أبهر التقدم السريع الذي أحرزه الذكاء الاصطناعي خلال العامين الأخيرين العالم أجمع، فبفضل هذه التقنية بات العالم على مشارف ثورة تكنولوجية هائلة، ستغيّر نمط الحياة التي اعتاد عليها البشر بشكل تام.
والتقدم المستمر الذي يحققه الذكاء الاصطناعي، وتحديداً الذكاء الاصطناعي التوليدي، لم يكن ليتحقق لولا التقنيات التي توفرها شركة إنفيديا، بصفتها رائدة في طرح منتجات وحلول، تساهم في نقل التغييرات التي يعد بها الذكاء الاصطناعي التوليدي، من حلم إلى واقع ملموس.
فشركة إنفيديا الأميركية تنتج واحداً من أكثر السلع قيمة في عالم التكنولوجيا حاليا، حيث تحوّلت رقائقها المخصصة لتشغيل الذكاء الاصطناعي إلى المنتج الرئيسي المطلوب من أكبر الشركات التقنية والصناعية في العالم.
وهذا ما ساهم في ارتفاع قيمة سهمها بنسبة تفوق 250 بالمئة منذ عام وحتى اليوم، لتتجاوز القيمة السوقية لإنفيديا، حاجز الـ 2.3 تريليون دولار، وتصبح ثالث أكبر شركة قيمة في العالم.
شخصيات الذكاء الاصطناعي نابضة بالحياة
إطلاق إنفيديا العنان لتقنياتها في عالم الذكاء الاصطناعي لا يقتصر فقط على الرقائق الإلكترونية، بل يمتد ليشمل تقنيات أخرى متطورة، تهدف من خلالها الشركة إلى توسيع هيمنتها على السوق.
وأعلنت إنفيديا خلال فعاليات مؤتمرها الخاص للذكاء الاصطناعي 2024 GTC، الذي عقدته في مارس الجاري، أن مجموعة واسعة من الشركات بات بإمكانها التقدم لاستخدام “التقنيات الرقمية البشرية” التي تنتجها، والتي تجعل شخصيات الذكاء الاصطناعي الرقمية نابضة بالحياة، بما يجعل بدوره تفاعلاتها تبدو حقيقية ومشابهة للبشر.
و”التقنيات الرقمية البشرية” من إنفيديا مؤلفة من ثلاثة عناصر، هي Avatar Cloud Engine (ACE) و NeMo وRTX، حيث تقول الشركة الأميركية، إن هذه التقنيات هي اللبنات الأساسية التي تمكن المطورين من إنشاء نماذج بشرية ذكية افتراضية، قادرة على القيام بتفاعلات وإجراء محادثات واقعية.
وقال الخبير في التحول الرقمي رودي شوشاني، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن “التقنيات الرقمية البشرية” التي أطلقتها إنفيديا ستغير طريقة تفاعل البشر مع الذكاء الاصطناعي، فهذه التقنيات ستجعل الشخصيات الرقمية أو المساعدين الرقميين أكثر فهماً وقدرة على معالجة الأمور، وهذا ما سيساهم في جعل الحديث معها ممتعاً، مشيراً إلى أن هذه التقنيات يمكن استخدامها في قطاعات الرعاية الصحية، والإعلام والخدمات المالية ومتاجر البيع بالتجزئة.
وأضاف شوشاني أن “التقنيات الرقمية البشرية” ستمنح المستشفيات القدرة على إنشاء نماذج بشرية افتراضية، تعمل عبر الذكاء الاصطناعي، تكون مهمتها الاتصال بالمرضى عبر الهاتف، لتنسيق الأمور المرتبطة بالرعاية الصحية المقدمة لهم، إضافة إلى تقديمها تعليمات بشأن كيفية استعداد المريض للجراحة التي سيخضع لها.
كما أن هذه النماذج ستكون قادرة، على متابعة مهام ما بعد خروج المريض من المستشفى، حيث ستوفر معلومات مفيدة ودقيقة، تُشعر من خلالها المريض، أنه يتحدث مع إنسان بالفعل، بحسب شوشاني.
وأضاف شوشاني أن “التقنيات الرقمية البشرية” من إنفيديا ستتيح لوسائل الإعلام إنشاء شخصيات رسومية، ذات تعابير وجه طبيعية، اعتماداً على مرئيات متطورة، حيث يمكن تكليف هذه الشخصيات الرقمية بتقديم نشرة الأخبار وإنشاء محتوى إخباري غني بالمحتوى عالي الجودة، خصوصاً أن التقنيات التي توفرها إنفيديا بإمكانها تشغيل الشخصيات الرسومية المعقدة، وجعلها قادرة على توليد الكلام التحادثي المطلوب لتبدو حقيقية.
وبحسب شوشاني فإن تقنيات إنفيديا الجديدة يمكن أن تساعد العلامات التجارية ومتاجر التجزئة والمصارف على إنشاء شخصيات رقمية يمكنها التواصل مع العملاء، وإقناعهم بشراء بعض أنواع المنتجات.
إضافة إلى ذلك، ستتمكن هذه الشخصيات الرقمية من تنفيذ طلبات المستهلكين عبر الهاتف، لافتاً إلى أن هذه الشخصيات ستكون مختلفة كثيراً عن مفهوم الروبوتات الآلية، الذي كانت تعتمد عليه بعض المؤسسات وتوكله مهمة الإجابة عن الاستفسارات، فما نتحدث عنه الآن هو نموذج بشري رقمي ذكي، يمتلك إمكانات شبيهة بالإنسان، من الناحية التحادثية، وذات جودة أكبر من كل ما رأيناه سابقاً.
تقنيات لإنشاء بشر رقميين
كشف شوشاني في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن “التقنيات الرقمية البشرية” من إنفيديا، التي تسمح بإنشاء بشر رقميين افتراضيين تعتمد على ثلاثة عناصر، هي:
- Avatar Cloud Engine أو (ACE) وهي خدمة سحابية تساعد على إنشاء شخصيات ذكاء اصطناعي مرنة، قادرة على التعرف التلقائي على الكلام، وتحويل النص إلى كلام، وإضفاء الحيوية المطلوبة لتكون شبيهة بتصرفات البشر.
- NeMo وهو نظام أساسي مفتوح المصدر للغة الطبيعية، يساهم في جعل أداء الشخصيات الرقمية الافتراضية قريباً لأداء الإنسان، من حيث التفاعل باللغة الطبيعية.
- RTX وهي مجموعة من التقنيات التي تضفي الواقعية على الشخصيات الرقمية الرسومية، من خلال جعل طريقة تفاعلها سريعة وذات حركات مشابهة لحركات البشر.
ويرى شوشاني أن إنفيديا تعمل على توفير ترقية هائلة، للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي في العالم، وهي تسعى للسيطرة على حصة أكبر في هذه السوق، ليس فقط من ناحية الرقائق، بل أيضاً من ناحية البرمجيات والخوارزميات والأجهزة.
وأضاف أن السؤال الأكبر في ظل هذا التقدم السريع، الذي يحققه الذكاء الاصطناعي هو كيف يمكن الحد من المخاطر الناتجة عنه، فالتقنيات الرقمية البشرية من إنفيديا تتيح بالفعل للمطورين “إنشاء بشر رقميين”، وهذا ما سيكون له تأثير مخيف على دور البشر في العديد من الوظائف مستقبلاً، خصوصاً أن هذه الحلول الجديدة التي قدمتها إنفيديا يمكن استخدامها في العديد من القطاعات الصناعية التي تعتمد على الدور البشري، بدءاً من قطاع الرعاية الصحية وقطاع الخدمات المالية، والبيع بالتجزئة وصولاً لقطاع للمصارف، ما يعني أن ذلك سيتسبب في خسارة البشر لوظائفهم.