خاص

وول ستريت

قادت خمسة أسهم بشكل رئيسي ارتفاعات الأسواق الأميركية، بما يثير قلق المستثمرين من ضيق مسار ذلك الارتفاع الذي تتحكم فيه مجموعة مُحددة من شركات التكنولوجيا المدفوعة بزخم الذكاء الاصطناعي.

تمكنت الأسهم الأميركية من إنهاء النصف الأول من العام الجاري 2024 على ارتفاع بنسبة 14 بالمئة، مقارنة بمستوياتها مع بداية العام، وذلك بفضل النشاط القوي للأسهم الخمس العملاقة، وهي: (إنفيديا ومايكروسوفت وأمازون، وميتا، وآبل).

كان ارتفاع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي أقل قليلاً من الارتفاع الذي سجله في النصف الأول من العام الماضي، غير أنه لا يزال يصنف كأحد أقوى الأداءات في الأشهر الستة الأولى من العام منذ فقاعة الدوت كوم في أواخر التسعينيات، بحسب تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز.

  • ما يقرب من 60 بالمئة من المكاسب التي حققتها السوق حتى الآن هذا العام كانت مدفوعة بالشركات الخمس.
  • جاء أداء تلك الشركات مدفوعاً بـ “جنون المستثمرين” وإقبالهم على إمكانات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
  • شركة إنفيديا كانت وحدها مسؤولة عن 31 بالمئة من مكاسب السوق في النصف الأول من العام الجاري في الولايات المتحدة.

يشير تقرير الصحيفة البريطانية إلى أن الارتفاع أصبح أضيق في الأشهر الأخيرة، مع قيادة شركات إنفيديا وآبل ومايكروسوفت مجتمعة لأكثر من 90  بالمئة من النمو في الربع الثاني. وقد أدى هذا إلى إخفاء الأداء الضعيف لعديد من مكونات المؤشر الأخرى.

وقال كبير استراتيجيي الاستثمار في تشارلز شواب، كيفن جوردون، قوله إن هناك علامات متزايدة على “الضعف الذي يتطور تحت سطح السوق”، موضحاً أنه “ليس من غير المعتاد عبر التاريخ أن نرى أكبر الأعضاء يحققون مكاسب كبيرة في المؤشرات، ولكن عندما يواجه بقية السوق صعوبات، فهذه هي اللحظة التي تظهر فيها العلامات الحمراء (التحذيرية)”، بحسب التقرير.

ومع ذلك، يأمل بعض المستثمرين أن تبدأ القطاعات ذات الأداء الضعيف في اللحاق بالركب في نهاية المطاف، دون أن تتراجع  أسهم التكنولوجيا، بعد النمط الذي شوهد لفترة وجيزة في الربع الرابع من العام الماضي.

وقال مدير المحافظ الاستثمارية في مورغان ستانلي لإدارة الاستثمار، أندرو سليمون: “لقد امتص الذكاء الاصطناعي كل الأكسجين من الغرفة (في إشارة لهيمنته على السوق بشكل واسع)”.

وأضاف: “أعتقد بأن هناك الكثير من الشركات في مجالات مثل الصناعات والخدمات المالية حيث تكون الأعمال جيدة جدًا، ومع ذلك تم نسيانها”. وعبر كذلك عن تفاؤله بأن موسم أرباح الربع الثاني، والذي يبدأ في منتصف يوليو من شأنه أن يساعد في جذب الانتباه إلى الشركات القوية من الناحية الأساسية.

أمر غير صحي

يقول الرئيس التنفيذي في مركز كوروم للدراسات الاستراتيجية، طارق الرفاعي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الحديث عن سوق واسعة وكبيرة مثل الولايات المتحدة الأميركية، وخاصة مؤشر ناسداك المعروف بشركات التكنولوجيا، فإن اعتماد السوق هناك على خمس شركات رئيسية تقود المؤشر “أمر غير صحي بالمرة”.

ويتابع: تمت رؤية هذا المثال من قبل سنة 2019 قبل أزمة كورونا، فقد رأينا ارتفاعاً قوياً في بعض هذه الشركات، وعددها حينها كان خمسة أو ستة، من ضمنها: أمازون ونتفليكس وآبل، من ثم رأينا دخول الاقتصاد العالمي في الجائحة ثم أعقبها التصحيح، لكن سرعان ما عاد الارتفاع الهائل، لا سيما فيما يخص شركات التكنولوجيا.

ويضيف الرفاعي: “الشركات الفائزة اليوم تتصدرها شركة إنفيديا والتي تستفيد من زخم الذكاء الاصطناعي.. لكن لا بد أن تشهد هذه الشركات مرحلة تصحيح، مثلما حدث في جميع المراحل السابقة.. كما سنرى تصحيحاً في الشركات الأخرى، بما في ذلك مايكروسوفت وأمازون وميتا وآبل قبل نهاية العام الجاري (..)”.

ويستكمل الرئيس التنفيذي في مركز كوروم للدراسات الاستراتيجية:  “التصحيح قد يكون بنسبة 50 بالمئة في بعض شركات التكنولوجيا، وهذا تصحيح قوي جداً.. والوقت الحالي نشهد مرحلة انتخابات في الولايات المتحدة، ودائماً ما توجد في هذه الظروف تقلبات في أسواق المال”، مشدداً في الوقت نفسه على أن شركات التكنولوجيا لها مستقبل واعد، ولكن لا بد أن تمر في مراحل كثيرة للتصحيح، والذي سوف يتخطى الـ20 بالمئة في كل الأحوال.

استفادة واسعة

وشهدت أسهم شركات التكنولوجيا ارتفاعاً ملحوظاً بفضل طفرة الذكاء الاصطناعي التي اجتاحت العالم في السنوات الأخيرة، إذ تسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة العمليات وتقليل التكاليف، مما يعزز من ربحية هذه الشركات ويزيد من جاذبيتها للمستثمرين. على سبيل المثال، استفادت شركات مثل أمازون ومايكروسوفت من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل التجارة الإلكترونية والحوسبة السحابية، ما أدى إلى زيادة كبيرة في قيمتها السوقية، علاوة عملاق الرقائق، شركة إنفيديا التي اخترقت مستويات قياسية منذ بداية العام.

بالإضافة إلى ذلك، تُعد الابتكارات المستمرة في مجال الذكاء الاصطناعي دافعاً رئيسياً لنمو شركات التكنولوجيا. تتوسع هذه الشركات في تطوير منتجات وخدمات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مما يفتح آفاقاً واسعة للربح والنمو، فعلى سبيل المثال، تلعب تقنيات الذكاء الاصطناعي دورًا حيويًا في مجالات مثل الرعاية الصحية، السيارات ذاتية القيادة، والتمويل، مما يسهم في توسيع نطاق سوق شركات التكنولوجيا وزيادة فرص النمو والاستثمار.

تصحيح عنيف

كذلك يؤكد المدير التنفيذي بشركة VI Markets، أحمد معطي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن اعتماد أية سوق على بعض الأسهم فقط “غير صحي”، وأية سوق مهما طال الزمن لا بد وأن تواجه تصحيحاً، وبالتالي هذا سوف يؤثر على وول ستريت.

ويردف: من الطبيعي أن تشهد أسهم الخمس شركات المذكورة تصحيحاً قد يكون عنيفاً، بالتالي هذا سوف يضر السوق الأميركية وأسواق العالم بالكامل؛ لأن السوق الأميركية هي مرآة للبورصات العالمية، فعندما يحدث تراجع في البورصة الأميركية يتوتر المستثمرون، ومن ثم تتراجع أيضاً الأسواق العالمية.

لكنه يضيف: ليس من المؤكد أن ذلك يعني فقاعة جديدة في السوق الأميركية.. منذ سنة ونصف السنة ترددت تحليلات مختلفة حول هذا الأمر، حتى كبار رجال الأعمال كانوا يتحدثون عنه، من بينهم: وارن بافيت (رئيس شركة بيركشاير هاثاواي)، وجيمي ديمون (الرئيس التنفيذي لمصرف جيه بي مورغان)، شعروا بالخوف، وأصبح معهم سيولة هي الأعلى في الفترة الماضية، وخافوا من الدخول إلى الأسواق الأميركية بشكل أوسع خشية هبوط عنيف.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version