شهر رمضان يتميز بطقوس دينية خاصة عند المسلمين في جميع أنحاء العالم، لكن هذا الشهر له تأثير اجتماعي واقتصادي كبير، يبدو واضحاً في قطاع الأغذية.
يتبع المسلمون نمطاً مختلفاً لساعات العمل في شهر رمضان، ما يؤدي إلى «إنتاجية أقل» والمزيد من التجمعات الاجتماعية على وجبتي «الإفطار» و«السحور».
تنخفض الإنتاجية خلال شهر رمضان بنحو 35% إلى 50% بسبب تقصير ساعات العمل، وعدم القدرة على التركيز مع عدم الحصول على الطعام أو الشراب حتى غروب الشمس وقلة ساعات النوم، إنه مثل جميع الاحتفالات الدينية في جميع أنحاء العالم مثل عيد الميلاد، يتم تسويقه تجارياً بشكل كبير؛ وبالتالي فهو فرصة ذهبية لتسويق المنتجات، وفقاً لتقرير شركة الاستشارات «إتش إل بي» الدولية.
ويعد صيام رمضان أحد أركان الإسلام الخمسة، إذ يصوم المسلمون عن الأكل والشرب والتدخين من الفجر إلى المغرب، والهدف الرئيسي وراء الصيام هو التقرب من الله والشعور بحياة الأشخاص الأقل حظاً وتشجيع أسلوب الحياة الصحي.
وتختلف ساعات الصيام من بلد إلى آخر، وذلك حسب خط العرض الذي يقع فيه البلد، وبشكل عام، يفطر الناس عند غروب الشمس، بتناول وجبة «الإفطار»، ويستيقظون قبل الفجر لتناول وجبتهم الثانية «السحور»؛ استعداداً لصيام اليوم التالي.
قطاع الأغذية في رمضان
دائماً ما يرتبط شهر رمضان بالطعام، حيث يقوم تجّار تجزئة المواد الغذائية بتخزين المنتجات قبل شهر على الأقل؛ استعداداً للطلب الزائد، فتقوم محلات السوبر ماركت والهايبر ماركت بمد ساعات العمل حتى منتصف الليل، وتميل إلى تقديم عروض ترويجية وعروض خاصة بشهر رمضان.
ليس من قبيل المصادفة أن الإعلانات على الأطعمة والمشروبات تتزايد بشكل كبير خلال شهر رمضان، على الرغم من أن شهر رمضان هو شهر الصيام، فإن استهلاك الطعام خلال فترة «الإفطار» إلى «السحور» يتجاوز نمط الاستهلاك الطبيعي.
وترتفع فواتير الطعام بنسبة 50- 100 في المئة خلال شهر رمضان، ليس فقط، بل تشير التقارير إلى أن 83 في المئة من الأسر تغيُّر عاداتها الاستهلاكية الغذائية خلال شهر رمضان.
وتشير التقديرات إلى أن استهلاك الغذاء في شهر رمضان يشكل 15% من الإنفاق السنوي على الغذاء.
ومن أكثر السلع استهلاكاً في شهر رمضان التمر والمكسرات والمكسرات المجففة ومنتجات الألبان.
كما يرتفع استهلاك الخبز والدجاج والفواكه المجففة بنسبة 63 في المئة و66.5 في المئة و25 في المئة على التوالي خلال شهر رمضان، مقارنةً بأشهر العام الأخرى.
منتجات الألبان، مثل الزبادي واللبنة، تأتي من بين أعلى المبيعات، وعادةً ما تستعد شركات الألبان لشهر رمضان بعروض مختلفة ومنتجات خاصة لهذا الشهر فقط، يتناول المسلمون منتجات الألبان بعد السحور لتحسين عملية الهضم، ولتجنُّب الشعور بالعطش في اليوم التالي.
ويميل الناس إلى المبالغة في مستويات استهلاكهم الغذائي خلال شهر رمضان، وفي هذا الصدد، يُذكر أن 60 في المئة من الطعام في مصر يذهب هدراً خلال شهر رمضان، وهو ما يتناقض تماماً مع أخلاق رمضان وآدابه.
كما تشهد شركات البيع بالتجزئة والضيافة زيادة حادة في المبيعات، ففي دول مثل الإمارات العربية المتحدة ومصر، تظل غالبية المطاعم والمقاهي مفتوحة حتى منتصف الليل لتناول وجبة السحور.
كما أنه من تقاليد هذا الشهر الكريم، أن الناس يخرجون خاصة بعد الإفطار للتواصل الاجتماعي وتناول الطعام بالخارج والاستمتاع بالسحور مع الأصدقاء والعائلة، وعلى سبيل المثال، في الإمارات العربية المتحدة، أفادت التقارير بأن 46 في المئة يفضلون تناول وجبة الإفطار مرة واحدة على الأقل في الأسبوع بالخارج، و26 في المئة يطلبون توصيل الطلبات خاصة في النصف الثاني من الشهر الكريم، و78 في المئة يخططون لتناول السحور في المقاهي.
وإذا كان رجال الأعمال والمستثمرون المتعاونون مع الشرق الأوسط ينظرون إلى شهر رمضان على أنه وقت الحذر والإنتاجية الأقل، فإنهم ينظرون إليه أيضاً على أنه وقت الفرص، خاصة بالنسبة للصناعات المرتبطة بالأغذية وتجارة التجزئة والضيافة.
عدد ساعات الصيام في رمضان
يفترض أن يبدأ شهر رمضان مساء يوم الأحد، على أن يكون أول يوم صيام يوم الاثنين 11 مارس آذار.
ويعتمد الشهر الكريم على التقويم القمري الإسلامي، وهو أقصر بـ11 يوماً من السنة الشمسية، ولذلك تتغير بدايته بالتبكير كل عام، وفي حين أن عدد أيام شهر رمضان متساوية لدى جميع المسلمين في جميع أنحاء العالم، فإن طول الصيام اليومي ليس كذلك.
وهذا يعني أن أولئك الذين يعيشون في أقصى الشمال عليهم أن يصوموا لفترة أطول بكثير من نظرائهم الذين يعيشون بالقرب من خط الاستواء، أو حتى أولئك الذين يعيشون في نصف الكرة الجنوبي، والذي يميل حالياً بعيداً عن الشمس.
ووفقاً لبيانات موقع «إسلاميك فيندر» نجد أن المسلمين الذين يصومون شهر رمضان في أوسلو سيتعيّن عليهم نظرياً القيام بالصيام لمدة 15 ساعة و15 دقيقة، بينما سيحتاج أولئك الذين يعيشون في جاكرتا بإندونيسيا إلى الصيام لمدة 13 ساعة تقريباً و13 دقيقة.
مع تحرك مواعيد شهر رمضان، يمكن أن يكون هناك اختلاف كبير في مدة الصيام حسب السنة، على سبيل المثال، في عام 2013، حل شهر رمضان خلال ذروة الصيف في نصف الكرة الشمالي، حيث شهدت دول مثل النرويج غروب الشمس لمدة ثلاث ساعات فقط في الليل، وهذا يعني أن المجتمعات هناك واجهت صياماً يصل إلى 20 ساعة.
ويمكن للمسلمين أيضاً صيام شهر رمضان باستخدام الجدول الزمني لمكة المكرمة (13 ساعة و30 دقيقة في عام 2024) أو أقرب مدينة إسلامية لهم.