جرت، أمس الثلاثاء، عمليات انسحاب بالجملة من مرشحي اليسار، ومعسكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من المؤهلين لخوض الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الأحد المقبل، على أمل الحيلولة دون فوز مرشحي اليمين المتطرف بغالبية مطلقة من 289 مقعداً في الجمعية الوطنية، فيما طالب اليمين المتطرّف الفرنسيين بمنحه غالبية مطلقة في الجولة الثانية.
وانسحب ما لا يقل عن مئتَي مرشح عن اليسار، كما هي حال اليمين لمحاولة منع وصول اليمين المتطرف إلى السلطة، على الرغم من الانقسامات العديدة. وبحلول ظهر الثلاثاء، انسحب ما لا يقلّ عن 200 مرشح من اليسار، ومعسكر الرئيس ماكرون مؤهلين لخوض الجولة الثانية من السباق الانتخابي الأحد المقبل.
والهدف من سلسلة الانسحابات هذه هو تشكيل «جبهة جمهورية» لمواجهة حزب التجمّع الوطني، برئاسة جوردان بارديلا (28 عاماً) الذي تصدّر حزبه الجولة الأولى من الانتخابات بفارق كبير. وفي حال أصبح بارديلا رئيساً للحكومة، ستكون هذه أول مرّة تقود فيها حكومة منبثقة من اليمين المتطرّف فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية.
وبعد ثلاثة أسابيع من الزلزال السياسي الذي أحدثه ماكرون بإعلانه حل الجمعية الوطنية، صوّت الفرنسيون بكثافة، أمس الأحد، في الجولة الأولى من الانتخابات. وحلّ التجمّع الوطني (يمين متطرّف)، وحلفاؤه في طليعة نتائج الجولة الأولى من الاقتراع، بنيله 33,14% من الأصوات (10,6 مليون صوت). وانتُخب 39 نائباً عن هذا الحزب في الجولة الأولى.
وطالب اليمين المتطرّف الفرنسيين بمنحه غالبية مطلقة في الجولة الثانية. وقال رئيسه الشاب إن الجولة الثانية ستكون «واحدة من الأكثر حسماً في مجمل تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة» التي تأسست في عام 1958.
من جهتها، قالت زعيمة اليمين المتطرّف الفرنسي مارين لوبان، أمس الثلاثاء إن بارديلا سيقبل بترؤس «حكومة تعايش» إذا حصل حزب التجمّع الوطني على غالبية نسبية من 270 نائباً مدعّمة بداعمين للحزب.
وترأس لوبان، كتلة نواب التجمّع الوطني في البرلمان الفرنسي، كما انتُخبت من الجولة الأولى في الشمال. غير أن سيناريو قيام جمعية وطنية معطّلة بدون إمكانية تشكيل تحالفات تحظى بالغالبية بين الكتل الثلاث الرئيسية، يبقى ماثلاً أيضاً، وهو سيناريو من شأنه أن يغرق فرنسا في المجهول.
في مطلق الأحوال، خسر ماكرون رهانه على حلّ الجمعية الوطنية بعد هزيمة كتلته في الانتخابات الأوروبية التي جرت في التاسع من حزيران/يونيو.
ومن المحتمل أن تُنتج الانتخابات التشريعية تعايشاً غير مسبوق بين رئيس مناصر للاتحاد الأوروبي وحكومة معادية له، الأمر الذي يمكن أن يطلق شرارة خلافات بشأن صلاحيات رئيسي السلطة التنفيذية، وخصوصاً في مسائل الدبلوماسية والدفاع.
وفي السياق، حذر رئيس الحكومة غابريال أتال من أن «اليمين المتطرّف بات على أبواب السلطة»، داعياً إلى «منع التجمّع الوطني من الحصول على أغلبية مطلقة».
ويراقب العديد من العواصم الأزمة السياسية ما يجري في فرنسا. وأعرب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان عن «تفاؤله» بعد فوز حزب التجمّع الوطني اليميني المتطرّف، مشدداً على أن الناخبين يريدون «التغيير». في حين، توقّع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن يواصل الحلفاء الأوروبيون دعمهم القوي لحلف شمال الأطلسي بعد فوز اليمين المتطرف في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية في فرنسا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل: «لدينا ثقة كاملة في المؤسسات والإجراءات الديمقراطية في فرنسا، ونعتزم مواصلة تعاوننا الوثيق مع الحكومة الفرنسية حول مجمل أولويات السياسة الخارجية».
(وكالات)