تجاوزت أسعار النفط العالمية حاجز الـ90 دولاراً للبرميل خلال الأيام الماضية، ما دفع المحللين إلى توقع ارتفاع الأسعار إلى حافة الـ100 دولار للبرميل، مدفوعة بزيادة التوترات الجيوسياسية العالمية، بالإضافة إلى إبقاء تحالف أوبك+ على سياسة إنتاج النفط المتّبعة لنهاية النصف الأول من العام دون تغيير.

أوصى اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة بمجموعة أوبك+ بإبقاء سياسة إنتاج النفط دون تغيير، على أن تواصل مراقبة التزام الدول الأعضاء بخطط التخفيضات الطوعية.

جاء هذا في أعقاب إعلان أوبك+ في مارس آذار، تمديد تخفيضات الإنتاج الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يومياً حتى نهاية الربع الثاني من عام 2024 لدعم السوق.

وكشف بنك مورغان ستانلي عن توقعاته لسعر خام برنت في الربع الثالث من العام الجاري، إذ رفعها بنحو أربعة دولارات للبرميل إلى 94 دولاراً.

وأرجع البنك السبب في ذلك إلى المخاطر الجيوسياسية، وقال في مذكرة إن درجة المخاطر الجيوسياسية في مناطق رئيسية منتجة للنفط قد زادت في الآونة الأخيرة تبدو واضحة وغير قابلة للجدل.

ويقول بشار الحلبي، محلل أسواق الطاقة لدى شركة ARGUS، في مقابلة مع «CNN الاقتصادية»، إن قرار تحالف أوبك+ الإبقاء على سياسة إنتاج النفط المتّبعة لنهاية النصف الأول من العام دون تغيير، رغم ارتفاع الأسعار ووصولها لحافّة الـ90 دولاراً للبرميل، «يوضح أن أوبك+ تجد أسعار النفط حيثما تريد».

ويضيف الحلبي «الجميع ينظر للاجتماع القادم لتحديد ما إذا كان سعر البرميل سيصل لمعدل 100 دولار للبرميل أم لا، وذلك سيكون نتيجة مباشرة للقرار الذي ستتخذه حينها أوبك+».

ارتفاع أسعار النفط فوق 91 دولاراً للبرميل

ارتفع خام برنت خلال الأسبوع الماضي فوق 91 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ شهر أكتوبر تشرين الأول الماضي، مدفوعاً بمجموعة من العوامل، بدءاً من قيود العرض بما في ذلك قيود «أوبك+»، والطلب القوي، إلى اتساع المخاطر الجيوسياسية، خاصة في الشرق الأوسط، كما أن العديد من أسواق المنتجات المكررة تشهد قوة، حيث حقق البنزين مكاسب كبيرة.

وارتفعت أسعار النفط في التعاملات الآسيوية خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، بعد أن تضاءلت الآمال في أن تؤدي المفاوضات بين إسرائيل وحماس إلى وقف إطلاق النار في غزة وتخفيف التوتر في الشرق الأوسط، فيما صعدت العقود الآجلة لخام برنت 40 سنتاً إلى 90.78 دولار للبرميل، وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 35 سنتاً إلى 86.78 دولار.

وبحسب وكالة الطاقة الدولية، فإنه من المتوقع أن يشهد النصف الثاني من العام الحالي ارتفاعاً في الطلب على النفط خصوصاً مع دخول فصل الصيف، «إذا قررت أوبك+ حينها تغيير سياستها فسيزداد العرض في الأسواق وقد نلاحظ تراجعاً للأسعار أو استقراراً لها».

ويقول راجات كابور، مدير شؤون النفط والغاز في شركة سينرجي للاستشارات، في مقابلة مع «CNN الاقتصادية»، إن قرار لجنة المراقبة الوزارية المشتركة بمجموعة أوبك+ إبقاء سياسة إنتاج النفط دون تغيير حتى منتصف هذا العام أدى إلى وصول أسعار النفط إلى أعلى مستوى لها خلال الأشهر الخمسة الماضية، فيما تسعى أوبك إلى تحسين التزام الدول الأعضاء بتخفيضات الإنتاج هذه، التي يمكن أن تكون بمثابة دعم إضافي لهذا الارتفاع في أسعار النفط.

ويضيف كابور أن سعر النفط الخام الذي يتراوح بين 80 و90 دولاراً للبرميل، وفقاً لمعظم التقديرات، هو نقطة السعر التي تبدو أوبك مرتاحة لها في سعيها إلى تحقيق توازن دقيق بين سعر جيد للنفط واحتمال انخفاض الطلب في حالة ارتفاع الأسعار أكثر من اللازم، «إذ إنه في حالة ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع تكاليف المدخلات على الاقتصاد، يمكن أن تسهم هذه الزيادة في الأسعار في الضغوط التضخمية والتباطؤ المحتمل داخل الاقتصاد، ما قد يؤدي في النهاية إلى انخفاض الطلب على النفط، وهو السيناريو الذي من المرجح أن ترغب أوبك في تجنبه».

ويقول محلل أسواق الطاقة لدى شركة ARGUS، إن أمام تحالف أوبك+ خيارين خلال الاجتماع المقبل في يونيو حزيران، فإما أن تقوم بشطب 2.2 مليون برميل يومياً من الخفض الطوعي المتفق عليه كلّياً، أو تلغي تدريجياً هذا الخفض الطوعي، وذلك لعدم إحداث صدمة في الأسواق قد تؤثر بشكل كبير على الأسواق «وذلك الخيار المرجّح».

ومن المقرر أن تعقد اللجنة الوزارية المشتركة لمجموعة أوبك+ اجتماعها المقبل في الأول من يونيو حزيران 2024 لتحديد مصير تمديد خطط خفض الإنتاج.

التوترات الجيوسياسية لها التأثير الأكبر على أسعار النفط

ويقول الحلبي إن التوترات الجيوسياسية لها التأثير الأكبر على أسعار النفط، «لذلك إذا استمرّت أوكرانيا باستهداف منشآت نفطية روسية، خلافاً لما يريده حلفاؤها، وإذا ما ردّت إيران على استهداف عناصرها بدمشق، فقد يرفع ذلك مستوى المخاطر ويزيد الضغط على الأسعار وقد نقترب من حافّة الـ100 دولار للبرميل».

ويضيف الحلبي أنه «علينا مراقبة تطوّر الأحداث بين أوكرانيا وروسيا وإمكانية استمرار أوكرانيا باستهداف منشآت تكرير نفط روسيا من عدمه، والتقارير الشهرية من منظمة أوبك ووكالة الطاقة الدولية التي تحدد حجم الزيادة والطلب على النفط، بالإضافة إلى تطور الأحداث ومسارها بين إسرائيل وإيران، لتوقع قرارات أوبك+».

وتجتمع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة لدول أوبك بلس عادة كل شهرين، ويمكنها تقديم توصيات لتغيير السياسة، ويمكن بعد ذلك مناقشة التوصيات والتصديق عليها في اجتماع وزاري كامل يضم جميع الأعضاء.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version