أسبوع الموضة في باريس.. كيف نشأ هذا الحدث الأهم في عالم الأزياء؟

#أخبار الموضة

سارة سمير
اليوم

يعد أسبوع الموضة في باريس حدثاً مرموقاً، غارقاً في التاريخ والتقاليد الغنية، حيث يجذب عاشقات الموضة والمصممين والعارضات والمؤثرين من جميع أنحاء العالم، فهو بمثابة احتفال بالأناقة يستمر لمدة أسبوع، حيث يعرض المصممون أحدث مجموعاتهم، ويحددون اتجاهات الموسم القادم، ويشكلون صناعة الأزياء بشكل عام. لذا، إليك كل ما تحتاجين إلى معرفته حول أسبوع الموضة في باريس، الحدث الأهم في عالم الموضة والأزياء.

تاريخ أسبوع الموضة في باريس:

أسبوع الموضة في باريس حدث رئيسي في صناعة الأزياء، يقام 4 مرات في السنة، عادةً خلال فبراير ويونيو ويوليو وسبتمبر. وخلال أسبوع الموضة في باريس، يعرض المصممون أحدث مجموعاتهم على المدرج، وتتاح للحاضرين فرصة رؤية أحدث اتجاهات الموضة، والاختلاط مع محترفي الصناعة.

وبدأت محاولات إنشاء أسبوع الموضة في باريس منذ أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، وامتلك المصمم الإنجليزي، تشارلز وورث، شهرة واسعة في عالم الأزياء، حيث كان يجذب عميلاته بعرض القطعة المُصممة، من خلال عارضة أزياء ذات قوام ممشوق، ليقنع بها من ترغب في شرائها، وتشتري من بقية المجموعة من دون مشاهدتها على العارضة.

وبالتوازي مع التفكير الجديد الذي أحدثه وورث، استوحى المصمم الفرنسي، بول بوارت، حيلة جديدة لعرض أزيائه، وهي تنظيم حفل صغير، تُعرض فيه قطع الأزياء المُصممة حديثاً، لعميلاته، ويقنعهن بالعملية الشرائية بشكل أسرع.

ومن هنا جاءت فكرة إنشاء حفل ضخم، يضم العديد من بيوت الأزياء والمصممين الفرنسيين، الذين طلبوا من المدعوين الحضور بأفخم وأرقى الملابس، تحت شعار «لا ملابس فخمة.. لا دعوة.. ولا دخول».

بينما ترجع فكرة إنشاء أسبوع الموضة الحقيقي في باريس إلى عام 1945، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث تم إنشاء «Chambre Syndicale de la Haute Couture»؛ بهدف إعادة فرنسا عاصمةً للموضة في العالم، وهو اللقب الذي كانت تحمله بكل كرامة وفخر قبل الحرب، وترويج الأزياء الفرنسية على نطاق عالمي، والتنافس مع أسابيع الموضة العالمية الأخرى في نيويورك ولندن وميلانو.

وبعد أكثر من عقدين من الزمن، وفي 28 نوفمبر 1973، اتخذ اتحاد الأزياء الفرنسي خطوة جريئة لتنظيم أول أسبوع رسمي للموضة في باريس، أدى هذا الحدث التاريخي إلى تحويل وجه عروض الأزياء، من خلال إخراجها من الحدود الحصرية لدور الأزياء إلى المجال العام. لقد فتحت هذه الخطوة الرائدة عالم الموضة الراقية، الذي كان حصرياً سابقاً، ما مهد الطريق لأسابيع الموضة المتنوعة والشاملة والديناميكية، التي نعرفها اليوم.

وعلى مر السنين، تحول أسبوع الموضة في باريس من حدث مغلق مخصص لنخبة المجتمع إلى مشهد عالمي كبير، يجذب عاشقات الموضة من جميع مناحي الحياة، وقد تطور تدريجياً من حيث الحجم والعظمة، حيث تجاوز كل موسم سابقه من حيث الابتكار والإبداع والتعبير الفني، ولم يكن هذا الحدث مجرد منصة لعرض الأزياء فحسب، بل كان أيضاً منصة انطلاق للمسيرة المهنية للعديد من المصممين البارزين، ومن بين هؤلاء: إيف سان لوران، وكارل لاغرفيلد، وكريستيان ديور، الذين تركت عبقريتهم الإبداعية بصمة لا تمحى في صناعة الأزياء.

أهمية أسبوع الموضة في باريس:

غالباً، يُشار إلى مدينة باريس على أنها «عاصمة الموضة في العالم»، وهو اللقب الذي تستحقه بلا شك، حيث يعتبر أسبوع الموضة في باريس ذروة أسابيع الموضة كافة، والختام الكبير بعد أسابيع الموضة في: نيويورك ولندن وميلانو. وأهمية هذا الحدث تتعدد جوانبها، فمنها قدرته على تحديد اتجاهات الموضة العالمية، وعرض مجموعات كبار المصممين في العالم، وتأثيره العميق في صناعة الأزياء العالمية. وغالباً، تحدد المجموعات التي تظهر لأول مرة على مدارج الأزياء الباريسية الاتجاهات التي ستهيمن على عالم الموضة في الموسم المقبل. ويعد هذا الحدث مقياساً لحالة صناعة الأزياء، حيث يسلط الضوء على المواهب الناشئة، وتقنيات التصميم المبتكرة.

يساهم الحدث، بشكل كبير، في الاقتصاد الفرنسي، ويوفر العديد من فرص العمل، ويعزز الثقافة الفرنسية على نطاق عالمي. بالإضافة إلى ذلك، يعد بمثابة منصة لمعالجة القضايا المجتمعية، حيث يستخدم المصممون في كثير من الأحيان مجموعاتهم كوسيلة للإدلاء ببيانات سياسية، أو رفع مستوى الوعي حول قضايا مختلفة.

أبرز الأسماء المشاركة بأسبوع الموضة في باريس:

لطالما كان أسبوع الموضة في باريس مركز صناعة الأزياء العالمية، حيث يعرض أحدث المجموعات من أرقى بيوت الأزياء في العالم، ومن بين أهم دور أزياء التي تشارك باستمرار في هذا الحدث الشهير:

«شانيل»:

الأولى في القائمة «شانيل». وقد تأسست الدار على يد كوكو شانيل عام 1910، وتشتهر بتصميماتها الخالدة، التي تجسد الرقي والأناقة. ويعد «فستانها الأسود الصغير» الشهير أول فستان «هوت كوتور في التاريخ»، وعطر «شانيل» رقم (5)، بمثابة شهادة على تأثيرها في عالم الموضة.

«ديور»:

أسس الدار كريستيان ديور في عام 1946. واشتهرت «ديور» بتصميماتها الجريئة والباهظة. وقد شكلت اتجاهات الموضة باستمرار على مدار عقود، حيث كانت تصميم الدار واحدة من أكثر مساهماتها الثورية.

«لويس فويتون»:

تم تأسيس هذه الدار العريقة عام 1854، وهي مرادف للرفاهية. اشتهرت هذه العلامة التجارية بأمتعتها المميزة، ومنتجاتها الجلدية. وقد وسعت عروضها لتشمل الأزياء الجاهزة للارتداء، ما عزز مكانتها في عالم الأزياء الراقية.

«جيفنشي»:

تأسست شركة «جيفنشي» على يد هيوبرت دي جيفنشي عام 1952، وكانت بمثابة مزود للأناقة والرقي، وتشتهر «جيفنشي» بأيقونات الموضة، مثل: أودري هيبورن، وتستمر في دمج العناصر الكلاسيكية والحديثة في تصميماتها.

«سان لوران»:

أسسها إيف سان لوران عام 1961، وتشتهر دار الأزياء هذه بتصميماتها الرائدة، مثل: تقديم بدلة التوكسيدو للنساء، وتواصل «سان لوران» تخطي الحدود، وإعادة تعريف الأنوثة في عالم الموضة.

«سيلين»:

تشتهر شركة «سيلين»، التي تأسست عام 1945، بتصميماتها البسيطة والنظيفة، وتعتبر تصاميم «سيلين» بمثابة شهادة على فلسفة «الأقل هو الأكثر»، حيث تصنع ملابس فاخرة، ويمكن ارتداؤها في نفس الوقت.

«هيرميس»:

تأسست شركة هيرميس عام 1837، وبدأت كورشةٍ لعمل أحزمة الملابس، وتطورت منذ ذلك الحين لتصبح واحدة من أفخم دور الأزياء في العالم. وتشتهر «هيرميس» بصناعتها الحرفية العالية الجودة، وحقيبة «بيركين» الشهيرة، وهي مثال للرفاهية البسيطة.

«فالنتينو»:

أسسها فالنتينو جارافاني عام 1960، وأصبح اسم «فالنتينو» مرادفًا للتصاميم الرومانسية والأنثوية. وقد زينت فساتين الدار الحمراء المميزة السجادة الحمراء في الكثير من الفعاليات، لتجسد السحر الخالد الذي تشتهر به «فالنتينو».

«كلوي»:

تشتهر شركة «Chloé»، التي أسسها غابي أغيون عام 1952، بتصميماتها الأنثوية والبسيطة، وتجسد تصميمات «كلوي» المرأة العصرية المتحررة، ما يجعلها عنصراً أساسياً في العديد من خزانات الملابس.

نصائح مهمة عند حضور أسبوع الموضة في باريس:

إذا كنت ستحضرين أسبوع الموضة في باريس، فإليك بعض النصائح؛ لمساعدتك على تحقيق أقصى استفادة من التجربة:

– التخطيط للمستقبل:

يُعرف أسبوع الموضة في باريس بجدوله الضيق المليء بعشرات العروض والحفلات كل يوم. لذا، ابحثي عن الأحداث التي ترغبين في حضورها وتوقيتها ومواقعها، ونظمي يومكِ بفاعلية؛ لضمان عدم تفويت أي عرض مهم.

– الأزياء المناسبة:

أسبوع الموضة في باريس عرض للأناقة والموضة. لذا، تأكدي من ارتداء الملابس المناسبة للفعاليات التي ستحضرينها، وانتبهي إلى قواعد اللباس المدرجة في الدعوات، واهدفي إلى الظهور بمظهر أنيق وعصري.

– الوصول مبكراً:

غالباً، تبدأ العروض التقديمية في الوقت المحدد. لذا، من الأفضل أن تصلي مبكرًا؛ لضمان حصولك على مقعد جيد.

– التواصل الجيد:

يعد أسبوع الموضة في باريس فرصة رائعة للتواصل مع محترفي صناعة الأزياء الآخرين، بمن في ذلك المصممون والمشترون ووسائل الإعلام. لذا، استفيدي من هذه الفرصة؛ لإجراء اتصالات جديدة، وبناء علاقات عدة.

– كوني منفتحة:

أسبوع الموضة في باريس هو عرض لأحدث الاتجاهات والأنماط في عالم الموضة. لذا، كوني منفتحة ومستعدة لتجربة أشياء جديدة، وحاولي حضور العروض التقديمية للمصممين والعلامات التجارية، التي قد لا تكونين على دراية بها، فهذه طريقة رائعة لاكتشاف المواهب الجديدة، واكتساب منظور جديد لهذه الصناعة.

– استمتعي بالتجربة:

تذكري أن تستمتعي بالتجربة، وبجمال المدينة، وإبداع المصممين، وطاقة الجمهور، فأسبوع الموضة تجربة فريدة من نوعها، استفيدي منها إلى أقصى حدٍّ ممكن.