نشرت صحيفة إسرائيلية، الأحد، أن الجيش الإسرائيلي أصدر أمراً بتفعيل «بروتوكول هانيبال» في السابع من أكتوبر 2023، بعد ساعات قليلة على الهجوم الذي شنته حركة حماس والفصائل على مستوطنات غلاف غزة. وحسب صحيفة «هآريتس»، وفي مقال بعنوان «لا عودة للمركبات إلى القطاع»، طبق الجيش الإسرائيلي «بروتوكول هانيبال» على الجنود والمدنيين في 7 أكتوبر الماضي، وأضافت الصحيفة أن أمر الضربة الجوية الأولى صدر عند معبر «إيرز»، وفي وقت لاحق، هاجم الجيش الإسرائيلي أيضاً معسكر «ريعيم»، وبؤرة «ناحال عوز» الاستيطانية، ومنطقة الجدار التي اختبأ فيها الإسرائيليون. وأكدت الصحيفة، أن المعلومات التي وصلت إليها تكشف عن «سلوك فرقة غزة في الساعات الأولى من الحرب».

ويعد «بروتوكول هانيبال» أو «توجيه هانيبال» أو «آلية هانيبال» جميعها مسميات لبروتوكول عسكري إسرائيلي، يتيح تنفيذ هجمات يمكن أن تهدد حياة الجنود الإسرائيليين لمنع احتجازهم أحياء، فيما يصفه البعض ب«الملاذ الأخير» للجيش الإسرائيلي.

وترفض إسرائيل الاتهامات باستخدامها هذه الآلية في حرب غزة، فيما تشير تقارير سابقة إلى أن الجيش الإسرائيلي كان قد تخلى عن هذا البروتوكول في سنوات سابقة.

ورفضت الحكومة الإسرائيلية تقريراً أممياً يتهمها باستخدام «بروتوكول هانيبال» في حرب غزة، ووصفت اللجنة التي أعدته بأنها «منحازة وملوثة بأجندة واضحة معادية لإسرائيل».

واتهم تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل، الجيش الإسرائيلي باستخدام «بروتوكول هانيبال» عدة مرات خلال الهجمات في غزة، لمنع مسلحي حماس من اختطاف الإسرائيليين، حتى لو كان ذلك يؤدي إلى مقتلهم.

و«بروتوكول هانيبال» هو إجراء عسكري موجود في الجيش الإسرائيلي منذ عقود بحسب تقرير سابق نشرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، والذي يسمح باستخدام «القوة المفرطة» بهدف «منع وقوع أي جندي إسرائيلي في أيدي العدو»، بما في ذلك تعريض حياة «الجندي ذاته للخطر» لمنع القبض عليه أو اختطافه.

وذكرت الصحيفة في تقريرها، المنشور في عام 2016، أن الجيش الإسرائيلي أوقف العمل بهذا البروتوكول، الذي كان يستهدف من خلاله الحد «من عمليات تبادل الأسرى غير المتوازنة بين إسرائيل» والجهات الأخرى التي تختطف جنودها.

وأشارت الصحيفة إلى أن بعض الضباط «يفهمون الأمر على أنه يجب قتل رفيقهم عمداً لمنع وقوعه في الأسر، وليس أنهم قد يصيبونه أو يقتلونه بالخطأ أثناء محاولتهم لذلك». ولفت تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست عام 2014، إلى صفقة إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في 2011، إذ تم إطلاق سراح أكثر من 1000 معتقل فلسطيني حينها.

تطوير هذا البروتوكول كان في عام 1986 بعد محاولة حزب الله اللبناني اختطاف جنديين إسرائيليين في جنوب لبنان، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «هآرتس». والنسخة الأصلية لهذا البروتوكول صاغته مجموعة من قادة في الجيش الإسرائيلي من دون استشارة خبراء قانونيين حينها: يوسي بيليد، قائد المنطقة الشمالية للجيش الإسرائيلي، والعقيد غابي أشكنازي، والعقيد يعقوب عميدورو.

ويحدد البروتوكول تدابير تتبع عندما «يكون جندي معرضاً لخطر الاختطاف في أراض معادية، وأن تكون الأولوية بإنقاذ الجنود الأسرى من خاطفيهم، حتى لو كان ذلك بالمخاطرة بإيذاء هؤلاء الجنود».

ولم تنشر تفاصيل البروتوكول بالكامل، ولكن جزءاً منه نصّ حرفياً على أنه «أثناء عملية الاختطاف، تكون المهمة الرئيسية هي إنقاذ جنودنا من الخاطفين حتى على حساب إيذاء جنودنا أو إصابتهم. ويجب إطلاق النار من الأسلحة الخفيفة»، بحسب «هآرتس».

وأضاف: «إذا لم تتوقف السيارة أو الخاطفون، يجب إطلاق رصاصة قناص واحدة عليهم، بشكل متعمد، لإصابة الخاطفين، حتى لو كان ذلك يعني إصابة جنودنا.. سيتم عمل كل شيء لإيقاف السيارة وعدم السماح لها بالهروب».

سبب تسمية البروتوكول باسم «هانيبال» يخضع «لتفسيرات مختلفة»، فيما يشير البعض الى أن التسمية كانت «عشوائية»، يرى آخرون أنه استخدم تيمناً «بالقائد العسكري لقرطاج الذي قتل نفسه بالسم بدلاً من أن يتم أسره» على ما أفاد تقرير «واشنطن بوست».

والفيلسوف آسا كاشير، المسؤول أيضاً عن وضع الميثاق الأخلاقي للجيش الإسرائيلي قال لبودكاست صحيفة «هآرتس» في يناير الماضي «إنه لا توجد نسخة واحدة، لكن يوجد تغييرات وتناقضات في عدة إصدارات». وأضاف أن «النسخة الأصلية والتعديلات، لا يوجد فيها ما يسمح لشخص ما بقتل مواطن إسرائيلي، أكان يرتدي الزي العسكري أم لا».

ودعا إلى فتح تحقيق في المزاعم التي تتحدث عن قصف دبابة إسرائيلية لمنزل كان فيه حوالي 14 إسرائيلياً في كيبوتس قرب غزة في السابع من أكتوبر، حيث قالت شاهدة عيان إسرائيلية إنه تم قصف المبنى الذي كان فيه 40 عنصراً من حماس و14 مختطفاً إسرائيلياً.

وقال كاشير إن «فكرة منع نقل مدنيين إسرائيليين إلى غزة بإطلاق قذيفة من دبابة على المبنى.. فكرة لا تطاق، وغير مقبولة في الأوامر العسكرية، وغير مقبولة من وجهة نظر الجيش»، معتبراً أن هذا الأمر «غير قانوني وغير أخلاقي ومرعب». ويعتقد أن «ثقافة الجيش الإسرائيلي، بأكملها بحاجة إلى التغيير».

وكانت أكثر حادثة لفتت الاهتمام لاستخدام «بروتوكول هانيبال»، في أغسطس عام 2014، في معارك في غزة، بعد فقدان الجندي الإسرائيلي، هدار غولدن، ليشن الجيش غارات دامية، وصفت بأنها نُفذت لعدم أسره حياً، وفق ما ذكرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

واتهمت منظمة العفو الدولية إسرائيل، عام 2015، بأنها ارتكبت «جرائم حرب» عندما قتلت «ما لا يقل عن 135 مدنياً» رداً على أسر الجندي غولدن.

ورفض الجيش الإسرائيلي هذه التهم، معتبراً أنه لا توجد عناصر تثبت أن الجيش تصرف فقط رداً على احتجاز الضابط الإسرائيلي. وأكد الجيش حينها أن «بروتوكول هانيبال» لم يعد مستخدماً، وأنه تم استبداله بآلية جديدة من دون أن يقدم تفاصيل إضافية.

واعتبرت إسرائيل بعد فترة أن غولدن قتل، وطالبت باستعادة رفاته ورفات جندي آخر قتل خلال هذه الحرب يدعى أورن شاوول.

ولسنوات كان محتوى «بروتوكول هانيبال» واستخدامه محاطاً «بالسرية»، ويقال إنه تم تفعيله «عدة مرات فقط» خلال الأعوام 1986 و2016، قبل أن يُلغى رسمياً من الجيش، على ما أفاد تقرير «هآرتس».

وفي تقريرها عام 2016، نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن المتحدث باسم الجيش أن «رئيس أركان الجيش الإسرائيلي (حينها)، غادي أيزنكوت» قرر «إلغاء بروتوكول هانيبال»، الذي يعتبر «مثيراً للجدل».

وأشار المتحدث وقتها إلى أنه يتم وضع «توجيهات» جديدة لتحل مكان «بروتوكول هانيبال» ليتاح للجنود التعامل مع المواقف التي من المحتمل مواجهتها. وجاء قرار الإلغاء حينها بعد إصابة جنديين عن طريق الخطأ في مخيم قلنديا، في مارس من عام 2016، حيث أجبرا على ترك مركبتهما، وتم تبادل إطلاق النار لنحو نصف ساعة قبل العثور على الجنديين، وخلال إطلاق النار قتل رجل فلسطيني، وأصيب عشرات آخرون بجروح، وأصيب نحو 10 أفراد من قوات الأمن الإسرائيلية، وفقاً «لتايمز أوف إسرائيل».

الجيش الإسرائيلي كان ينفي استخدام هذا البروتوكول أو حتى وجوده، ولكن في عام 2003، كان أول حديث علني عنه بعد رسالة من طبيب وصلت لصحيفة «هآرتس» حينها تشرح تفاصيل البروتوكول العسكري، وكيف تم العثور عليها بعد اختطاف جنديين إسرائيليين، في عام 1986، حيث أعيدت جثثهم في عام 1991.

ووفق ما نقلت «واشنطن بوست» عن صحيفة «يديعوت أحرونوت» خلال عامي 2008 و2009 اللذين شهدا حرباً في غزة قال أحد القادة الإسرائيليين للجنود إن عليهم أن يقتلوا أنفسهم بقنبلة يدوية قبل أن يقبض عليهم العدو. وفي عام 2006، أثيرت الشبهات بشأن مقتل جنديين إسرائيليين بعد اختطافهما من «حزب الله»، ما إذا كانوا قد قتلوا بنيران صديقة أم لا.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version