خاص

العمل عن بعد

يوفر العمل عن بعد عديداً من الفرص، لا سيما مع تطور الأدوات الداعمة لبيئة العمل المرن، بما في ذلك التطبيقات التكنولوجية المختلفة، والتي سلطت فترة جائحة كورونا الضوء عليها بشكل كافٍ وشجعت على مزيد من تجارب العمل من المنزل.

والمرأة بشكل خاص استفادت إلى حد كبير بهذا التطور، وقد “عبّر الكثيرون عن آمالهم في أن ثورة العمل عن بُعد ستعود على النساء بفوائد عديدة”، حسب تقرير نشرته صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، شدد على أنه “حتى قبل فترة جائحة كورونا (التي شهدت ثورة العمل عن بعد) كان هذا النمط من العمل يسهل على المرأة العاملة التوفيق بين مسؤولياتها المختلفة”.

وسلط التقرير الضوء على ورقة عمل حول الفجوة في التوظيف بين النساء اللواتي حصلن على شهادات جامعية ولديهن أطفال أو بدون أطفال.

  • تقلصت هذه الفجوة بالنسبة للنساء الحاصلات على درجات علمية في التسويق وعلوم الحاسب خلال العقد الماضي، وهي مهن ووظائف بات فيها العمل عن بعد شائعاً بشكل أكبر.
  • ومع ذلك، كان الاتجاه أقل بين النساء اللاتي حصلن على درجات تؤهلهن للعمل في المدارس أو المستشفيات، وهي الأعمال التي تميل أكثر إلى العمل المباشر (وجهاً لوجه).
  • وحالياً، تعد النساء أكثر عرضة للعمل عن بُعد من الرجال، على الرغم من أن الفجوة الأشد وضوحاً تكمن في نفورهن من الذهاب يومياً إلى العمل.

وبحسب ورقة عمل الحديثة، فإن هذا هو الحال في ألمانيا (أكبر اقتصاد أوروبي)، لكن اللافت هو وجود تفاوت بين الرجال والنساء اللاتي ليس لديهن أطفال أيضاً.

فجوة الأجور

الورقة البحثية ذاتها تشير إلى أن العمل عن بُعد يمكن أن يسهم بشكل أو بآخر في تذليل فجوة الأجور بين الجنسين، من خلال الحد من التضحيات التي تقدمها النساء لتجنب التنقلات الطويلة.

ومع ذلك، لا يزيل العمل عن بعد هذه الفجوة تماماً. وحتى مع إمكانية العمل من المنزل لمدة 5 أيام في الأسبوع، ستظل النساء على استعداد للتضحية بنحو 18 بالمئة من أجورهن للحد من مدة التنقل يومياً بمقدار 45 دقيقة، بينما سيكون الرجال على استعداد للتضحية بنحو 11 بالمئة.

بالنسبة للمرأة العربية، تقول مديرة منظمة المرأة العربية السابقة، السفيرة ميرفت التلاوي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:

  • العمل من المنزل بالنسبة للمرأة أثر بـالإيجاب على إنتاجيتها في الجانبين (الوظيفة والمسؤوليات المنزلية والأسرية المختلفة).
  • تطور أدوات العمل من المنزل فتح قنوات مختلفة أمام الكثيرات، مثل العمل في مجال الأطعمة المنزلية، وهو ما سمح للكثيرات بتحقيق ربح جيد وفي نفس الوقت مواصلة الالتزامات المنزلية.
  • عدم اعتياد الثقافة العربية على فكرة العمل من المنزل بالنسبة للمرأة خلق في البداية عديداً من التحديات أمامهن، فيما تم التعود على ذلك تدريجياً، والتعامل مع عمل المرأة من المنزل بشكل أفضل.

لكنها تشير إلى أن من بين أبرز التحديات في هذا السياق، ما يرتبط بالأجور، ذلك أن “القوانين عادة ما تساوي في الأجور بين الرجل والمرأة وفقاً للمركز الوظيفي، لكنَّ في القطاع الخاص ربما يختلف الأمر بحسب الخدمة المقدمة ونوع الإنتاج”، موضحة أن “المرأة العاملة تحت رحمة السوق” بحسب تعبيرها.

وبالعودة لتقرير الصحيفة البريطانية، فقد أورد بيانات جمعها خوسيه باريرو، ونيك بلوم، وستيف ديفيس من جامعة ستانفورد، كشفت عن أن “النساء يوفرن نحو 12 دقيقة كان من الممكن قضاؤها في التزيين (الماكياج وخلافه)، مقارنة بخمس دقائق بين الرجال”.

ماذا يفعل الرجال والنساء خلال وقتهم الإضافي؟

  • ثمة بعض الأدلة على تغير الموازين داخل الأسرة، ولكن ليس دائماً في الاتجاه الصحيح، بحسب كاتبة التقرير.
  • بينما يخصص الرجال جزءاً أكبر من الوقت المقتصد من الذهاب للعمل لرعاية الأطفال وممارسة الرياضة في الهواء الطلق، تنخرط النساء في الأعمال المنزلية.
  • من المحتمل أن تخلق قدرة الرجال على العمل عن بُعد فرصاً للزوجات.

يقدر فريق جامعة ستانفورد أنه في العام 2021، كان قرابة 1.4 بالمئة من الرجال يعملون عن بُعد بشكل كامل مع قيام زوجاتهم بالعمل وجهاً لوجه (من مقر الشركة)، ولكن خلال الأشهر القليلة الأولى من هذا العام كانت النسبة 2 بالمئة.

كيف يؤثر العمل من المنزل على الإنتاجية؟

طرح التقرير هذا السؤال، مشدداً على أن الذهاب إلى المكتب يعد وسيلة مناسبة لبناء الشبكات وتلقي المساعدة.

وتشير ورقة عمل حديثة أخرى، أعدتها ناتاليا إيمانويل من بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، وإيما هارينغتون من جامعة فرجينيا، وأماند باليس من جامعة هارفارد، إلى وجود تضحيات أشد وطأة بالنسبة للنساء.

  • درس الباحثون الملاحظات المقدمة والواردة من قبل مهندسي البرمجة لدى إحدى شركات البيع بالتجزئة عبر الإنترنت، وقارنوها حسب الجنس والأقدمية.
  • وجدوا أن العمل عن بُعد قلص ملاحظات النساء بنسبة 20 بالمئة أكثر من الرجال، حيث أصبحن أقل ميلاً لطرح أسئلة إضافية. ويبدو أن الذين تلقوا تدريباً في بداية حياتهم المهنية تمتعوا بمزايا لاحقاً، في هيئة زيادة في الرواتب.
  • يكمن التحدي في أن العمل وجهاً لوجه له تأثير على الإنتاجية. فالوقت الذي تقضيه لتقديم المساعدة هو وقت غير مستغل في تأدية مصالحك.
  • وبما أن النساء قدمن ملاحظات بشكل غير متناسب، كانت الآثار عليهن أقوي.
  • يعتقد مؤلفو الدراسة أن النساء واجهن صعوبة في رفض دعوات زملائهن في الفريق طلباً للمساعدة.

العمل المرن

من جانبه، تشير الكاتبة المصرية، عزة كامل، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:

  • العمل من المنزل انتشر منذ بداية جائحة كورونا بشكل كبير، ولكنه استمر بعدها في عديد من المهن، لاسيما فيما يتعلق بالوظائف التي تسمح بإنجاز المهام الموكلة للموظف من خلال الانترنت.
  • بدأت هيئات كبيرة في السماح بنظام ساعات العمل المرنة، وهو ما استمر تطبيقه حتى بعد انتهاء فترات الإغلاق الخاصة بفترة الجائحة، وبالتالي يتم السماح للموظفين بالعمل يوم أو يومين من المنزل، باعتبار أن الهدف الأساسي هو تنفيذ المطلوب في الوقت المحدد.
  • فيما يخص المرأة، هناك بعض الموظفات في مجالات حرفية أو مصنوعات ومشغولات يدوية كن يواجهن مشكلة في تسويق منتجاتهن وقت الجائحة بشكل مباشر، فتوجهوا للتسويق الإلكتروني، وبالتالي عملن على تطوير إمكانياتهن واكتسبن مهارات جديدة، فضلًا عن زيادة حجم الجمهور المستهدف، وهذا أحد الجوانب الإيجابية.
  • هذا الأمر شجع أخريات للدخول في هذه المجالات (ووسع قاعدة العمل الحر من المنزل للكثيرات)، إذ لا يتطلب الأمر منها الخروج من المنزل، بل ستتمكن من الكسب الجيد دون ترك أطفالها، أو التقصير في مهامها المنزلية.

وتوضح أن هذا النمط من العمل من المنزل أو العمل المرن يوفر وقتاً كبيراً بالنسبة للمرأة، من بين ذلك الوقت الذي يتم قضاؤه في وسائل المواصلات ذهاباً وإياباً للعمل، والذي يؤثر على إنتاجية المرأة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version