انتزع رئيس الوزراء الهولندي المنتهية ولايته، مارك روته، الخميس، الفوز في السباق ليصبح الأمين العام المقبل لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، في وقت بالغ الأهمية بالنسبة للحلف، خلفاً للنرويجي ينس ستولتنبرغ، بعد انسحاب منافسه الوحيد، الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس.
ومن المتوقع أن تتم تسمية السياسي الهولندي المخضرم البالغ من العمر 57 عاماً رسمياً من قبل دول الناتو البالغ عددها 32 دولة في الأيام المقبلة، ومن المقرر أن يتولى منصبه عندما تنتهي فترة ولاية الأمين العام الحالي، ينس ستولتنبرغ في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
- تحرك دبلوماسي
وسرعان ما حصل روته، الداعم القوي لأوكرانيا، على تأييد الدول ذات الثقل، مثل الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا. لكن كان عليه أن يستخدم كل المهارات الدبلوماسية التي اكتسبها خلال ما يقرب من 14 عاماً في قيادة هولندا للفوز على المعارضين بقيادة تركيا والمجر، وفقاً لموقع إنسيدر.
وتغلب روته على التحفظ التركي بزيارة إلى إسطنبول في إبريل/ نيسان، قبل أن يبرم أخيراً، اتفاقاً مع رئيس المجر، فيكتور أوربان، في قمة الاتحاد الأوروبي، هذا الأسبوع. وبعدها أعلن مجلس الأمن الروماني انسحاب يوهانيس رسمياً، ودعم البلاد لروته.
- ترامب يلوح في الأفق
وسيأتي روته في لحظة محفوفة بالمخاطر بالنسبة للحلفاء الغربيين، مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، ومعارك دونالد ترامب لاستعادة الرئاسة في الولايات المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وسيكون لدى روته الكثير من الملفات عندما يتولى زمام الأمور، فبعد أسابيع فقط، من الموعد المتوقع لبدء فترة ولايته البالغة أربع سنوات، سيتوجه الناخبون في الولايات المتحدة إلى صناديق الاقتراع في تصويت حاسم للاختيار بين الرئيس الحالي، جو بايدن ومنافسه دونالد ترامب.
وأثار احتمال عودة الرئيس السابق ترامب إلى المكتب البيضاوي، قلق الحلفاء الذين يخشون من أنه قد يضعف دور الولايات المتحدة باعتبارها الضامن الأمني لأوروبا. وأجج ترامب هذه المخاوف خلال حملته الانتخابية بقوله إنه سيشجع روسيا على مهاجمة دول الناتو، التي لا تنفق ما يكفي على دفاعها.
ومثل ستولتنبرغ، نال روته الاستحسان لتعامله الحذر مع ترامب خلال فترة ولايته الأولى، عندما تردد أنه فكر في سحب الولايات المتحدة من الناتو. وقال ستولتنبرغ خلال زيارة لواشنطن يوم الثلاثاء: «أعتقد أن مارك روته مرشح قوي للغاية.. لديه خبرة كبيرة كرئيس للوزراء. إنه صديق وزميل مقرب».
وفي حين أن عودة ترامب قد تشكل تحدياً كبيراً، فإن روته سيواجه تحدياً أكثر إلحاحاً من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في ظل استمرار الحرب الأوكرانية بعد أكثر من عامين من الصراع الوحشي، وسيكون للأمين العام لحلف شمال الأطلسي دور رئيسي في حشد المساعدات من داعمي كييف المنهكين.
وفي الوقت نفسه، سيتعين على روته التأكد من أن الناتو جاهز للدفاع ضد أي هجوم مستقبلي محتمل، وسيتضمن جزء من ذلك حشد الحلفاء الأوروبيين لإنفاق المزيد على الدفاع، وهو مطلب رئيسي من ترامب، وغيره، من القادة الأمريكيين.
وأعلن حلف شمال الأطلسي (الناتو)، هذا الأسبوع، أن 23 دولة من أصل 32 دولة أعضاء فيه قد حققت هدف الحلف المتمثل في إنفاق 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع.
- «علامة تيفلون»
وسيصبح روته، الذي يطلق عليه اسم «تيفلون مارك» لقدرته على البقاء في السلطة لفترة طويلة في بلاده، رابع هولندي يقود حلف شمال الأطلسي منذ خروجه من ركام الحرب العالمية الثانية لمواجهة الاتحاد السوفييتي.
وألقى المحافظ الذي يهوى الدراجات الهوائية، بثقل بلاده الاقتصادي خلف أوكرانيا في أعقاب الحرب عام 2022، حيث قاد الجهود المبذولة لتسليم طائرات مقاتلة من طراز« F-16» إلى كييف.
وفي حين أن دول الناتو الواقعة على طول الجناح الشرقي للحلف، دفعت من أجل أن تتولى إحداها قيادة الناتو، يصر مؤيدو روته على أنه يدرك تماماً التهديد الذي تشكله روسيا.