حذّر الرئيس الأمريكي جو بايدن ليل الأربعاء من أنّ الولايات المتّحدة ستتوقّف عن تسليم إسرائيل بعض أنواع الأسلحة، ولاسيّما أنواع محدّدة من القنابل والقذائف المدفعية، في حال شنّت القوات الإسرائيلية هجوماً برياً واسع النطاق على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، فيما أعربت إسرائيل عن غضبها وخيبة أملها من تصريحات بايدن حول وقف إمدادات السلاح، في وقت توقفت مفاوضات هدنة غزة وصفقة تبادل الأسرى في القاهرة على خلفية الوضع الحالي في رفح، واعتبرت إسرائيل أن الجولة الحالية من المفاوضات انتهت وأنها ماضية قدماً في خططها بشأن اجتياح رفح، في حين، أكدت مصر والأردن رفضهما الكامل للعمليات العسكرية في رفح.
وذكر مصدر أمريكي مطلع على مفاوضات القاهرة أنه تقرر وقف محادثات التهدئة بشكل مؤقت بسبب الوضع الحالي في رفح. وغادر رئيس وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز محادثات المفاوضات في القاهرة وعاد إلى واشنطن. وبحسب مصدر إسرائيلي، فإن ذلك يشير إلى «الوضع المعقد» للمفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق، بعد ثلاثة أيام من موافقة حركة «حماس» على مقترح وقف إطلاق النار. وفي وقت سابق أمس، أعلن عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، عزت الرشق، أن وفد الحركة في القاهرة عاد إلى الدوحة، وأن «الدخول إلى رفح واحتلال المعبر كان يهدف إلى تخريب جهود الوساطة»، كما غادر الوفد الإسرائيلي لاحقاً عائداً إلى إسرائيل. وأوضح مسؤول إسرائيلي أن إسرائيل قدمت للوسطاء في محادثات الهدنة في غزة تحفظاتها على مقترح «حماس» لاتفاق إطلاق سراح الرهائن وأنها تعد هذه الجولة من المفاوضات في القاهرة قد انتهت. وأضاف المسؤول أن الوفد الإسرائيلي سيغادر القاهرة وأن إسرائيل ستمضي قدماً في عمليتها في رفح وأجزاء أخرى من قطاع غزة وفق المخطط.
من جهة أخرى، قال بايدن، خلال مقابلة أجرتها معه شبكة «سي إن إن» الإخبارية، ردّاً على سؤال حول السبب الذي دفع إدارته الأسبوع الماضي إلى تعليق إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل إنّ «مدنيين قُتلوا في غزة بسبب هذه القنابل… هذا أمر سيّئ». وأضاف «إذا دخلوا (الإسرائيليون) إلى رفح فلن أزوّدهم بالأسلحة التي استُخدمت في السابق.. ضدّ مدن». وتابع «لن نسلّمهم الأسلحة والقذائف المدفعية التي استُخدمت» حتى الآن في الحرب الدائرة في قطاع غزة. لكنه قال «نحن لا ننأى بأنفسنا عن أمن إسرائيل، بل ننأى بأنفسنا عن قدرة إسرائيل على شنّ حرب في هذه المناطق». وهذه هي المرة الأولى التي يضع فيها بايدن بصورة علنية شروطاً للدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل. وقال جون كيربي المتحدث باسم البيت الأبيض للأمن القومي إن قيام إسرائيل بعملية كبرى في رفح لن يحقق هدف واشنطن وتل أبيب إلحاق الهزيمة بحركة «حماس». وأضاف في مؤتمر صحفي «اجتياح رفح… لن يحقق هذا الهدف».
وفي أول رد فعل من الجانب الإسرائيلي على تحذير بايدن، قال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان لإذاعة إسرائيلية عامة «إنه أمر صعب جدا وتصريح مخيّب للآمال إلى حد كبير يصدر عن الرئيس الذي أعربنا عن امتناننا له منذ بداية الحرب». وأكد مسؤول إسرائيلي أن تهديد بايدن حول تعليق شحنات الأسلحة إلى إسرائيل سيضر بالخطط العملياتية في الحرب، وسيدفع إسرائيل إلى إطلاق «اقتصاد التسلح». واعتبر وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت أنه «لا يمكن إخضاع دولة إسرائيل. سنتمسك بموقفنا، سنحقق أهدافنا، سنضرب حماس، سنضرب حزب الله، وسنحقق الأمن».
ومن جهته، تجنب وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون الإجابة عن سؤال حول ما إذا كانت لندن ستتبع واشنطن وتعلق هي الأخرى صادرات الأسلحة إلى إسرائيل وسط مخاوف من توسيع العملية العسكرية في رفح. وقال: «لدينا إجراءات واضحة للغاية لإصدار تراخيص التصدير، وهي من أكثر الإجراءات صرامة في العالم. نتبعها بعناية شديدة وسنواصل القيام بذلك في المستقبل».
في غضون ذلك، أكدت مصر والأردن، في بيان، عقب لقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمس الخميس، الدكتور بشر الخصاونة رئيس الوزراء ووزير الدفاع الأردني، الرفض الكامل والتحذير من الآثار الإنسانية الكارثية للعمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح، وشددتا على أن هذه العمليات تحرم أهالي غزة من شريان الحياة الرئيسي للقطاع، وتُعطّل المنفذ الآمن لخروج الجرحى والمرضى لتلقى العلاج، ودخول المساعدات الإنسانية والإغاثية. وكالات)