وتشير الذاكرة العرضية إلى ذاكرة الأوقات والأماكن والعواطف المرتبطة بها، والتجارب الشخصية السابقة التي وقعت في وقت ومكان معينين. وقال المؤلف الأول للدراسة جيمس ديفيز من جامعة كامبريدج البريطانية: “الذاكرة العرضية تختلف عن الذاكرة الدلالية، وهي استرجاع المعلومات الواقعية”. ما الفرق بين الذاكرة العرضية والدلالية؟ الذاكرة الدلالية شبكة من المعرفة والمعلومات (الحقائق والأفكار والمعاني والمفاهيم)، التي يتم اكتسابها على مدار الحياة. وعلى سبيل المثال، فإن الذاكرة الدلالية تحتوي على معلومات حول ما هي القطط، في حين أن الذاكرة العرضية قد تحتوي على ذاكرة محددة حول اللعب مع قط معين. وابتكر العلماء تجارب للتعمق في فهم قدرة الحيوانات على تذكر الأحداث السابقة، ووجدوا أدلة على وجود الذاكرة العرضية لدى كائنات متنوعة مثل الحمام والكلاب. وتشتهر طيور الغرابيات، ومن فصيلتها “القيق الأوراسي” الذي أجريت عليه الدراسة، بالذكاء. وقد أشارت دراسات سابقة إلى أن هذا النوع من الطيور يمتلك ذاكرة عرضية، مما قد يساعده في العثور على الطعام الذي يخفيه. اختبار الذاكرة العرضية لمعرفة ما إذا كانت طيور القيق الأوراسي قادرة على “السفر العقلي عبر الزمن”، عمل الباحثون مع الطيور التي تم تدريبها للعثور على الطعام المخبأ تحت مجموعة من الأكواب. وضع مؤلف الدراسة، صفا من 4 أكواب حمراء متطابقة، وسمح للطيور بمراقبته وهو يضع قطعة من الطعام تحت أحد الأكواب. كان على الطيور أن تتذكر الكوب الذي تم إخفاء الطعام تحته. في الخطوة التالية من التجربة، تم إجراء تغييرات طفيفة على مظهر الأكواب، مثل إضافة ملصقات أو خيوط ملونة، لكنه أخفى الطعام مرة أخرى تحت الكوب ذاته. بالنسبة للطائر الذي يبحث عن طعام، كانت تلك الخيوط والملصقات بمثابة معلومات غير مهمة في البداية، لكن في المرحلة الأخيرة من التجربة، أصبحت تلك التفاصيل الصغيرة الخاصة بزخرفة الكوب مهمة بشكل غير متوقع. تمت إزالة الطعام من الأكواب بعد ذلك، لاستبعاد احتمالية أن الطيور كانت تجد الطعام عن طريق الرائحة فقط. مع ذلك، بعد استراحة مدتها 10 دقائق، كانت الطيور قادرة على تذكر الكوب الذي أخفي الطعام تحته. وقال جوناثان كريستال أستاذ العلوم النفسية والدماغ بجامعة إنديانا بلومنغتون الأميركية، الذي لم يشارك في الدراسة: “توفر هذه الدراسة دليلا قويا على الذاكرة العرضية لدى طائر القيق الأوراسي”. وأضاف أن دراسات مثل هذه، التي تهدف إلى تحديد قدرات الحيوانات على تكوين ذكريات عرضية، مهمة جزئيا بسبب دورها المحتمل في مجال أبحاث الذاكرة البشرية. وتابع: “مرض الذاكرة الكبير هو مرض ألزهايمر، وبما أن أدويته المخصصة للبشر تخضع دائما لاختبارات على الحيوانات، فمن المهم للعلماء أن يكونوا قادرين على التعمق في معرفة ما إذا كانت هذه الأدوية تؤثر بالفعل على نوع الذكريات التي يفقدها المرضى”. وقال: “لا يكفي تحسين الذاكرة فحسب، بل نحتاج إلى تحسين الذاكرة العرضية، والفهم الأفضل لكيفية اختبار الذاكرة العرضية في الحيوانات يمكن أن يساعد في جعل ذلك ممكنا”.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version