زاد حلفاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من اليمين المتطرف، الضغوط عليه حتى يرفض وقفاً جديداً لإطلاق النار في غزة، مهدّدين بتعريض استقرار حكومته للخطر إذا تراجع عن شن هجوم على رفح.
ومن المقرر أن يصل ممثلو حركة حماس، الاثنين، إلى القاهرة حيث يكثف الوسطاء جهودهم للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار قبل الهجوم الذي تهدد إسرائيل بشنه على رفح، الواقعة على الحدود المصرية، والتي يعيش فيها نحو مليون فلسطيني نزحوا بسبب الحملة العسكرية الإسرائيلية المتواصلة في أماكن أخرى من قطاع غزة.
لكن إسرائيل تقول إن أربع كتائب متبقية من حركة حماس متمركزة في رفح، وإنها ستشن الهجوم بعد إجلاء المدنيين، ومر ما يزيد على ستة أشهر منذ اندلاع الحرب بسبب هجوم حماس المباغت على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
ومع ذلك، إذا تم الاتفاق على وقف لإطلاق النار، فسيتم تأجيل خطط الهجوم لمصلحة «فترة هدوء»، بحسب مصدر مطّلع على المحادثات، وسيتم خلال تلك الفترة إطلاق سراح بضع عشرات من الرهائن لدى حماس مقابل الإفراج عن سجناء فلسطينيين.
- سموتريتش: وقف إطلاق النار «هزيمة مُذلّة»
وحث وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، رئيس الوزراء، أمس الأحد، على عدم التراجع عن الهجوم البري على حماس في رفح، بينما يواجه نتنياهو ضغوطاً من الحلفاء الدوليين لإلغاء خطط الهجوم بسبب خطر سقوط عدد كبير من القتلى المدنيين، وحدوث كارثة إنسانية.
وقال سموتريتش في بيان مصور متحدثاً إلى نتنياهو، إن وقف إطلاق النار سيكون بمثابة هزيمة مُذلّة، وإنه من دون القضاء على حماس فإن «حكومة برئاستك لن يكون لها الحق في الوجود».
وسرعان ما جاء رد فعل وزير الأمن الوطني، إيتمار بن غفير، الذي أعاد نشر تعليق عبر منصة إكس في 30 يناير/ كانون الثاني، خلال جولة سابقة من محادثات وقف إطلاق النار، «تذكير: اتفاق غير مسؤول = حل الحكومة».
ولم يصدر مكتب نتنياهو وحزبه المحافظ ليكود رداً على تعليقَي الوزيرين، ولم يتسنّ حتى الآن التواصل مع متحدث باسمه للتعليق، الاثنين، الذي يوافق عطلة عيد الفصح اليهودي.
لكن بيني غانتس، وزير الدفاع السابق، المنتمي لتيار الوسط والذي انضم إلى حكومة الحرب التي شكلها نتنياهو في أكتوبر/ تشرين الأول، عارض ما ذكره الوزيران، قائلاً إن لإطلاق سراح الرهائن أولوية على الهجوم على رفح.
وأضاف غانتس في بيان، إن رفض اتفاق مسؤول يضمن إطلاق سراح الرهائن سيجرد الحكومة من أي شرعية، نظراً لإخفاقها الأمني في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، واستمرار المطالبات داخل إسرائيل بإعادة الرهائن.
وعلى الرغم من ارتفاع نسبة تأييده في استطلاعات الرأي منذ انضمامه إلى حكومة الحرب، يفتقر غانتس إلى القدرة على إسقاط الحكومة، لأن نتنياهو، بدعم حزبي سموتريتش وبن غفير، يسيطر على 64 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 120.
- احتجاجات تطال نهج الحرب
أثار بن غفير وسموتريتش غضب الولايات المتحدة بسبب تصريحاتهما، وسياساتهما المناهضة للفلسطينيين والداعمة للمستوطنين في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل حتى قبل حرب غزة.
ويمكن لأي من بن غفير، أو سموتريتش، حل الحكومة في حال انسحاب الحزب الذي يتزعمه من حلف نتنياهو، وللحزبين إجمالي 13 مقعداً في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست).
وسيتعين على نتنياهو في تلك الحالة الحصول على دعم من أحزاب أكثر وسطية، أو إجراء انتخابات جديدة، لكن الانتخابات ستشكل خطراً كبيراً على نتنياهو.
وأظهرت عدة استطلاعات تراجعاً حاداً في شعبيته بسبب الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وتشير استطلاعات إلى أن ائتلافه الحالي قد يواجه هزيمة انتخابية مدوّية.
وفي الوقت نفسه، تجري محاكمة نتنياهو باتهامات تتعلق بالفساد، وهي اتهامات ينفيها رئيس الوزراء الأطول بقاء في السلطة، كما يواجه احتجاجات متزايدة تتعلق بالنهج الذي يتبعه في الحرب.
ودمرت الحرب الجوية والبرية التي تشنها إسرائيل، مساحات واسعة من قطاع غزة، وشردت معظم سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، لكن حماس لم تُهزم، فيما لا يزال عشرات آلاف الإسرائيليين نازحين من منازلهم في الجنوب منذ هجوم أكتوبر/ تشرين الأول، وفي الشمال بسبب إطلاق الصواريخ على نحو شبه يومي من «حزب الله» اللبناني.
ولا يزال هناك نحو 130 رهينة في غزة، وأثار شريط فيديو نشرته حماس، الأربعاء، ظهر فيه الرهينة الأمريكي الإسرائيلي هيرش جولدبرج بولين، احتجاجات حول مقر إقامة نتنياهو .
وأشعل متظاهرون النيران، ورفعوا أيديهم المطلية باللون الأحمر، وهم يهتفون «أعيدوهم جميعاً إلى ديارهم»، بينما اشتبكت الشرطة مع بعضهم، ورافقت بن غفير، الذي كان يحضر فعالية في موقع مجاور، وسط حشد من الناس وهم يهتفون قائلين «عار عليك».
وأصبحت عائلات بعض الرهائن تنتقد نتنياهو علناً، واتهمته بالاهتمام بمصيره السياسي أكثر من مصير أحبّائهم، وينفي نتنياهو ذلك بشدة، ويقول إنه يبذل كل ما في وسعه لإطلاق سراح الرهائن، وإن حماس عطلته في الأغلب.