القاهرة، مصر (CNN)– أعلنت صناديق سيادية سعودية وقطرية وإماراتية عن ضخ استثمارات ضخمة في مصر خلال الفترة المقبلة في قطاعات وأنشطة اقتصادية متنوعة، وذلك بعد لقاءات حكومية رفيعة المستوى خلال الفترة الماضية لجمع تمويلات واستثمارات تساهم في التخفيف من تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصري. 

وخصصت الدول الخليجية 22 مليار دولار استثمارات وتمويلات لمصر، مقسمة بين 5 مليارات دولار أودعتها المملكة العربية السعودية في البنك المركزي المصري، و10 مليارات أخرى يضخها الصندوق السيادي السعودي، و5 مليارات دولار تعتزم قطر استثمارها في مصر، و2 مليار دولار من صندوق أبو ظبي السيادي لشراء حصص في شركات مدرجة بالبورصة المصرية.

وأجمع خبراء على أن برنامج الإصلاح الاقتصادي طرح فرص استثمارية متنوعة علاوة على سوق استهلاكي ضخم، وقال وائل زيادة المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة زيلا كابيتال، إن هناك اتجاه كبير للمؤسسات والصناديق الاستثمارية الكبرى السعودية والإماراتية لضخ استثمارات بالاقتصاد المصري، في ظل ما يتميز به من العديد من المقومات التنافسية على رأسها أكبر سوق استهلاكي في المنطقة العربية، إضافة إلى ذلك تنفيذ الدولة برنامجا للإصلاح الاقتصادي منذ عام 2016، وضخ استثمارات ضخمة في البنية التحتية ساهمت في حل العديد من المشاكل التي تواجه المستثمرين، ونجحت في توفير فائض من الكهرباء، في الوقت الذي تعاني فيه دول أوروبية من نقص في الطاقة والسلع الأساسية.

وأنفقت مصر 335 مليار جنيه (19.5 مليار دولار) استثمارات في مجال إنتاج الكهرباء خلال آخر 7 سنوات، لبناء 31 محطة إنتاج طاقة كهربائية ومجمع بنبان للطاقة الشمسية ساهمت في تحقيق فائض في الكهرباء 13 ألف ميغا وات في يونيو/ حزيران 2020، بحسب بيانات لمجلس الوزراء.

وأضاف زيادة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن غياب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر منذ فترة طويلة أدى إلى أن الاستثمارات الموجودة بالسوق المحلية أصبحت مغرية، مشيرا إلى أبرز القطاعات التي تحظى بإقبال من الاستثمارات العربية وهي القطاعات الاستهلاكية بوجه عام، وقطاعي الرعاية الصحية والتعليم وتمثل نسبة 70-80% من الاهتمام استنادا على أن مصر سوق استهلاكي ضخم يتجاوز 100 مليون نسمة.

وتابع بجانب ما تم ذكره من مقومات تنافسية للاستثمار في مصر، فإن تخفيض سعر صرف الجنيه أمام الدولار يمثل حافزا مغريا لجذب الاستثمارات الأجنبية لأن الاستمرار بسعر صرف أعلى من قيمته العادلة أثر على جاذبية الاستثمار الأجنبي، ومع التخفيض الأخير أصبحت هناك جاذبية للشركات.

وخفضت مصر سعر صرف الجنيه أمام الدولار بداية من يوم 21 مارس/ آذار تزامنًا مع قرار للبنك المركزي المصري برفع سعر الفائدة بنسبة 1% في محاولة لاحتواء موجة التضخم العالمي والحرب الروسية الأوكرانية، وسجل سعر الدولار 18.19 جنيه للشراء، 18.33 جنيه للبيع في البنك المركزي يوم الثلاثاء.

ويرى وائل زيادة أن استمرار الاهتمام بملف سعر صرف الجنيه ومنح حوافز ضريبية وتسهيل في البنية التشريعية والإجراءات الإدارية أبرز 3 ملفات يجب أن تركز عليها الحكومية المصرية خلال الفترة الحالية لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية بشكل عام.

وجذبت مصر استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 5.9 مليار دولار خلال عام 2020، وبلغ صافي الاستثمار الأجنبي في الربع الأول من العام المالي 2021-2022 حوالي 1.7 مليار دولار، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.

وقال محمد خضير المؤسس والشريك الإداري لمكتب خضير للاستشارات، والرئيس السابق لهيئة الاستثمار، إن صناديق استثمار عربية كبرى في دولتي الإمارات والسعودية، أعلنت عن عزمها ضخ استثمارات في العديد من الأنشطة الاقتصادية بمصر، وذلك نتيجة نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري في طرح فرص استثمارية تجذب استثمارات محلية وعربية وكذلك أجنبية في قطاعات الطاقة والأغذية والصناعة، وخاصة الأخيرة التي ستشهد طفرة بعدما أعلنت الحكومة التركيز على القطاعات الإنتاجية خلال الفترة المقبلة.

وسبق أن نقلت وسائل إعلام، عن عزم يعتزم صندوق أبو ظبي السيادي الاستحواذ على حصص مملوكة للدولة المصرية بشركات مدرجة في البورصة.

ويرى خضير، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن هناك العديد من المزايا التي تغري صناديق الاستثمار العربية والأجنبية للاقتصاد المصري، وأبرزها سوق استهلاكي ضخم بتعداد سكاني 100 مليون نسمة، لا مثيل له في المنطقة، مما يتيح فرصا استثمارية مختلفة أمام المستثمرين لضخ استثمارات وتحقيق معدلات نمو وربحية مرتفعة، متوقعا أن تجذب مصر 10-15 مليار دولار استثمارات عربية خلال الـ3 سنوات المقبلة، استنادًا على ما أعلنته صناديق الاستثمار العربية.

ويفضل رئيس هيئة الاستثمار السابق، أن تتجه الاستثمارات العربية للقطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة، لزيادة الإنتاج المحلي مما يسهم في زيادة الصادرات المصرية، وإحلال الواردات المصرية بديلًا للمستورد الأجنبي مما ينعكس على توفير فرص عمالة وزيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي.

وقال محمد خضير إن مصر منحت العديد من الحوافز بقانون الاستثمار المصري الذي صدر في عام 2017 سواء المتعلقة بالضرائب مثل خصم على الوعاء الضريبي يصل إلى 50% من قيمة المال المستثمر، كما هناك حوافز أخرى متعلقة بأسعار الأراضي وإصدار التراخيص حسب حجم المشروع وأهميته للاقتصاد الوطني.

ووقعت مصر، الأسبوع الماضي، اتفاقية مع السعودية، بشأن استثمار صندوق الاستثمارات العامة السعودي في مصر، للمساهمة في جذب استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار بالتعاون بين الصندوقين في مختلف القطاعات، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والزراعة والقطاعات المالية، كما سبق أن أعلنت الحكومة المصرية عن نجاح صندوق مصر السيادي في جذب وتوجيه استثمارات أجنبية كبيرة الحجم بالشراكة مع مستثمرين استراتيجيين من القطاع الخاص لمصر، بقيمة استثمارات تقدر بأكثر من 2 مليار دولار في المرحلة الأولى.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version