خاص

الرئيس الأميركي جو بايدن

على الرغم من إشادة الأميركيين باقتصاد بلادهم خلال فترة تولي جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، إلا أنهم يترددون في إرجاع فضل تلك الأوضاع إليه، ما يهدد نجاحه في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في نوفمبر المقبل واستمرار إدارته للبيت الأبيض لفترة ولاية جديدة.

بحسب تقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، فإن استطلاعًا جديدًا أجرته الصحيفة بالتعاون مع “ميشيغان روس”، سلط الضوء على التحديات التي يواجهها الرئيس الأميركي في مواجهة دونالد ترامب في الانتخابات العامة هذا العام، أظهر ما يلي:

  • ما يقرب من نصف الناخبين الأميركيين يعيشون الآن “بشكل مريح” أو قادرون على “تغطية النفقات مع القليل من الفائض”.
  • وصف 30 بالمئة من المشاركين الظروف الاقتصادية العامة في الولايات المتحدة بأنها “ممتازة” أو “جيدة” في شهر مارس، مقارنة بـ 21 بالمئة في استطلاع نوفمبر.
  • ظل معدل التأييد لبايدن في تعامله مع الاقتصاد في مارس ثابتًا مع معدلات نوفمبر، عند 36 بالمئة فقط.

ونقلت الصحيفة عن الأستاذ في كلية روس للأعمال بجامعة ميشيغان، إريك جوردون، قوله: “إنها أخبار سيئة للرئيس بايدن لأن عدد الناخبين الذين قيموه بشكل سلبي على الاقتصاد أكثر من تقييمه بشكل إيجابي.. وما يقلق حملته الانتخابية أن الناخبين المستقلين الذين قد يشاركون بالانتخابات قد قيموا أداءه بشكل أسوأ”.

وتأتي أخبار الاقتراع القاتمة في الوقت الذي يبدأ فيه الرئيس الحالي حملته لإعادة انتخابه بحملة تعتمد جزئيًا على الطفرة الاقتصادية التي شهدتها الولايات المتحدة خلال فترة ولايته.

وأشارت “فايننشال تايمز” إلى عدة مؤشرات اقتصادية، تشير إلى حالة الاقتصاد الأميركي في ظل إدارة بايدن:

  • أن النمو في الولايات المتحدة العام الماضي كان يعد الأقوى بين أي اقتصاد متقدم كبير، في حين انخفض التضخم بسرعة أكبر.
  • لا تزال البطالة بالقرب من مستويات قياسية منخفضة، وأضاف الاقتصاد 275 ألف وظيفة أخرى الشهر الماضي، متجاوزًا توقعات وول ستريت.
  • وصول مؤشر S&P 500 ” ستاندارد آند بورز” إلى مستويات قياسية هذا العام.

“لقد ورثت اقتصادًا كان على حافة الهاوية”، هكذا قال بايدن في خطابه مؤخرًا، مستطردًا: “الآن أصبح اقتصادنا موضع حسد العالم”، كما روج الرئيس لطفرة الاستثمار الرأسمالي في جميع أنحاء البلاد، والتي حفزتها تشريعات مثل قانون خفض التضخم، بحسب فايننشال تايمز.

وأوضحت الصحيفة أن تفاخر بايدن لا يزال يلقى آذانًا صماء، على الرغم من أن ما يقرب من 60 بالمئة من المشاركين في استطلاعها يقولون إن القضايا الاقتصادية مثل الوظائف وتكاليف المعيشة ستكون الأكثر أهمية في تحديد تصويتهم لمنصب الرئيس.

قال إريك جوردون للصحيفة: “لم تؤثر رسائل بايدن ولا البيانات على العديد من الناخبين”.

ووجد الاستطلاع أن التضخم ظل أكبر مصدر للتوتر بالنسبة لـ 80 بالمئة من الناخبين، بانخفاض طفيف فقط عن 82 بالمئة في نوفمبر.

ونبهت “فايننشال تايمز” إلى أن النقطة المضيئة المحتملة لبايدن هي أن المشاركين في الاستطلاع كانوا على الأرجح يلقون اللوم على “الشركات الكبرى التي تستغل التضخم” في زيادات الأسعار خلال الأشهر الستة الماضية، يليها “التأثير الدائم لكوفيد-19”.

وأشارت إلى أن بايدن سعى بشكل متزايد إلى إلقاء اللوم على الشركات في ارتفاع الأسعار، وقام بشن حملة شعبوية على “الرسوم غير المرغوب فيها” كجزء من خطابه أمام الكونغرس أخيراً، كما اتهمت إدارته الشركات باستغلال العملاء من خلال “التضخم الانكماشي” – فرض السعر نفسه على السلع الأصغر أو خدمات أقل.

المؤشرات الاقتصادية

من جهته، قال المستشار السابق بوزارة الخارجية الأميركية، حازم الغبرا، في تصريحات خاصة لـموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الاقتصاد الأميركي يبدو قويًا وفقًا لارتفاع المؤشرات الاقتصادية، لكن تتم مقارنة الوضع الحالي بفترة جائحة كورونا منذ أربعة سنوات، بينما بالنظر إلى السنوات التي سبقت الجائحة نجد أن هناك انخفاضًا بتلك المؤشرات خلال فترة إدارة بايدن.

وأوضح أن المواطن الأميركي لم يعد يرى الوضع الاقتصادي لبلاده اليوم أفضل مما كان عليه منذ أربعة سنوات، بينما في السابق كان أفضل من ذلك، معللًا ذلك بما يلي:

  • القوة الشرائية للدولار الأميركي لم تعد كما كان من قبل، إضافة إلى ارتفاع مؤشرات الاستدانة في ظل ارتفاع معدلات الفائدة.
  • المواطن الأميركي مُستهلك شرِه، وعندما يجد نفسه غير قادر على الاستهلاك بذات المستوى المعتاد عليه يشعر بالانزعاج.
  • معدلات الدين الأميركي مازالت ترتفع، وكل الوعود التي سمعها المواطن في السنوات الماضية بانخفاض مستوى الديون وحل مشكلة ميزانية الحكومة، كانت مجرد وعود على ورق.

وقال إنه على الرغم من أن التضخم بات ملموسًا عالميًا، إلا أنه يعد نقطة ضعف لدى الرئيس بايدن، بعد أن صرح في بداية حكمه بأن هذا التضخم أزمة عابرة سببها جائحة كورونا، وأن المشكلة لن تكن طويلة الأمد وستحل نفسها بنفسها، لكنه خرج بعد بضعة أشهر ليتراجع معترفًا بأن الحكومة لديها مشكلة كبيرة بالتضخم وهناك حاجة لرفع الفائدة والمرور بفترات عصيبة اقتصاديا للسيطرة على هذه المشكلة.

ونوه المستشار السابق بوزارة الخارجية الأميركية، إلى أن بايدن بتلك التصريحات أفقد المواطن الأميركي ثقته بالقدرات الاقتصادية للحكومة، فكان عليه أن يُصارح مواطني بلاده بحقيقة التضخم من اليوم الأول بدلا من تصغير المشكلة التي مازالت قائمة رغم مرور السنوات دون وجود حل لها.

وأكد أن هناك تأرجحا في توجه الفيدرالي الأميركي تجاه سعر الفائدة ما بين الإبقاء عليه أو رفعه، فالحكومة إن لم تكن لديها حلول ملموسة عليها إظهار توجهها السياسي لتبدو قادرة ومستعدة وتفهم المشكلة.

وأشار إلى أنه على الرغم من تراجع المؤشرات الاقتصادية إلى أن هناك نقاطا مضيئة في تعامل بايدن من الاقتصاد الأميركي، وهي:

  • الإدارة الأميركية سيطرت على التضخم أفضل بكثير من السيطرة على ذات الأزمة في أوروبا التي وصل فيها التضخم بين 6 أو 7 بالمئة، بينما أميركا أصبح التضخم في حدود 3 بالمئة، لكن المشكلة لم تحل كاملة في ظل التضخم العالمي الذي لا يمكن كبح جماحه في دولة دون أخرى.
  • تنفيذ عديد من المشروعات المتقدمة التي تلقى استحسانًا من المواطنين، لاستهدافها زيادة حجم التصنيع الأميركي ورفع معدلات فرص العمل والإضافة للاقتصاد الأميركي.

ويشير إلى مشروع بطاريات الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية، وهي صناعات عالية التقنية تلقى قبولا من الشعب الأميركي الذي يأمل أن يكون لدى بلاده القدرة على تصنيع هذه التكنولوجيا وعدم الاعتماد على تصنيعها في دول أخرى منها الصين.

وكذلك مشاريع تصنيع الرقائق الإلكترونية وهناك خطى ملموسة تجاه ذلك، كذلك العمل على صيانة البنية التحتية الأميركية، وتحديدا الموانىء.

وأضاف: “أي مشكلات اقتصادية من شأنها أن تؤثر على صوت الناخب الذي يبني قراره الانتخابي على الوضع الاقتصادي، ويستحيل تغييره من الآن حتى موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر المقبل، فلا يمكن بأي شكل في هذه المرحلة السيطرة بشكل كافٍ على التضخم، وأن يرى المواطن انعكاسًا واضحًا وملموسًا على أسعار المنتجات”.

وأكد أن بايدن يستطيع تبني سياسة أكثر وضوحا للتحكم بالاقتصاد، لكن هذه السياسة إن لم يستطع تنفيذها في الوقت الكافي ولم تكن هناك أدلة ملموسة لها، سينعكس ذلك بشكل سلبي جدا على فرصه الانتخابية.

غياب الشفافية

كذلك أوضح عضو الحزب الديمقراطي مهدي عفيفي، في تصريحات خاصة لـموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أنه بينما الاقتصاد الأميركي قويًا، إلا أن إدارة الرئيس بايدن تعاني عيبًا وحيدًا وهو عدم الشفافية مع المواطنين بتوضيح خططها وبرامجها الاقتصادية.

وقال إنه بالإضافة إلى عدم قدرة إدارة بايدن على توصيل المعلومة للمواطنين، فإنها أضرت بالاقتصاد الأميركي بالدخول في مشكلات خارجية منها الحرب في أوكرانيا ودعم إسرائيل خلال التصعيد في غزة على سبيل المثال، وهو ما جعل المواطن الأميركي يتساءل عن سبب دفعه ضرائب لدعم حروب خارجية.

وأشار إلى أن عددًا كبيرًا من المواطنين تراجعوا عن دعم بايدن، خاصة فئة الشباب، فإن 60 بالمئة من تلك الفئة ترى أن ما يقوم به الرئيس الأميركي وإدارته الحالية غير مقبول، وأن نسبة كبيرة من المستقلين وهي فئة يعول عليها في تحديد نتيجة الانتخابات يرون أن سياساته قد تؤثر على المستقبل الخاص بهم فيما يخص التقاعد والخدمات الصحية، ما يؤكد أنه في مأزق كبير.

وذكر أنه في المقابل المرشح الرئاسي دونالد ترامب يحاول أن يشكك بشكل كبير في كل شيء يقوم به بايدن، في الوقت الذي يذخر فيه بدعم نسبة كبيرة من الشعبويين في الحزب الجمهوري، وهو ما يؤثر على قبول الناخب الأميركي لما يعرضه بايدن من إنجازات.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version