إعداد: محمد كمال

من غير المرجح توقف حملات التدقيق الشرسة بشأن الحالة الصحية والإدراكية للرئيس الأمريكي جو بايدن البالغ من العمر 81 عاماً، في ظل مطالبات واسعة النطاق بين مؤيديه بضرورة انسحابه من الترشح لفترة رئاسية ثانية، في الوقت الذي تكشفت معلومات صادمة عما وصف ب«بوابة الحماية».

وكشف تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال أن أعضاء الدائرة الداخلية حول بايدن يسعون جاهدين إلى إخفاء مدى التدهور المعرفي والصحي الذي وصل له بايدن، والذي يفضحه تلعثمه وزلاته اللسانية المتكررة في كل فعالية يشارك فيها تقريباً.

وأشار التقرير إلى أن الدائرة الداخلية لبايدن، المكونة من كبار المستشارين، أنيتا دان، وستيف ريتشيتي، ومايك دونيلون، وآني توماسيني، وأنتوني بيرنال، يعملون ك «حراس للرئيس»، إذ حاولوا فرض سيطرة محكمة على خطط سفر الرئيس والمؤتمرات الصحفية والظهور العام والاجتماعات مع المانحين.

ووفق التقرير، فإن البيت الأبيض قام بتقييد خط سير رحلات بايدن اليومية، وحمايته من تبادل الأحاديث المرتجلة، كما قاموا بتقييد المؤتمرات الصحفية والظهور الإعلامي، ورفضوا عدة مرات إجراء مقابلات كان يجريها بايدن في السابق، وسعوا إلى التأكد من أن الاجتماعات مع المانحين تلتزم بالمجاملات المكتوبة.

كما رفض كبار المساعدين اقتراحات السفر بسبب مخاوف من أن بايدن لا يتمتع بالقدرة على التحمل، بما في ذلك فكرة أن يقوم برحلات أسبوعية عبر البلاد في عام 2022 للترويج لفوائد قانون البنية التحتية الذي تبناه، فيما يشير التقرير إلى أن كل ذلك انكشف عندما أصبحت زلات بايدن واضحة بشكل متزايد، بينما كبار مستشاريه يؤكدون للجميع أن الرئيس بخير.

  • فاجأ موظفي البيت الأبيض

ومن بين المعلومات المثيرة، أنه عندما اعتلى بايدن المسرح في أول مناظرة رئاسية الشهر الماضي، فاجأ أداؤه السيئ في الحدث الذي استمر 90 دقيقة أعضاء حزبه، بما في ذلك بعض موظفي البيت الأبيض الذين نادراً ما يقضون وقتاً فردياً معه، ما دفع البعض إلى اتهام الدائرة الموجودة حوله بتضليل الرأي العام الأمريكي.

وعندما كان بايدن عضواً في مجلس الشيوخ، تحدث بانتظام مع الصحفيين في أروقة مبنى الكابيتول، وكذلك عندما كان نائباً للرئيس، كما دعا الصحفيين إلى منزله لحضور حفلات في بداية رئاسته، وتحدث بشكل غير رسمي كثيراً، بما في ذلك خلال جمع التبرعات.

لكن خلال هذه الفترة فما يحدث هو العكس تماماً حيث يكون ظهور بايدن العلني قصيراً، ويجيب أحياناً على أسئلة الصحفيين الصاخبة، لكن بكلمات مقتضبة مثل نعم أو لا، أو مجرد إشارة بإبهام. ومنذ المناظرة، استمرت تصريحاته العامة في المتوسط ​​أقل من 10 دقائق.

وعقد بايدن مؤتمرات صحفية ومقابلات أقل من أي رئيس أمريكي في هذه المرحلة منذ عهد رونالد ريغان، وفقاً لتحليل أجرته الباحثة الرئاسية مارثا جوينت كومار.

  • أسئلة متفق عليها

وغالباً ما يقيم مساعدو البيت الأبيض حواجز لمنع المراسلين من طرح أسئلة على بايدن. وفي بعض الأحيان يتم إبقاء الصحفيين على بعد عشرات أو حتى مئات الأقدام من الرئيس في المناسبات، فيما يبدأ موسيقيو البيت الأبيض بالعزف حتى لا يتم سماع الأسئلة أثناء خروج الرئيس.

وقال بعض مقدمي البرامج الذين أجروا مقابلة مع الرئيس الأسبوع الماضي، في إطار محاولة طمأنة الجمهور بشأن اللياقة العقلية لبايدن، إنهم حصلوا على قائمة بالأسئلة التي تمت الموافقة عليها من الحملة.

وعندما يعقد بايدن أحد مؤتمراته الصحفية النادرة، غالباً ما يتواصل مسؤولو البيت الأبيض مع المراسلين الذين قد يتصل بهم، في محاولة لتحديد الأسئلة التي يعتزمون طرحها. ويرفض العديد من المراسلين هذه الطلبات، وغالباً ما يحمل مساعدو البيت الأبيض الميكروفون للصحفيين حتى يتمكنوا من سحبه بعيداً في حال كان السؤال سيسبب إحراجاً، وفقاً لوول ستريت جورنال.

  • سقوط أثناء السير

وفي يونيو 2023، أثناء ظهوره في حفل تخرج لأكاديمية القوات الجوية الأمريكية، تعثر بايدن بكيس رمل وسقط أثناء سيره على المسرح. ثم نهض بسرعة بمساعدة عملاء الخدمة السرية، لكن سقوطه أثار إنذارات في البيت الأبيض، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. وفي الأشهر التالية، اتخذوا احتياطات إضافية للتأكد من أنه لن يتعثر مرة أخرى. حيث بدأ يرتدي أحذية رياضية، وكثيراً ما كان يستخدم سلالم أقصر عند ركوب طائرة الرئاسة.

كما تحدث بايدن خلال اجتماع مع حكام الولايات الديمقراطيين الأسبوع الماضي، عن الحاجة إلى مزيد من النوم، حيث اقترح عليه الأطباء تجنب الأحداث التي تبدأ بعد الساعة الثامنة مساءً. وقال شخص مطلع على المناقشة إن هذا التعليق قوبل بعدم تصديق من قبل بعض المحافظين.

ويقول العديد من المانحين والمشرعين حالياً إنهم يشعرون بالتضليل بسبب ما يقولون إنه محاولة لتهدئة المخاوف، حول ما إذا كان بايدن مؤهلاً لولاية ثانية. وقال بعض الديمقراطيين رفيعي المستوى إنهم يشعرون بالقلق من أن قلة قليلة في الحزب لديهم الشجاعة لإخبار بايدن وجهاً لوجه بأنه بحاجة إلى التنحي.

ويؤكد التقرير أن فريق بايدن يشعر بأن الكل يسعى إلى النيل منه، وقد أدت هذه النظرة إلى ما وصفه بعض الديمقراطيين ب«العقلية المحصنة»، ما أعمى الرئيس ومساعديه عن التزامات بايدن السياسية. وفي مقابلة مع قناة ABC News يوم الجمعة، سخر بايدن من الأسئلة حول ما إذا كان مؤهلاً لهذا المنصب، وقال إنه لن يتنحى إلا إذا طلب منه «الرب عزّ وجلّ» ذلك. كما قلل من أهمية المعارضة داخل حزبه لبقائه في السباق. ورفض يوم الاثنين ما وصفه بالمقاومة من «النخب في الحزب». ويلقي الأشخاص المقربون من بايدن اللوم على حفنة من المستشارين لوضعهم استراتيجية قللت من صراعات الرئيس المرتبطة بالعمر.

ويقول المشرعون من كلا الحزبين، إنهم لا يحظون بما يكفي من الوقت وجهاً لوجه مع بايدن، وقد استغرق ما يقرب من أسبوع للاتصال بزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر (ديمقراطي من نيويورك) بعد المناظرة. وقال مسؤول بالبيت الأبيض إن الرئيس تحدث إلى 20 مشرعاً على الأقل منذ المناقشة، ورفض فريق بايدن طلبات زعماء الجمهوريين في مجلس النواب لعقد لقاء، وبدلاً من ذلك عرض إجراء محادثات مع كبار مساعدي البيت الأبيض.

وتظهر سجلات الزوار أن بايدن عقد عدداً أقل من الاجتماعات الصغيرة مع المشرعين مع انتهاء فترة ولايته.

  • واقعة ألمانيا

وفي عام 2022، سعى المسؤولون الألمان، الذين يدركون إرهاق بايدن أثناء الليل، إلى التخطيط لحدث مع المستشار الألماني شولتز في وقت مبكر من المساء. وتم ترتيب هذا الحدث غير الرسمي، وهو عبارة عن أمسية بمنتجع في جبال الألب خلال قمة مجموعة السبع، ليكون بمكانة اجتماع سري بشأن أوكرانيا في جو مريح. وقال المسؤولون إن بايدن لم يحضر، ما فاجأ المستشار ومساعديه. وبدلاً من ذلك، وصل وزير الخارجية أنتوني بلينكن وأعلن أن بايدن يجب أن يذهب إلى السرير، وفقاً لشخصين كانا هناك.

ونفى ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية، أن بلينكن قال إن بايدن يجب أن يذهب إلى السرير. وقال مسؤول أمريكي إن البيت الأبيض أشار في وقت مبكر إلى أن بايدن لن يحضر.

وخلال ساعات العمل في القمة، قال الحاضرون إنه بدا منهكاً جسدياً مع مرور الأيام. وقال مساعدون أمريكيون للمسؤولين في القمة إن السبب في ذلك هو عدم وجود مكيفات للهواء، وهو ما اعترضت عليه وزارة الخارجية.

ومع تكشف كل هذه المعلومات، فإن المعسكر الجمهوري بقيادة الرئيس دونالد ترامب يسعون إلى النيل من غريمهم عن طريق اتهام الدائرة الضيقة حوله بتضليل الرأي العام الأمريكي حول الحالة الصحية والإدراكية لبايدن، وما يعزز ذلك هو رفضه الخضوع لاختبار صحي وإدراكي مستقل.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version