على مدى عقود من الزمان، تسابقت الشركات الأميركية للاستفادة من اقتصاد الصين المزدهر. أما الآن، فمسؤولو الحكومة الصينية في وضعية “البيع”، وهي تحوُّل مذهل مقارنة بالسنوات الماضية.
لماذا هذا مهم؟
يدرك الرؤساء التنفيذيون أن البلدين مترابطان اقتصاديًا بشكل يصعب فصمه بسهولة. لكن المدراء التنفيذيين أصبحوا أكثر حذرًا، وهي إشارة خفية ولكنها مهمة على تحول الديناميكيات في قوى النفوذ بين الولايات المتحدة والصين.
ماذا يقولون؟
يصرح كيرت تونغ، المبعوث الأميركي السابق إلى هونغ كونغ، لموقع أكسيوس: “في السابق، كانت الشركات الأميركية هي الطرف الذي يتوسل، قائلة أشياء مثل ‘من فضلكم، اسمحوا لنا بالدخول إلى السوق الصيني”.
ويضيف تونغ، الذي يعمل حاليا في المجموعة الآسيوية: الآن أصبح الأمر أكثر تشبيهًا بـ “أقنعونا بالبقاء”.
وفي وقت سابق الأسبوع الماضي، استضاف الرئيس الصيني شي جين بينغ رؤساء تنفيذيين من شركة التوصيل العملاقة فيديكس FedEx، وشركة تصنيع الرقائق كوالكوم (Qualcomm)، وشركة التأمين الضخمة Chubb وغيرها.
وكانت هذه هي المرة الثانية منذ نوفمبر التي يلتقي فيها شي مع مسؤولين تنفيذيين أميركيين: في الخريف الماضي، تناول العشاء مع مجموعة في سان فرانسيسكو – حيث التقى أيضًا بالرئيس بايدن.
وفي الوقت نفسه، يواصل المسؤولون الأميركيون انتقاد بكين، وهي علامة على استمرار التوترات.
من جانبها، حذرت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين من الإفراط في الإنتاج في الصين والذي “يشوه الأسعار العالمية… ويضر الشركات والعمال الأميركيين”.
هدف الصين الرئيسي مع الرؤساء التنفيذيين: زيادة حماسهم للاستثمار في الصين، حيث يلعب شي دورًا قد يكون غير متوقع في السنوات السابقة، عندما كانت الشركات تتسابق لتحجز مكان لها في الصين.
يقول تونغ، الذي حضر تجمع كاليفورنيا: “الخلاصة الرئيسية – التي هي امتداد لحدث سان فرانسيسكو – هي أن شي جين بينغ استضاف بنفسه الحضور”، وهو ما يخالف تقاليد الاجتماعات التي يستضيفها كبار القادة الآخرين.
ويضيف: “حقيقة أنه بذل جهدًا في التحضير بعناية ودعوة مجموعة من الرؤساء التنفيذيين المهمين حقًا، تُظهر تعمده في محاولة تهدئة المخاوف”.
المشهد الحالي
تراجع تدفق الأموال الأجنبية إلى الصين. لأول مرة على الإطلاق، سحب المستثمرون الأجانب أموالاً من الصين أكثر مما استثمروا فيها خلال فترة زمنية معينة من العام الماضي، وفقًا للبيانات.
وتظهر أحدث البيانات الحكومية أن الاستثمار الأجنبي المباشر انخفض بنسبة 20 بالمئة في الشهرين الأولين من العام، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023.
الغموض يكمن في:
لم يعد الازدهار الذي دام لسنوات هو ما يغري الشركات. تبدو التوقعات الاقتصادية للصين قاتمة حاليًا، حيث يثقل ضعف الطلب وأزمة العقارات على الاقتصاد.
كما أدت المخاوف المتعلقة بالأمن القومي والحملات التنظيمية المفاجئة إلى تقويض الثقة.
يقول مدير صندوق التحوط والمستثمر الشهير كاييل باس لموقع أكسيوس: “كان الأمر سابقًا يشير إلى أن الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ويجب عليك ممارسة الأعمال التجارية هناك'”.
ويتابع: “حسنًا، الآن أظهر لكم شي جين بينغ أنه يستطيع إيقاف الصناعات تمامًا.”
وتقول ويندي كاتلر، وهي مسؤولة تجارية سابقة في إدارة أوباما، إنه في أوقات الازدهار الاقتصادي، أغمضت بعض الشركات أعينها وسلمت التكنولوجيا الخاصة بها إلى الصين … كان هذا هو ثمن البقاء في السوق الصينية، وشعروا أن الأمر يستحق العناء”.
الآن هناك المزيد من الشك: تقول كاتلر، تشغل حاليا منصب نائبة رئيس معهد سياسة مجتمع آسيا، “الشركات متشككة عندما تقول الصين، نحن منفتحون على الأعمال التجارية ثم يتم احتجاز مسؤول تنفيذي كبير في الأعمال ويتم إصدار تشريعات جديدة متعلقة بالأمن القومي”.
خلاصة القول
على الرغم من الصعوبات الحالية، لن تتخلى الشركات متعددة الجنسيات عن الصين تمامًا وبرضاها – وذلك بسبب الآثار الجانبية للروابط الاقتصادية العميقة بين الولايات المتحدة والصين.