متابعات-الخليج
بدأ رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الاثنين، زيارته الأولى لروسيا منذ الهجوم على أوكرانيا، في الوقت الذي تسعى فيه الهند إلى الحفاظ على تحالفها التقليدي مع موسكو واستقلالية موقفها. في وقت يراقب الغرب عاجزاً زيارة مودي لصديقه بوتين.
«محادثات موسعة»
يعقد مودي الذي باشر في يونيو ولايته الثالثة على رأس حكومة ائتلافية لقاء «غير رسمي» مع فلاديمير بوتين في المساء، وفق الكرملين. وسيجتمع الرجلان أيضاً الثلاثاء لإجراء محادثات موسعة، قبل أن يتابع الزعيم الهندي رحلته إلى فيينا. ونقل بيان عن مودي قوله الاثنين «إنني أتطلع إلى استعراض التعاون الثنائي مع صديقي فلاديمير بوتين وتبادل وجهات النظر حول العديد من القضايا الإقليمية والعالمية».
وروسيا من بين الموردين الرئيسيين للهند التي تشتري منها الأسلحة والنفط بسعر رخيص، رغم أن مواجهتها مع الغرب وتقاربها مع الصين، في سياق النزاع في أوكرانيا، كان له تأثير في علاقاتها مع نيودلهي. وسيبحث مودي مع الرئيس بوتين «تطور العلاقات الروسية الهندية الودية تقليدياً، فضلاً عن مسائل دولية»، بحسب الكرملين. وعززت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون العلاقات مع الهند في السنوات الأخيرة في مواجهة نفوذ الصين المتزايد في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مع الضغط على نيودلهي للابتعاد عن موسكو.
«نيودلهي ترفض»
ومع ذلك، رفضت نيودلهي اتخاذ موقف واضح من خلال عدم إدانتها صراحة للهجوم الروسي على أوكرانيا والامتناع عن التصويت على قرارات الأمم المتحدة ضد موسكو.
وتؤيد الهند تعددية الأقطاب، وتواصل في الوقت نفسه تطوير علاقاتها في مجال الأمن مع الولايات المتحدة، الخصم اللدود لروسيا التي تطرح نفسها على أنها بطلة التعددية القطبية، بهدف أساسي هو إضعاف الغرب على الساحة الدولية. ومع ذلك، فإن النزاع في أوكرانيا «أحدث تحولاً» في علاقاتها مع موسكو، كما يوضح الخبير سواستي راو من معهد مانوهار باريكار للدراسات والتحليلات الدفاعية، مشيراً إلى ظهور «تحديات» جديدة.
«زيادة النفط وخفض الأسلحة»
تعود آخر زيارة قام بها ناريندرا مودي الذي يتزعم أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، إلى روسيا إلى عام 2019. وبعد ذلك بعامين، في نهاية عام 2021، استقبل فلاديمير بوتين في نيودلهي. ولكنهما التقيا رسمياً آخر مرة في سبتمبر/أيلول 2022 في أوزبكستان، خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون. وتجمع موسكو ونيودلهي علاقة وثيقة منذ الحرب الباردة. ولفترة طويلة، كانت روسيا المورِّد الرئيسي للأسلحة للهند، لكن حصة واردات الأسلحة الروسية انخفضت بشكل حاد في السنوات الأخيرة. فقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى استنزاف مخزون الأسلحة الروسية، وهو ما دفع الهند إلى البحث عن موردين آخرين وتطوير صناعتها العسكرية الخاصة. على سبيل المثال، قدمت الهند طلبية لشراء طائرات رافال من فرنسا. في الوقت نفسه، وفي أعقاب الهجوم الروسي في فبراير/شباط 2022، اشترت الهند وبسعر منخفض كميات كبيرة من النفط أعادت روسيا توجيهها إلى السوق الهندي بسبب العقوبات. على هذا النحو، تقتصد نيودلهي في المال بينما تغذي الاقتصاد وآلة الحرب الروسيين، وهو ما تنتقده الحكومات الغربية.
«فات الأوان»
لكن العلاقة بين الحليفتين لا تخلو من أسباب التوتر. ولا تنظر الهند بعين الرضا للتقارب بين بكين وموسكو، خوفاً من إقصائها في مواجهة كيان جغرافي روسي صيني هائل تتزعمه بكين. يقول المحلل سواستي راو «يعتقد البعض أن الهند يجب أن تقترب من روسيا لمنعها من الوقوع تحت هيمنة الصين»، لكنه يضيف أن «البعض الآخر يعتقد أن الأوان قد فات» لمنع حدوث ذلك. وتكبدت الهند جراء الهجوم الروسي على أوكرانيا كلفة بشرية. ففي فبراير/شباط، قالت نيودلهي إنها تضغط على الكرملين لإعادة المواطنين الهنود الذين انتهوا مقاتلين على الجبهة.
بعد موسكو، يتوجه مودي إلى فيينا، في أول زيارة يقوم بها زعيم هندي إلى العاصمة النمساوية منذ عام 1983.