أكد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن الجمعة، بأن واشنطن وبكين تعتزمان استئناف المباحثات العسكرية الهاتفية «خلال الأشهر المقبلة»، فيما أشادت بكين بالعلاقات الأمنية بين البلدين الداعمة «للاستقرار».
واجتمع أوستن مع نظيره الصيني دونغ جون على هامش منتدى «حوار شانغريلا» في سنغافورة، في أول محادثات مباشرة ومعمّقة بين وزيري دفاع البلدين منذ 18 شهراً.
والتقى دونغ وأوستن لمدة أكثر من ساعة في الفندق الفاخر الذي يستضيف المنتدى الأمني الذي يحضره مسؤولون دفاعيون من حول العالم وتحوّل في السنوات الأخيرة إلى مقياس للعلاقات الصينية الأمريكية.
وأفاد أوستن بأن المحادثات الهاتفية بين قادة الجيشين الأمريكي والصيني ستستأنف في «الأشهر المقبلة»، وفق نص نشره البنتاغون.
ورحّب بخطط تأسيس «فريق عمل معني بالاتصالات في حالات الأزمات» مع الصين بحلول نهاية العام، وفق البيان.
وبينما وصف المحادثات بـ«الإيجابية»، قال الناطق باسم وزارة الدفاع الصينية وو تشيان للصحفيين إن العلاقات بين الجيشين «توقفت عن التراجع حالياً وتستقر».
وحذّر من أنه لا يمكن لبكين وواشنطن حل جميع المشاكل الثنائية في اجتماع واحد، لكنه شدد على أن «التحدّث أفضل من عدمه».
ويأتي حوار شانغريلا هذا العام بعد أسبوع على تنظيم الجيش الصيني مناورات عسكرية في محيط تايوان وتحذيرها من إمكانية اندلاع حرب للسيطرة على الجزيرة المدعومة من واشنطن بعد تنصيب الرئيس لاي تشينغ-تي الذي وصفته بكين بـ«الانفصالي الخطِر».
ويتصدر ملف تايوان الخاضعة لحكم ذاتي والتي تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها قائمة الخلافات بين البلدين.
وتثير الولايات المتحدة حفيظة الصين بتعميقها العلاقات الدفاعية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، لا سيما مع الفلبين، ونشرها بشكل متكرر سفناً حربية وطائرات مقاتلة في مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي.
وترى بكين في ذلك جزءاً من الجهود الأمريكية المتواصلة منذ عقود لاحتوائها.
وتكثّف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والصين اتصالاتهما لتخفيف حدة التوتر بين البلدين الخصمين النوويين، فيما قام وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بزيارة لبكين وشنغهاي الشهر الماضي.
وكان استئناف الحوار بين الجيشين والذي يعد ضرورياً لمنع خروج النزاعات الأبرز عن السيطرة من بين الأمور التي ركّز عليها.
وعلّقت الصين المحادثات العسكرية مع الولايات المتحدة أواخر عام 2022 رداً على زيارة رئيسة مجلس النواب حينذاك نانسي بيلوسي إلى تايوان.
وتفاقم التوتر بين واشنطن وبكين خلال عام 2023 على خلفية قضايا عدة منها المنطاد الصيني الذي أسقطته الولايات المتحدة في أجوائها، وقالت إنه كان مخصصاً للتجسس، ولقاء عقدته رئيسة تايوان حينذاك تساي إنغ-وين مع رئيس مجلس النواب الأمريكي في حينه أيضاً كيفن مكارثي، فضلاً عن المساعدات العسكرية الأمريكية لتايبيه.
واتّفق الجانبان بعد قمة جمعت الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الأمريكي في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، على إعادة إطلاق المحادثات العسكرية عالية المستوى.
ويشمل ذلك إقامة قناة اتصال بين رئيس قيادة منطقة المحيطين الهندي والهادئ الأمريكي والقادة الصينيين المسؤولين عن العمليات العسكرية قرب تايوان واليابان وفي بحر الصين الجنوبي.
وقعت سلسلة حوادث بين القوات الصينية والأمريكية في الممر المائي المتنازع عليه والذي تطالب به الصين بالكامل تقريباً.
وحذّر أوستن قبل اتفاق بايدن وشي على استئناف الحوار العسكري من أن هذه الحوادث قد تخرج عن السيطرة، خصوصاً في غياب خطوط اتصال مفتوحة بين القوات الأمريكية والصينية.
ويأتي اجتماع الجمعة، بين أوستن ودونغ بعد اتصال هاتفي بينهما في نيسان/إبريل ويعطي الأمل بمزيد من المحادثات العسكرية لتخفيف حدة التوتر.
وكان آخر تواصل مهم لأوستن مع نظير صيني في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 عندما التقى وي فينغي في كمبوديا.
وتم بعد ذلك تعيين لي شانغفو مكان وي. صافح لي الوزير الأمريكي وتحدّث معه خلال حوار شانغريلا في 2023، لكن من دون انعقاد اجتماع رسمي بينهما.
وسيلقي أوستن ودونغ، خطابات نهاية الأسبوع خلال حوار شانغريلا يتوقع بأن يتطرقا خلالها إلى مجموعة من النقاط العالقة بين البلدين.
وتعزز الولايات المتحدة التي تشعر بقلق متزايد حيال التطور السريع لإمكانيات الصين العسكرية تحالفاتها وشراكاتها في المنطقة في مواجهة مساعي الصين المتزايدة للهيمنة على تايوان وبحر الصين الجنوبي.
وأكد أوستن خلال الاجتماع التزام الولايات المتحدة بمبدأ الصين الواحدة، لكنه شدد أيضاً على أنها ستواصل «التحليق والإبحار والتحرّك» في أي مكان يسمح به القانون الدولي، وفق البنتاغون.
ومن المقرر أن يلقي الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس الذي سعى إلى تعميق التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة في وقت يتصدى للتحرّكات الصينية في المياه قبالة الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، خطاباً أثناء منتدى شانغريلا، الجمعة.