انطلقت الخميس الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي، في بكين، وسط حضور عربي واسع وذلك بمناسبة الذكرى الـ20 لتأسيس المنتدى.

المنتدى ينعقد بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والرئيس التونسي قيس سعيّد، إضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط.

مخرجات المنتدى العربي- الصيني

وافتتح الرئيس الصيني شي جين بينغ المنتدى الذي يحظى بأهمية كبيرة، لتنفيذ مخرجات المنتدى العربي- الصيني الذي انعقد في السعودية عام 2022، والإسراع في بناء المجتمعين الصيني والعربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد.

وأكد الرئيس الصيني أن بلاده ستواصل تعزيز التعاون الاستراتيجي مع الدول العربية في مجالي النفط والغاز، ودمج أمن الإمدادات مع أمن الأسواق، وهي جاهزة للعمل مع العالم العربي في مجال البحث والتطوير لتكنولوجيا الطاقة الحديثة وإنتاج المعدات، وستدعم مشاركة المؤسسات وشركات الطاقة المالية الصينية في مشاريع الطاقة المتجددة بالدول العربية، بقدرة تتجاوز ثلاثة ملايين كيلوواط.

وتحتفل الإمارات والصين بمرور 40 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تزامناً مع زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للصين يوم الخميس 30 مايو أيار، وهي الزيارة الأولى منذ توليه رئاسة الدولة.

وتُبرز الزيارة التي جاءت تلبية لدعوة الرئيس الصيني شي جين بينغ أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في شتى المجالات، كما تؤكد هدف الإمارات في ترسيخ جسور جديدة من التعاون مع دول العالم، خاصة بعد زيارة الشيخ محمد بن زايد الأخيرة لكوريا الجنوبية.

تطور العلاقات الإماراتية الصينية

تطورت العلاقات بين الإمارات والصين على نحو سريع منذ بدء العلاقات الدبلوماسية لأول مرة في نوفمبر تشرين الثاني عام 1984، وتكللت بزيارة الرئيس الصيني يانغ شانغكون إلى الإمارات في ديسمبر كانون الأول 1989، ثم زيارة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى الصين في مايو أيار 1990.

كانت هذه الزيارة التاريخية للشيخ زايد بن سلطان هي الأولى من نوعها لدولة خليجية إلى الصين، وقدّمت وقتها الإمارات منحة قيمتها 1.35 مليون دولار لجامعة الدراسات الأجنبية لإنشاء مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية.

وأخذت العلاقات منعطفاً جديداً عقب زيارتين مهمتين، الأولى لرئيس مجلس الدولة الصيني الأسبق ون جيا باو عام 2004، وشهدت توقيع إعلان الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والصين، والثانية للرئيس الصيني شي جين بينغ في 2018، وخلالها وُقعت الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وفقاً لوزارة الخارجية الإماراتية.

وتطورت الشراكة الاستراتيجية الشاملة بعدما زار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الصين عام 2019 عندما كان ولي عهد إمارة أبوظبي، ما عزز العلاقات الثنائية مع احتفال البلدين بمرور 35 سنة على تأسيس العلاقات.

وعلى مدار أربعة عقود من العلاقات المشتركة، وقّعت الدولتان عشرات الاتفاقيات المشتركة تشمل التجارة والاقتصاد والثقافة والسياحة والسفر، والتبادل الاستثماري والتحول الرقمي وغيرها.

التبادل التجاري بين الإمارات والصين

برزت مكانة الإمارات باعتبارها ثاني أكبر شريك تجاري للصين في المنطقة العربية بعد السعودية، والأكبر على الإطلاق عند استثناء تجارة النفط الخام، إذ يعاد تصدير نحو 60 في المئة من التجارة الصينية عبر موانئ دولة الإمارات إلى أكثر من 400 مدينة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

في الوقت ذاته، تُعد الصين الشريك التجاري الأول لدولة الإمارات في تجارتها غير النفطية مع استحواذها على 12 في المئة من إجمالي تجارة الإمارات غير النفطية، وتمتلك حصة قدرها 18 في المئة من إجمالي واردات الإمارات الخارجية.

وتضاعفت قيمة التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات والصين بأكثر من 800 مرة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، لتبلغ نحو 296 مليار درهم (ما يعادل 81 مليار دولار) في عام 2023، ما يمثّل زيادة بنسبة 4.2 في المئة مقارنة بقيمة التجارة غير النفطية للعام السابق، البالغة 77.3 مليار دولار.

وتمثّل أهم السلع التي تصدرها الصين إلى الإمارات أجهزة الإرسال والهواتف، وآلات المعالجة الذاتية للمعلومات، وصناديق النقل والحقائب، بينما تتضمن أهم السلع المصدرة من الإمارات إلى الصين النفط الخام والمنتجات البترولية، وبوليمرات الإيثلين، وخردة النحاس، والألومنيوم الخام.

ومع تنامي التعاون الاقتصادي بين البلدين، من المستهدف أن يصل حجم التبادل التجاري بين الإمارات والصين إلى 200 مليار دولار عام 2030، بحسب وزارة الخارجية الإماراتية.

الاستثمارات الإماراتية الصينية

يمكن اعتبار الإمارات أكبر حاضنة للأعمال الصينية في العالم العربي، إذ بلغ عدد العلامات التجارية الصينية المسجلة في الدولة 6591 علامة، إلى جانب أكثر من 327 وكالة تجارية، كما أن الصين تُعدّ ثالث أكبر مصدر لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في الإمارات، إذ وصل عدد الرخص الاقتصادية الصينية في دولة الإمارات إلى أكثر من 14.5 ألف رخصة عام 2022، بحسب وزارة الخارجية الإماراتية.

ويتعاون البلدان في العديد من القطاعات، بما في ذلك العقارات والبناء، والطاقة، والخدمات اللوجستية، والتمويل، والزراعة، والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، والسياحة، ومجال الفضاء والأقمار الصناعية.

وارتفعت الاستثمارات المتبادلة بين البلدين خلال السنوات الأخيرة لتصل إلى مستوى قياسي قدره 15 مليار دولار عام 2022، بحسب وزارة الاقتصاد الإماراتية، وبين عامي 2003 و2023 بلغ إجمالي التدفقات الاستثمارية الإماراتية إلى الصين نحو 11.9 مليار دولار، مقابل التدفقات الاستثمارية الصينية إلى الإمارات البالغة 7.7 مليار دولار في الفترة ذاتها.

هذا وتعمل في السوق الصينية أكثر من 55 شركة إماراتية، من بينها إعمار العقارية، وأبوظبي للدائن البلاستيكية المحدودة (بروج)، وشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، وبنك الاتحاد الوطني، وبنك أبوظبي الأول، وبنك أبوظبي التجاري، ودناتا، وشركة سيراميك رأس الخيمة، وشركة استثمار التكنولوجيا المتطورة، وشركة الإمارات العالمية للألمنيوم، ومجموعة جميرا، وموانئ دبي العالمية، ومجموعة بالحصا، وشركة مبادلة.

التعاون الثقافي والتكنولوجي

بجانب العلاقات التجارية والاستثمارية، شهد البلدان تعاوناً مشتركاً في مجالات الثقافة والسياحة والتكنولوجيا، وكان أول تعاون ثقافي مسجل بينهما هو تأسيس مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية في بكين عام 1994، بعد أربع سنوات من زيارته التاريخية للصين، والذي أسهم في تعليم آلاف الطلاب اللغة العربية، وعزز نشر المعارف والثقافة الإسلامية.

وفي عام 2019، انطلق مشروع تدريس اللغة الصينية في مئتي مدرسة داخل الإمارات ليكلل التبادل الثقافي بين البلدين، والذي استقطب حتى اليوم أكثر من 71 ألف طالب وطالبة في 171 مدرسة بمختلف إمارات الدولة، بحسب وكالة أنباء الإمارات (وام).

وعلى صعيد التعاون السياحي، تجاوز إجمالي عدد السياح الصينيين مليون زائر في الأشهر العشرة الأولى من عام 2023، ويصل عدد الصينيين الموجودين في دولة الإمارات إلى نحو 350 ألفاً، مع تنظيم أكثر من 210 رحلات طيران شهرياً بين البلدين عبر خطوط الطيران الإماراتية الوطنية.

وفي فبراير شباط 2024، وقّعت الدولتان مذكرة تفاهم لتعزيز نمو الاقتصاد الرقمي وتطوير الفرص الاستثمارية في مجالات البنية التحتية الرقمية والذكاء الاصطناعي والتطبيقات التكنولوجية المتقدمة، بهدف توفير برامج جديدة لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة بقطاعات التكنولوجيا المالية والرعاية الصحية والحلول المتقدمة والتقنيات المبتكرة.

ويأتي التعاون في مجالات الاقتصاد والتنمية والثقافة والتكنولوجيا والتحول الرقمي على رأس الموضوعات المنتظر مناقشتها خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للصين، في إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تجمع الدولتين.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version