يسعى الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إظهار نفسه كـ “زعيم قوي”، وذلك عندما يواجه منافسه الرئيس السابق دونالد ترامب، في المناظرة المرتقبة يوم السابع والعشرين من شهر يونيو الجاري.
ترامب يسعى من جانبه إلى إجراء “استفتاء سريع” على تعامل الرئيس الأميركي مع الاقتصاد ومدى كفاءته في المنصب، بحسب تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” سلط الضوء على الغايات والأهداف الرئيسية لكل من المرشحين في المناظرة، التي من المتوقع أن تحتل فيها ملفات اقتصادية مكان الصدارة.
ترامب الذي اعتاد مهاجمة سياسات بايدن الاقتصادية منذ المنافسة في الانتخابات الرئاسية السابقة، يتطلع إلى الترويج لسياساته وتقديم نفسه كـ “مُنقذ” للاقتصاد الأميركي، متسلحاً باستطلاعات رأي لا تزال تضعه في المقدمة -ولو بفارق نسبي مع بايدن- فيما يخص الثقة في الأداء الاقتصادي، رغم أن عديداً من المؤشرات الاقتصادية خلال السنوات الأربعة الماضية تُحسب لصالح بايدن.
ويُنظر إلى المناظرة التي من المقرر أن تستمر لمدة 90 دقيقة باعتبارها مباراة أولى حاسمة لجزء كبير من المشهد قبل معركة الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، وهي مباراة استثنائية ومختلفة، لجهة أن المتنافسين شغلا منصب الرئيس بالفعل من قبل، ولكل منهما سياساته “المُجرّبة” عملياً، لا سيما فيما يخص المشهد الاقتصادي.
وأمضى كلا الفريقين (فريق بايدن وفريق ترامب) الأسابيع الماضية في العمل على ضبط رسالتهما بشأن مجموعة واسعة من القضايا، من الاقتصاد إلى الشؤون الخارجية إلى لياقة منافسيهما للمنصب.. فمن يستطيع أن يربح المباراة الأولى؟
القضايا الاقتصادية
في هذا الشأن، تقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في القاهرة، الدكتورة نهى بكر، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن:
- توقعات الناخبين في الانتخابات الرئاسية غالباً ما تتنوع بشكل كبير، ودائماً ما تظهر القضايا الاقتصادية بقوة في المناظرة بين المرشحين الرئاسيين.
- من بين القضايا الاقتصادية الرئيسية التي من المحتمل أن تكون محور النقاش؛ هي: معدلات البطالة، وظروف العمل، إذ ستكون محور اهتمام، جنباً إلى جنب مع السياسات الاقتصادية لخلق فرص العمل، وتعزيز النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى التجارة الدولية، والنزاعات التجارية.
- من المتوقع أن يتم التطرق إلى استراتيجية الاتفاقات التجارية، والعلاقات الدولية التجارية للولايات المتحدة، بما في ذلك التحديات مع الصين، والاتفاقات التجارية الدولية الأخرى.
- يأتي ذلك بجانب الضرائب والسياسة المالية العامة.. من المتوقع أن تكون خطط الضرائب والإنفاق، والديون الحكومية جزءاً مهماً من المناظرة، بينما تختلف السياسات بين المرشحين بشأن كيفية إدارة الموارد المالية للبلاد.
وتضيف: هذه القضايا قد تكون بعضاً من المواضيع الرئيسية التي يناقشها ترامب وبايدن خلال المناظرة، مما يعكس تحديات وفرص الاقتصاد الأميركي في الوقت الحالي.
ومن المتوقع أن تكون مناظرة بايدن وترامب مختلفة بشكل أوسع عما عهده الأميركيون من مناظرات رئاسية تقليدية، كان آخرها بين المرشحين نفسيهما قبل 4 سنوات.
وتظهر استطلاعات الرأي منافسة قوية ومتقاربة بين الديمقراطي بايدن (81 عاما) والجمهوري ترامب (78 عاما)، مع وجود شريحة كبيرة من الناخبين لم تحسم رأيها، قبل 5 أشهر فقط من الانتخابات التي ستجرى في الخامس من نوفمبر المقبل.
تصحيح المفاهيم
ونقل تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز” البريطانية، عن أستاذ التاريخ في الجامعة الأميركية، آلان ليختمان، قوله إن المهمة الأولى لبايدن ستكون “إظهار أنه قادر على القيام بالمهام الرئاسية في فترة ولاية ثانية (..) أهدافه الأخرى يجب أن تكون تقديم رؤية لولاية ثانية وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول الاقتصاد الأميركي والتأكيد على المخاطر التي يشكلها دونالد ترامب على سيادة القانون والديمقراطية الأميركية”، على حد وصفه.
فيما قال أحد كبار مستشاري ترامب، بريان هيوز، في التصريحات التي نقلتها عنه شبكة “سي إن بي سي” الأميركية، إن الرئيس الأميركي السابق يخطط لدفع بايدن بشأن تعامله مع الهجرة والاقتصاد، وهي القضايا التي أكد فريق ترامب أنها نقاط ضعف ملحوظة بالنسبة لبايدن.
ووفق هيوز، فإنه مع “الضرر الذي أحدثه بايدن من خلال التضخم والحدود المفتوحة وضعف السياسة الخارجية، يحتاج الرئيس الأميركي إلى تدريبات مع مستشاريه لإيجاد طريقة ما لشرح هذه الفوضى التي أحدثها بأمتنا”.
تباين كبير
من جانبه، يلفت خبير العلاقات الدولية والشؤون الأميركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور أحمد سيد أحمد، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن المناظرة ستتشكل حول قضايا اقتصادية علاوة على قضية الهجرة؛ خصوصاً أن هناك تبايناً كبيراً بين ترامب وبايدن بشأن معالجة الأزمة الاقتصادية التي تواجهها الولايات المتحدة.
ويوضح أن بايدن سيطرح سياسة اقتصادية -كما جرى في السنوات السابقة- تقوم على فرض المزيد من الضرائب على الشركات الكبرى ورجال الأعمال لتمويل النفقات الاجتماعية المتزايدة لسياساته، وهو مختلف عن ترامب الذي يعتمد على خفض الضرائب وتشجيع الشركات الكبرى، ورجال الأعمال على التوظيف وتوفير فرص العمل، بما في ذلك التوسع الاقتصادي.
وفيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية الحمائية الخارجية، فإن بايدن لا يميل لفرض سياسات حمائية خاصة على السلع، والمنتجات الخارجية، مثل الصينية والأوروبية، على عكس ترامب الذي يرفع شعار المنتجات والسلع الأميركية أولاً، وفرض سياسة حمائية اقتصادية، وضرائب عالية على منتجات الصلب الأوروبية والصينية، والمنتجات الصينية، بحسب خبير الشؤون الأميركية.
ويتابع أحمد: كل ذلك يأتي بجانب قضايا رئيسية مثل الطاقة المتجددة، والقطاع الصناعي وقطاع السيارات الكهربائية، فترامب لا يميل بشكل كبير إلى التوسع في السيارات الكهربائية، ولا توجد لديه حماسة كبيرة لمواجهة التغيرات المناخية (..).
بينما بايدن يدعم السيارات الكهربائية، وفرض حظراً على الصين بشأن الرقائق والبطاريات؛ لكي تصنع في أميركا، وقدم دعماً بخصوص ذلك، فكلما كانت منتجات السيارة مصنوعة داخل أميركا وليست مدخلات صينية، كلما زاد الدعم لها وتخفيض الضرائب.
وبالتالي فإن السياسات الاقتصادية، وفرض الضرائب، وقضية الصناعات، وخاصة السيارات الكهربائية، والسياسات الحمائية الخارجية كل هذا سيكون محور اهتمام كبير، وفق خبير الشؤون الأميركي.
ويستطرد: كل ذلك سيأتي بجانب سياسات الإنفاق، والتكلفة الاقتصادية للإنفاق الاجتماعي؛ لأن ترامب يعارض هذا التوسع في الميزانية الحكومية، بعكس بايدن، الذي سيطرح ميزانية كبيرة لتغطية احتياجات الصحة، بينما ترامب يريد تقليص هذه الموازنة الضخمة للحكومة الفيدرالية الأميركية.
قواسم مشتركة
من جانبه، يشير أستاذ العلوم السياسية، الدكتور طارق فهمي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن المناظرة “ستتم بين شخصين مأزومين (..)”، في إشارة للمشكلات التي يواجهها كل طرف، موضحاً في الوقت نفسه أن كلاً من بايدن وترامب تقدما في العمر بشكل كبير، ولديهما مشاكل متعلقة بعدم ثقة أطياف من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، اللذان ليس لديهما بدائل حقيقية.
ويردف: المناظرة ستكون حول الملفات الاقتصادية الأساسية، وستقام في ولاية جورجيا، وهي جنوب شرق أميركا، بدون جمهور بطلب من بايدن، وفريق حملة المرشحين وافقوا على الترتيبات؛ منها حظر الملاحظات المكتوبة في موقع التصوير،وسيتكلمون عن الاقتصاد والإغلاق والإئتمان والقروض والشرائح المهمشة، وملفات أخرى من بينها: التأمين الصحي واستيعاب المهاجرين، وخفض الضرائب على الشركات، وخفض المزايا الصحية، والعلاقة مع الصين، ومنطقة النفوذ الأميركي في جنوب شرق آسيا، وقضايا خارجية أخرى.