إلى مكان آمن محض «وهم».
إلى ذلك، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، أمس الخميس ارتفاع حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي إلى 28663 منذ بدء الحرب. وقالت الوزارة في بيان لها: «ارتفعت حصيلة الحرب الاسرائيلية إلى 28663 قتيلاً و68395 مصاباً منذ السابع من أكتوبر، ولا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات ويمنع الجيش وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني إليهم».
ومن جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس الخميس، مقتل جندي وإصابة 3 بجروح خطيرة في المعارك الدائرة في جنوب قطاع غزة.
(وكالات)