إعداد ـ محمد كمال

تستعد حملة دونالد ترامب بخطة هجومية كاسحة ضد نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، في حال إعلان الحزب الديمقراطي، تنحي جو بايدن عن سباق الانتخابات الرئاسية لصالحها خلال الأيام القليلة المقبلة، إضافة إلى ملفات عن مرشحين محتملين آخرين، فيما تثور التساؤلات داخل المعسكر الديمقراطي، حول الكيفية التي من الممكن أن تأتي بها هاريس كمرشحة، سواء ما إذا كانت ذلك عن طريق تنافس داخل الحزب أو عن طريق صفقة سياسية.
وكشف مصدران مطلعان، أن حملة ترامب الهجومية على هاريس تتضمن بالفعل كتيبات بحثية، وكذلك استطلاع للرأي أجري مؤخراً لاختبار نقاط ضعفها في سباق الانتخابات العامة، فيما يشير تقرير لصحيفة نيويورك تايمز إلى أن اهتمام فريق ترامب بهاريس يعتمد على افتراض أنه إذا تجاوز الديمقراطيون فكرة ترشيح أول امرأة سوداء، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى انقسامات أعمق في الحزب ويخاطر بتنفير قاعدتهم من الناخبين السود.
كما تركز الحملة الهجومية المحتملة على موجة من الإعلانات التي تركز على سجل هاريس في مكتبها الحالي كنائبة للرئيس، أو عندما كانت نائبة في مجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا.
وبدأ حلفاء ترامب أيضاً، فحص سجلات الحكام الديمقراطيين الذين يعتبرون زملاء محتملين لهاريس، ويولي مستشارو الرئيس السابق اهتماماً وثيقاً بشكل خاص بحاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو، وهي الولاية التي تركز حملة ترامب أكثر على الفوز بها لعرقلة طريق الديمقراطيين إلى البيت الأبيض.

  • لماذا خفف ترامب هجومه على بايدن؟

ومنذ الأداء الكارثي لبايدن في المناظرة الرئاسية الأولى الشهر الماضي، خفف ترامب وحملته من انتقاداتهم لبايدن، على أمل أن يظل قابلاً للحياة سياسياً، حتى يرشحه الحزب رسمياً، ويكون الوقت قد فات لاستبداله دون عقبات قانونية كبيرة. ويفضل فريق ترامب أن يبقى بايدن في السباق، معتقدين أن معدلات تأييده المنخفضة وشكوك الناخبين المنتشرة حول عمره ولياقته المعرفية تمثل أفضل فرصة للرئيس السابق لاستعادة البيت الأبيض.
وبعد المناظرة، قرر فريق ترامب حجب الهجمات التي يمكن أن تلحق المزيد من الضرر ببايدن، وفقاً لشخص مطلع على المناقشات الداخلية لحملة ترامب. فيما يشير مصدر إلى أن التغيير في أعلى القائمة يمكن أن يؤدي إلى الفوضى في سباق مستقر بشكل ملحوظ، خاصة إذا أصبحت هاريس، التي ستكون أول امرأة سوداء تنتخب رئيساً، هي المرشحة.

وقبل وقت قصير من انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في ميلووكي الأسبوع الماضي، ومع مطالبة عدد متزايد من الديمقراطيين بايدن بمغادرة السباق، أعد فريق ترامب لافتات ومقاطع فيديو مناهضة لهاريس، لكنهم ألغوا تلك الخطط بعد أن حاول شاب اغتيال ترامب في بتلر بولاية بنسلفانيا يوم السبت الماضي، قبل يومين من بدء المؤتمر. ومع استمرار صدمة محاولة الاغتيال، خفت الضغوط على بايدن لمغادرة السباق لفترة وجيزة، وافترض فريق ترامب أن خطط الطوارئ الخاصة بهاريس لم تعد ضرورية.
وقال ليام دونوفان، وهو منسق الحملة الانتخابية لترامب: «إن كونك المرشح الأوفر حظاً (ترامب) ضد مرشح آخر يصنع التاريخ (هاريس) من شأنه أن يشكّل مخاطر جديدة لحملة تأمل في جني مكاسب تاريخية بين الناخبين السود».
ويقول بعض مساعدي ترامب سراً، إن هاريس قد تكون أفضل في إيصال رسائل معينة من بايدن، خاصة في ما يتعلق بحقوق الإجهاض، وهي القضية التي حفزت الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي لعام 2022. وباعتبارها مدعية عامة سابقة، ربما تكون في وضع يمكّنها من تقديم حجة حادة حول لوائح الاتهام الجنائية التي واجهها ترامب، بما في ذلك إدانته في مانهاتن بتهمة تزوير «سجلات الصمت».
لكن حملة ترامب تقول إن هاريس ستكون أيضاً عرضة للهجمات القوية، بسبب فترة عملها كنائبة للرئيس، وعلى سبيل المثال، فإن فريق ترامب يخطط لمهاجمتها بشأن أزمة الحدود، وهي الأزمة التي كلفها الرئيس بإيجاد «الأسباب الجذرية» لها.

  • استطلاعات الرأي

وكشفت استطلاعات رأي جديدة مفاجئة ما إذا كان الديمقراطيون يريدون بالفعل أن تصبح كامالا هاريس رئيسة مع انهيار حملة بايدن وتضاؤل ​​شعبيته بين اليسار. وأظهر استطلاع أن نحو ستة من كل 10 ديمقراطيين يعتقدون أن هاريس ستحقق نتائج جيدة إذا تنحى بايدن. فيما أشار الاستطلاع الذي أجراه مركز AP-NORC، أن أغلب الديمقراطيين يعتقدون أن البلاد ستكون في أيدٍ أمينة إذا تولت هاريس السلطة.
ويعتقد ما يقرب من 58% من الديمقراطيين أن هاريس ستكون رئيسة جيدة، بينما يعتقد 22% أنها لن تكون كذلك، و20%» لا يعرفون ما يكفي ليختاروا.
وعلى عكس نسب الديمقراطيين المرتفعة، فإن 87% من الجمهوريين قالوا إن هاريس لن تكون رئيسة جيدة.

وفي الوقت الذي يواجه فيه الرئيس بايدن القرار المؤلم المتمثل في التخلي عن محاولته الفوز بولاية ثانية، فإنه يواجه خياراً ثانياً بالغ الأهمية إذا فعل ذلك، ويتمثل في: هل سيؤيد نائبته، أو يعرقل ترشحها فعلياً، أو يترك الباب مفتوحاً؟ وذلك رغم امتداحه لها علناً خلال الفترة الأخيرة.
وبشأن هاريس، فقد أوضحت الديمقراطية البارزة ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي نانسي بيلوسي، لمقربين من الحزب أنها تفضل المنافسة المفتوحة إذا لم يترشح الرئيس بايدن. وبينما تعتبر نفسها صديقة لهاريس، فقد قالت بيلوسي إن نائبة الرئيس سيتم تعزيزها من خلال المنافسة.
وقالت السيناتور السابقة هايدي هيتكامب، الديموقراطية عن داكوتا الشمالية: «أفضل شيء بالنسبة لكامالا هاريس هو الفوز في معركة المؤتمر العام للحزب المتنازع عليها؛ لأن ذلك من شأنه أن يضفي الشرعية على ترشيحها. وإذا كانت صفقة خلف الكواليس، فهي لم تستحقها والناسيردون أن تكسبها، وبمجرد حدوث ذلك ستحصل هاريس على مردود انتخابي كبير».
لكن اللافت أن حاكم ولاية كاليفورنيا، إيليني كونالاكيس، الحليف الديمقراطي لهاريس، قالت إن هاريس قد مرت بالفعل بعملية اختيار تنافسية بصفتها نائبة للرئيس بايدن.
وقالت: «خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، صوّت الناخبون في جميع أنحاء البلاد بأغلبية ساحقة لصالح بطاقة بايدن-هاريس.. لذا، إذا تنحى بايدن، فمن الصعب للغاية تخيل مبرر لاختيار المندوبين أي شخص آخر غيرها».

  • ماذا عن التاريخ؟

تاريخياً، لم يكن من المسلّم به أن يؤيد الرئيس تلقائياً نائبه لخلافته، فقد قام هاري ترومان باختيار مرشح آخر ليحل محل نائب الرئيس، كما قال دوايت أيزنهاور إنه يحتاج إلى أسبوع للتفكير في أي مساهمة مهمة قدمها ريتشارد نيكسون باعتباره الرجل الثاني. وكذلك لم يؤيد ليندون جونسون هيوبرت همفري إلا قبل أسابيع من الانتخابات العامة.
وظل رونالد ريغان محايداً رسمياً خلال الانتخابات التمهيدية، أثناء ترشح جورج بوش، في حين دعم بيل كلينتون آل جور، على الرغم من أن نائبه ابتعد عنه بسبب فضيحة مونيكا لوينسكي. ولعل الأمر الأكثر أهمية هو أن باراك أوباما دعم هيلاري كلينتون لخلافته، ما أدى إلى تثبيط عزم بايدن نائب الرئيس حينها عن الترشح، عن دخول السباق. ولم ينس بايدن ذلك، لكن من غير الواضح ما إذا كانت هذه التجربة المؤلمة تجعله أكثر أو أقل استعداداً لتأييد نائبته.
وفي كلتا الحالتين، فإن هذا الوضع يختلف عن أي من تلك اللحظات الماضية. فيما أصبح المؤتمر العام للحزب الديمقراطي قاب قوسين أو أدنى، فمن المقرر عقده في الفترة من 19 إلى 22 أغسطس في شيكاغو. ويخطط الحزب لتسمية مرشحه رسمياً حتى قبل ذلك.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version