الخليج – متابعات
تزايد التوتر بين واشنطن وتل أبيب بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو موافقته على خطة الجيش لاجتياح مدينة رفح الفلسطينية، متحدياً بذلك المناشدات الأمريكية التي اعتبرتها سابقاً خطأ «أحمر» والمخاوف الدولية المحذرة من كارثة إنسانية في المدينة، مما استدعى الإدارة الأمريكية إلى دراسة خيارات للرد في حالة تنفيذ الهجوم، بحسب مسؤولين فيها، فيما لا تزال تصورات الدولة العبرية بشأن خطة اليوم التالي للحرب تكشف عن تخبطات وانقسامات، بسبب ما رأته حكومة الحرب «خيارات سيئة».
*المخاوف الأمريكية
ونقلت قناة «سي إن بي سي» عن مسؤولين أمريكيين، تأكيدهم أن البيت الأبيض يدرس خيارات حول كيفية الرد الأمريكي، حال شن الجيش الإسرائيلي هجوماً عسكرياً على رفح التي تضم 1.4 مليون فلسطيني، من دون خطة موثوقة لحماية المدنيين الفلسطينيين الذين نزحوا من مناطقهم في الشمال، وباتوا يعانون كارثة إنسانية بسبب قلة المساعدات المتدفقة منذ بدء الحرب.
كما تتخوف الإدارة الأمريكية من أن يؤدي الهجوم الإسرائيلي على المدينة إلى دفع مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى اقتحام الحدود المصرية، وهو ما تعتبره القاهرة تهديداً لاتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل، والتي اعتبرت على مدار أربعة عقود إحدى ركائز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وزاد الإحباط داخل الإدارة الأمريكية والكونجرس بسبب موافقة حكومة نتنياهو على خطة الحرب من دون موافقة الولايات المتحدة عليها والتي طالبت بالاطلاع عليها وبالتخلي عن خطة اجتياح رفح واستبدالها بعمليات نوعية أقرب إلى عمليات مكافحة الإرهاب، وهو ما رفضته تل أبيب مراراً مستمسكة بهدفها القضاء على حركة «حماس» في آخر معاقلها برفح.
* تحذيرات قوية
وصرح السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين عن ولاية ماريلاند لوسائل إعلام: «لذا أعتقد أن هذا يجعل الولايات المتحدة تبدو غير فعالة». وتابع: «أصدر الرئيس بايدن كلمات قوية وتحذيرات قوية بشكل متزايد، لكن أعتقد أنه من أجل تطبيق تلك التحذيرات بشكل فعال، يتعين على الإدارة الأمريكية استخدام الأدوات الأخرى المتاحة لها».
وبحسب صحف أمريكية، يبحث البيت الأبيض اتخاذ موقف أكثر صرامة فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية لإسرائيل، ولم تضع واشنطن أي دعم عسكري لإسرائيل مشروطاً، على الرغم من أن إدارة بايدن فكرت في الأمر. وحددت إدارة بايدن يوم 24 مارس موعداً نهائياً لإسرائيل لتقديم تأكيدات مكتوبة، تليها مراجعة الحكومة الأمريكية، بأن استخدامها للأسلحة الأمريكية يتوافق مع القانون الدولي. وقد يؤدي عدم الامتثال إلى فرض قضية الدعم العسكري وربما دفع التحالف القديم إلى منطقة جديدة.
* هجوم على نتنياهو
وأكد مسؤولون أمريكيون، الجمعة، أنهم لم يروا أي خطط للعملية العسكرية في رفح، كما أنهم لم يروا أي اقتراح لإجلاء المدنيين الفلسطينيين. ونصح مسؤولو الإدارة الحكومة الإسرائيلية بتجنب القيام بعملية عسكرية كبيرة في رفح، والقيام بدلاً من ذلك بمهام أصغر حجماً ومستهدفة لمكافحة الإرهاب، وفقاً لمسؤول في الإدارة، وفق «سي إن بي سي».
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي: «لقد كنا واضحين بشأن الحاجة إلى إعطاء الأولوية لحماية المدنيين».
وتبنى البيت الأبيض تصريحات زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر الخميس التي دعت إلى إجراء انتخابات جديدة في إسرائيل لاستبدال نتنياهو.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي لقناة «إم إس إن بي سي» إن بايدن «يعلم أن المشاعر التي عبر عنها شومر في ذلك الخطاب العاطفي أمس يتقاسمها العديد والعديد من الأمريكيين».
ومن المرجح أن يشجع موقفه التقدميين الذين يريدون رؤيته مدعوماً بتحول حقيقي في السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، وتحديداً استخدام النفوذ من خلال حجب المساعدات، ونقل الأسلحة ما لم تغير حكومة نتنياهو مسارها، وفق «سي ان بي سي».
وأشاد السيناتور بيرني ساندرز، بخطاب شومر، لكنه قال إنه ليس كافياً، ونقلت القناة الأمريكية عن ساندرز قوله: «أعتقد أنها خطوة في الاتجاه الصحيح. ويجب على شعب إسرائيل أن يفهم أنه معزول بشكل متزايد عن بقية العالم.
* خيارات سيئة
وأضاف: «هناك غضب عالمي تجاه حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة التي تسببت فعلياً في تجويع مئات الآلاف من الأطفال في غزة. لا يمكننا الاستمرار في تمويل آلة حرب نتنياهو».
من جهة أخرى، لا تزال الرؤية الإسرائيلية لليوم التالي للحرب على غزة يشوبها الانقسام، إذ تحدث وزير الدفاع يوآف غالانت، عن 4 خيارات «سيئة» حول مستقبل غزة خلال المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن السياسي الذي شهد تجاذباً بين عدد من الوزراء.
ورتب غالانت بحسب الإعلام الإسرائيلي الخيارات الأربعة من الأسوأ إلى الأقل سوءاً، مشيراً إلى أن الأسوأ هو بقاء «حماس» في السلطة عقب الحرب. ورأى غالانت أن ثاني أسوأ خيار هو اضطرار إسرائيل لفرض نظام حكم عسكري على القطاع، لكنه سيُكلف إسرائيل الكثير من أرواح جنودها، إلى جانب خسارة موارد وطاقات كبيرة.
والخيار الثالث وهو أقل سوءاً من السابقين، وهو أن تشهد غزة حالة فوضى تدفع المجتمع الدولي لبذل موارد طائلة فيه، وتقوده نحو الانشغال المفرط بالقطاع.
أما الخيار الأخير، وهو من وجه نظر جالانت الأقل سوءاً، هو حكم غزة بواسطة كيان آخر محلي غير «حماس»، وهو ما رفضه وزراء إسرائيليون بشده رأوا فيه الاستعانة بالسلطة الفلسطينية في حكم القطاع. وتابع غالانت: «كل من يقول لا من دون أن يأتي ببديل آخر، فإنه يختار أحد الخيارات الثلاثة الأخرى، من يدفع الثمن اليوم بسبب غياب القرار السياسي في هذا الصدد هم جنود الجيش».
