بيروت – رويترز
عندما وصلت الحرب آخر مرة إلى أطراف العاصمة اللبنانية منذ ما يقرب من عقدين، نقل بلال سهلب أسرته بالسيارة إلى بلدة جبلية منعزلة، واستأجر شقة، وانتظر هناك حتى انتهاء القصف.
أما هذه المرة، فلم يعد لديه سيارة، ولا أموال للإيجار، ولا تصور لموعد انتهاء الأعمال القتالية. ويعيش سكان الضاحية الجنوبية لبيروت، حالة من التوتر منذ مقتل القيادي في حزب الله فؤاد شكر في غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الأسبوع الماضي.
وبعد ذلك بساعات، اغتيل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية في طهران. وتعهد «حزب الله» وحلفاء آخرون لإيران بالرد على إسرائيل.
ويخشى كثيرون في الضاحية، من أن تكون الغارة الجوية نذيراً بوصول الأعمال العدائية إلى داخل لبنان، بعدما أن ظلت قاصرة في معظمها على منطقة الحدود مع إسرائيل، منذ عشرة أشهر.
وفي الحرب الأخيرة بين إسرائيل، وحزب الله عام 2006، دمرت غارات إسرائيلية مباني في الضاحية، ما دفع السكان إلى الفرار إلى بلدات ومدن أخرى. ولكن لم يعد هذا خياراً متاحاً أمام سهلب. فقد أدت خمس سنوات من الانهيار الاقتصادي إلى انخفاض الليرة اللبنانية، ما يعني خسارة مدخراته، وانخفاض قيمة راتبه الشهري ليصل إلى ما يقرب من 500 دولار، بعد أن كان أكثر من خمسة آلاف دولار.
وأرسل سهلب زوجته وأولاده للعيش مع أهل زوجته في منطقة شرقي بيروت للحفاظ على سلامتهم، بينما بقي هو في الضاحية لمتابعة عمله. وقال وهو يجهش بالبكاء «آمن أكثر لهم فوق، لا أستطيع الخروج، لا بد لي من العمل من أجل نفقاتهم».
* استفادة من الموقف
في أعقاب الغارة الأسبوع الماضي، قال سكان الضاحية، إنهم بدأوا في البحث عن شقق، إما في عاليه وإما إلى الشرق منها في وادي البقاع. ولكن عندما زاد الطلب، ارتفعت قيمة الإيجارات الشهرية في تلك المناطق، ليصل بعضها إلى 1000 دولار، وهو مبلغ باهظ للغاية بالنسبة لأصحاب الدخل المحدود.
ووجدت فاطمة سيف الدين (53 عاماً) شقة بمقابل 500 دولار شهرياً في البقاع. لكن راتبها الشهري الذي لا يتجاوز 300 دولار كعاملة نظافة في إحدى الجامعات يعني أن هذه الشقة ليست في مقدورها.
وقالت: «في حرب 2006 خرجنا من مكان لمكان حتى استقررنا في فندق سياحي لكن لا يوجد هذا الخيار الآن».
وبات حتى البقاء مع الإخوة وأقرب الأقارب يشكل تحدياً. وفي الليلة التي وقعت فيها الغارة، نقل ماجد زعيتر (50 عاماً)، الذي يعمل سائقاً لسيارة أجرة في الضاحية، زوجته وأطفاله لمسافة تزيد على 50 كيلومتراً شمالاً للإقامة مع عائلة شقيقه.
ويعقد الشقاق والصراعات في لبنان، بعد عقود من الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990، أيضاً عملية البحث عن سكن، ما يجعل من الصعب أكثر من الماضي على سكان الضاحية العثور على مأوى.
وقال لبناني يعيش في بيروت، إنه يريد إخراج جدته من الضاحية الجنوبية في أعقاب الغارة الإسرائيلية الأسبوع الماضي التي ضربت المنطقة المحيطة بمنزلها.
وقال ناصر (70 عاماً)، الذي يعمل سائقاً، إنه كان حريصاً على مغادرة الضاحية مع أسرته، لكنه وجد أن التوتر والأسعار أعلى من قدرته على الاحتمال.