بيروت: «الخليج»
ينتظر اللبنانيون اكتمال اللوائح الانتخابية قبيل انطلاق صفارة السباق إلى اليوم الموعود في 15 أيار/مايو المقبل، فيما تخشى أغلب القوى السياسية من عقوبات تفرضها عليها نتائج الصناديق، وهو ما سيؤدي إلى سقوط الكثير من الشعارات المتعلقة بالتغيير.
ومع بدء شهر رمضان المبارك يبدو أنه لا صوم عن السياسة؛ لأن الحسابات الانتخابية محتدمة، وعمليات تشكيل اللوائح تتواصل بانتظار موعد الانتهاء من تسجيل اللوائح عند منتصف ليل الاثنين في الرابع من الشهر الجاري. وعليه، فإن تصعيد السقوف السياسية سيستمر ويتصاعد بانتظار موعد الاستحقاق في 15 أيار/مايو، فيما تتركز الأنظار على ما بعد الانتخابات والنتائج التي ستفرزها.
ووفق القاعدة اللبنانية، فإنه مع انتهاء تشكيل اللوائح ليل غد الاثنين، يمكن البدء بدراسة الأرقام والنتائج لرسم معالم المجلس النيابي الجديد الذي يُراد منه أن يكون صورة جديدة عن التوازنات السياسية، والمسار الذي ستسلكه البلاد المتخبطة في الأزمات المتوالية وسط عدم بروز أي بوادر إيجابية للوصول إلى اتفاق على الخطة الإصلاحية، سواء بسبب الخلافات المستمرة حول الكابيتال كونترول، أو حول كيفية تحميل الخسائر والجهات التي تتحملها.
وبديهي مع انتهاء المرحلة التحضيرية للانتخابات عبر حسم التحالفات وتركيب اللوائح، أن تحسب الأطراف اللبنانية المتنافسة النصر حليفها في 15 أيار/مايو، إلا أن نظرة واقعية في عمق المشهد الانتخابي تظهر أن كل الأطراف من دون استثناء، في وضع حرج، وتصارع قلقاً جدياً وخوفاً كبيراً من أن تُسقِط صناديق الاقتراع كل الشعارات التغييرية الكبيرة التي رفعتها على مدى السنتين الماضيتين، وتخيب الآمال التي علقتها على استحقاق توعدت أن تُحدث فيه انقلاباً جذرياً في الصورة النيابية والسياسية الراهنة.
وعلى ما هو واضح في عمق المشهد الانتخابي، فإن أزمة الأطراف الحزبية، وعلى وجه الخصوص أصحاب الشعارات الكبيرة، أقل وطأة من أزمة قوى التغيير التي صنفت نفسها ثورية وتغييرية، فالأحزاب تبدو وكأنها اعترفت بمبالغتها في رفع سقف الشعارات والطموحات، ولذلك اتجهت إلى تجييش جمهورها بالشعارات الكبرى ذاتها، إنما لتحقيق هدف أقل تواضعاً وهو المحافظة بأي ثمن، على نسبة التمثيل الحالية في مجلس النواب، علماً بأن بعضها اصطدم باحتمال أن يتراجع تمثيله عما كان عليه في المجلس النيابي الحالي، وفي ذلك بالتأكيد، ضربة سياسية ومعنوية قاتلة، خصوصاً أمام الجمهور الذي جرى إيهامه يوماً بأن التغيير صار في متناول اليد.
وفي المقابل، يتبدّى تشتت «القوى المدنية» الرافعة لواء التغيير، حيث وجدت هذه القوى نفسها في مواجهة مع أحزاب ركبت موجتها منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019، كما في مواجهة مع نفسها وفي تعدد الرؤوس والتوجهات فيها، وهو الأمر الذي حال دون تمكنها من التوحد ضمن لوائح «قوية»، أو لوائح مشتركة قادرة على تحقيق بعض من وعودها التي قطعتها منذ 17 تشرين، وإحداث اختراقات تكسر الواقع القائم.
وفيما المعارك الانتخابية تتجه نحو الاحتدام ينتظر لبنان ما ستفرزه من المتغيرات الداخلية التي سيكون لها صدى إقليمي بفعل التطورات الحاصلة في الخارج، وسط توقعات تشير إلى أن لبنان سيدخل منعطفاً جديداً على الصعيدين السياسي والاقتصادي، فيما يواصل وفد صندوق النقد الدولي لقاءاته مع المسؤولين بحثاً عن خطة متفق عليها وتحظى بموافقته.