تتوالى نذر أزمة كبيرة، تخلط أوراق فرنسا مع بدء العد العكسي للانتخابات التشريعية المبكرة، وسط مخاوف من أن هذا الاستحقاق سيضع البلاد على كف عفريت سياسي، مع تصدع القوى التقليدية في اليمين ويسار الوسط. وبينما حذر الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي من فوضى محتملة، فاجأ الرئيس السابق فرانسوا هولاند، الرأي العام بإعلان الترشح للانتخابات البرلمانية ضد اليمين المتطرف، وضد مرشحي وزيره السابق للاقتصاد، والرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، في سابقة من نوعها في التاريخ السياسي الفرنسي. وتوقع استطلاع رأي أجرته شركتا «ذا أوبينيون واي» و«فاي سوليس» لصالح صحيفة «ليز إيكو» وإذاعة «راديو كلاسيك» أن يتصدر حزب التجمع الوطني، من اليمين المتطرف الذي تقوده مارين لوبان، الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية بنسبة 33 بالمئة من الأصوات متقدماً على الجبهة الشعبية، التي تضم تحت مظلتها أحزاباً منتمية إلى تيار اليسار، لتحصد 25 بالمئة من الأصوات. وحصول أحزاب تيار الوسط المنتمي لها ماكرون على 20 بالمئة. وبحسب استطلاع أجراه «إيلاب» لشبكة «بي إف إم تي في» وصحيفة «لا تريبيون»، أمس، فإن واحداً من كل ثلاثة فرنسيين يرغب في فوز حزب التجمع الوطني، وواحداً من أربعة فوز تحالف اليسار وواحداً من خمسة لحزب «النهضة» الذي أسسه ماكرون.

وبعد أسبوع على قرار ماكرون المفاجئ بحل الجمعية الوطنية، تعرف الفرنسيون، أمس الأحد، على لوائح المرشحين للانتخابات التشريعية المقبلة التي توصلت إليها الأحزاب بعد مفاوضات وتحالفات وانشقاقات أحدثت انقلاباً حقيقياً في المشهد السياسي في البلد.

وقدم المرشحون للاقتراع في 577 دائرة انتخابية فرنسية ترشحهم للدورة الأولى المقررة في 30 يونيو. وستنظم الدورة الثانية في 7 يوليو.

في غضون ذلك، حذر الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي من أن القرار المفاجئ لماكرون بحل الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة ربما تكون له آثار معاكسة ويدفع البلاد نحو الفوضى. وجاء في تقرير بصحيفة «لا جورنال دي ديمانش» أن ساركوزي قال إن الفوضى المحتملة الناجمة عن حل الجمعية ربما يصعب الخروج منها. وتولى ساركوزي المحافظ رئاسة البلاد من 2007 إلى 2012 ويظل شخصية سياسية مهمة.

وقال ساركوزي «إعطاء الكلمة للشعب الفرنسي للتعبير عن نفسه كمبرر لحل (الجمعية الوطنية) حجة غريبة، لأن هذا بالضبط ما فعله أكثر من 25 مليون فرنسي في الانتخابات»، في إشارة إلى الانتخابات الأوروبية في التاسع من يونيو. وتربط ساركوزي علاقات ودودة مع ماكرون. وأضاف ساركوزي «الخطر كبير من إثارة المزيد من الغضب بدلاً من التهدئة».

وفي مفاجأة غير مسبوقة، قدم الرئيس الاشتراكي السابق فرانسوا هولاند، ترشحه للانتخابات التشريعية المبكرة. وقال هولاند، في تصريح للصحافة، تعليقاً على هذا القرار غير المسبوق في التاريخ السياسي لفرنسا «في ظرف استثنائي، قرار استثنائي».

وقرر هولاند تقديم ترشيحه في مقاطعة كوريز جنوب غرب فرنسا، معتقداً أن «الوضع خطير» مع احتمال فوز حزب التجمع الوطني، المنتصر في الانتخابات الأوروبية في 9 يونيو الجاري. ويترشح هولاند تحت ألوان الحزب الاشتراكي كجزء من الجبهة الشعبية الجديدة، وهي تحالف يساري تشكل في سياق صعود اليمين المتطرف في فرنسا.

وهذه هي المرة الأولى في فرنسا التي يترشح فيها رئيس دولة سابق للانتخابات التشريعية، بعد وصوله إلى أعلى منصب. وجرت العادة في فرنسا أن يصبح رؤساء الجمهورية بحكم مناصبهم أعضاء في المجلس الدستوري بعد انتهاء ولايتهم في الإليزيه. (وكالات)


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version