لا صوت يعلو فوق صوت التعويم في مصر، خاصة عقب الإعلان عن تسلم 10 مليارات دولار من صفقة رأس الحكمة، لكن هل ما تقوم به الحكومة المصرية تعويم أم تخفيض؟

تقول رانيا يعقوب، خبير سوق المال المصرية، إن التخفيض هو اللفظ الأسلم اقتصادياً، لأن هناك فرقاً كبيراً بين التعويم والتخفيض، التخفيض جزئي، لكن التعويم هو ترك قيمة العملة تتحدد بناء على قوى العرض والطلب في السوق، فالأصح هو تخفيض.

وأضافت أن تكلفة التعويم الحر لا تستطيعها أي دولة أو اقتصاد، مضيفة «يجب أن يكون هيكل الاقتصاد قادراً على تحمل فكرة التعويم الكاملة ولديه سيولة كبيرة من العملات الأجنبية حتى يتمكن من التجاوب مع الطلبات التي يواجهها، وهذا صعب إلا في بعض الاقتصادات المحدودة على مستوى العالم»، مشيرة إلى أن أغلب الاقتصادات تتحكم في عملتها عن طريق التعويم المدار أو التخفيض الجزئي للعملة.

فهل تكفي المليارات العشرة التي تسلمتها مصر لتخفيض العملة؟

سيكون هذا من الأولويات، فالدولة المصرية تستطيع أخذ قرارات من شأنها تقليل الفروق بين السعرين الرسمي وغير الرسمي للدولار، بحسب رانيا، لكنها استبعدت أن تكون الأولوية الأولى «لأن التحركات في السوق الموازية أغلبها قائم على المضاربة وليس على طلب حقيقي، فللمرة الأولى في مصر يوجد دولار الذهب ودولار الحديد ودولار السيارات ودولار الإسمنت والسلع الكهربائية».

لقد أضحت تحركات سعر الصرف في السوق الموازية تخضع للمضاربة وليست نتيجة طلب حقيقي على العملة، وهذا ليس الهم الأكبر للدولة المصرية، ولكن الأهم هو توفير السلع الأساسية للحد من معدلات التضخم وارتفاع الأسعار المبالغ فيه في بعض السلع.

قطاعات متأثرة

تابعت رانيا أن هناك قطاعات ستتأثر بصفقة رأس الحكمة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فالأموال التي سيتم ضخها وتصل إلى 150 مليار دولار، بحسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، من المتوقع أن توفر ما يصل إلى مليون و500 ألف فرصة عمل في عدة قطاعات بصورة مباشرة، خاصة قطاع السياحة بعد اكتمال المشروع.

وأضافت أن القطاع العقاري وشركات المقاولات وشركات الإسمنت والتشييد والبناء ومصانع الحديد والصناعات المرتبطة بها من أكثر القطاعات المستفيدة من الصفقة، وأيضاً قطاعات المواصلات واللوجستيات والبنية التحتية والطاقة والقطاعات الخدمية والاتصالات.

وأكدت أن هذا سيترتب عليه دعم العملة المحلية، حيث سيرتفع الطلب على الجنيه، ما يحسن قيمته، وسيؤدي أيضاً لتوفر العملة الأجنبية، ما يحقق الهدوء والاستقرار في سوق الصرف.

ورأى المحلل الاقتصادي أحمد معطي أن التعويم الذي تمارسه مصر حالياً هو تعويم مدار حتى هذه اللحظة، فلم يتم بعد تأكيد وجود تعويم كامل، ولا توقيت ذلك.

وأوضح أنه بعد صفقة رأس الحكمة، فإن الاقتصاديين يتساءلون لماذا تقوم الدولة بالتعويم أصلاً في ظل العائد الكبير من هذه الصفقة الذي تصل قيمته إلى 35 مليار دولار، ويتوقع أن تأتي باستثمارات تصل إلى 150 مليار دولار، ما يغطي الفجوة التمويلية لهذا العام التي تتراوح من عشرة مليارات إلى 17 مليار دولار.

وحول توظيف مصر لمليارات رأس الحكمة، أكد أن هناك أولويات، فبعد الإعلان عن الصفقة قال رئيس الوزراء أنه تم ضخ مليار و300 مليون دولار للجمارك للإفراج عن السلع والأدوية، ولم يتم الإعلان عن الباقي لحين وضع آلية لتوظيفه، مشيراً إلى أنه من أولويات الدولة المصرية عدم التخلف عن سداد ديونها.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version