شكّلت الأمواج التي بلغ ارتفاعها مترين بداية مثالية لمنافسات ركوب الأمواج على بُعد 16 ألف كيلومتر من العاصمة الفرنسية باريس في قرية تياهوبو على الساحل الجنوبي الشرقي لجزيرة تاهيتي التي تستضيف إحدى مسابقات النسخة الحالية من الألعاب الأولمبية.
حراسة مشدّدة من رجال الشرطة، إبراز تصريح المرور، وقرية مسالمة اجتاحها أشخاص غرباء… تعب سكان تياهوبو من الإجراءات الأمنية المشدّدة الخاصة بالألعاب الأولمبية بعد يوم من انطلاق المنافسات.
عندما اختيرت جزيرة تاهيتي في بولينيزيا الفرنسية في جنوب المحيط الهادئ لاستضافة مسابقة أولمبية للمرة الأولى، أثير الجدل حول بناء برج الحكام المصنوع من الألومنيوم في مكان أشبه بالجنة على الأرض.
ولكن بعد أن هدأت مخاوف خبراء البيئة المحليين من تضرّر الشعاب المرجانية، ارتدى ملوك ركوب الأمواج بدلاتهم المائية السبت بمزيج من الخوف والإثارة. لسبب وجيه لأنهم يواجهون أمواج المحيط الجنوبي المهيبة، والتي عندما تنفجر على الشعاب المرجانية تنتج موجات تياهوبو المخيفة.
قال رومان توبوا الذي يسكن في المنطقة الأكثر ازدحاماً، بين مدخل القرية ونقطة ماهورا، مقابل الأمواج الشهيرة، لوكالة فرانس برس: «صحيح أنه حدث عظيم، لكننا نضطر إلى إظهار تصريح المرور أربع مرات لقطع مسافة 50 متراً: همّي الوحيد أن يرحل الجميع».
إضافة إلى كل هذه المعوقات، من الصعب جداً مشاهدة راكبي الأمواج خلال المنافسات، إذ من بين القوارب الـ 24 التي تم السماح لها بالوجود في مكان الحدث السبت، ثلاثة منها فقط كان على متنها جماهير تم اختيارهم بشكل عشوائي.
بالنسبة لسكان تياهوبو، الطريقة الوحيدة للاقتراب من الشاطئ هي أن يجدوا وظيفة ترتبط بالألعاب، على سبيل المثال ضمن دورية المياه، المسؤولة عن الأمن أو نقل الإداريين والمصورين.
تقول هيميري أفو الثلاثينية والتي أمضت حياتها في تياهوبو: «هي فرصة لا تعوّض لاستقبال كل هذه الدول».
وتابعت متأسّفة: «لكن لم يتم إخبارنا بكل هذه القيود ولم نعد نعرف شاطئنا، هناك حواجز في كل مكان، حتى في القرية».
لم تعد هذه السيدة التي تعمل خبيرة إطفاء تغادر منزلها وتعترف بأنها أعطت تصريح مرورها لأصدقائها حتى يتمكنوا من الاستمتاع بالألعاب.
كما أن المساحات الطبيعية الكبيرة التي تضفي سحرها على القرية، يشغلها حالياً مركز لوجستي ومنطقة مخصّصة للصحفيين وقرية صغيرة للرياضيين.
وفي بيت مجاور، زرعت عائلة أربعة أوتاد خشبية لمحاكاة أهداف كرة القدم. ثلاثة أجيال تستمتع بكرة قديمة، في هذه المساحة الخضراء الصغيرة، غير مبالية بجنون الألعاب.
وأمام أطفال عراة الصدور يجلسون على جذع شجرة جوز الهند، تصلب رجال الشرطة عندما مرت الوزيرة المنتدبة لشؤون الخارج ماري جيفينو، برفقة برلمانيين محليين.
تبدو هذه القرية بعيدة كل البعد عن إدراك هذا التهديد ولا ترغب في تغيير أسلوب حياتها ولو لمدة أسبوع. فمقابل مطعم «بي كيه 0» للوجبات الخفيفة، حيث يقع التمثال الشهير للموجة الأولمبية، تعتزم كنيسة السبتية الاحتفال بأحد الأعياد الدينية السبت بسلام.
يطلب المؤمنون من المسؤول عن منطقة المشجعين الواقعة على الشاطئ على بعد عشرين متراً أن يخفض الصوت أثناء العبادة. تم قبول الطلب: سوف يصلي السبتيون بينما يشاهد بضع مئات من عشاق رياضة ركوب الأمواج المنافسات على شاشة عملاقة.
ومن بين هؤلاء، جاءت تي إستال مع عائلتها «سيكون هناك حفل موسيقي هذا المساء مع موسيقيين من قبيلة بريسكويل، ولكن قبل كل شيء جئت لتشجيع فاهين وكاولي»، وهما راكبا أمواج من تاهيتي في الفريق الفرنسي، وقد نالا شهرة واسعة في بلدهما، حيث باتا يعرفان باسميهما فقط.
وفي حال تمكن أحدهما من الفوز بميدالية على «فك هافاي»، فستنسى قرية تياهوبو كل هذه المضايقات الصغيرة التي عكّرت صفوها.