شهدت الحرب الإسرائيلية على غزة، أمس السبت، مجزرة مروعة خلال صلاة الفجر قتل فيها أكثر من 100 وإصابة العشرات أغلبيتهم من الأطفال والنساء في مدرسة «التابعين» التي تؤوي آلاف نازحين في حي الدرج شرق مدينة غزة. وتداولت وسائل الإعلام المختلفة مشاهد وصوراً مروعة وشهادات عن هذه المذبحة التي صعقت الضمير الإنساني.

وأثارت الجريمة المروعة موجة واسعة من الغضب والإدانات الدولية ضد إسرائيل، وأصدرت الإمارات ومصر والسعودية والأردن وقطر وسلطنة عُمان والكويت ولبنان وإيران وتركيا وبريطانيا وروسيا، إضافة إلى السلطة الفلسطينية والأزهر الشريف ومؤسسات عربية وخليجية وأممية، بيانات تدين بأشد العبارات استمرار الهجمات الإسرائيلية وتطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته حقناً للدماء.

دانت دولة الإمارات، واستنكرت بأشد العبارات، استهداف مدرسة «التابعين». وأكدت وزارة الخارجية في بيان لها، رفض دولة الإمارات القاطع لاستهداف المدنيين والأعيان المدنية، كما شددت على أن الأولوية العاجلة هي الحفاظ على أرواح المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية إلى الشعب الفلسطيني الشقيق في القطاع بشكل عاجل ومكثف وآمن ودون أي عوائق. وأكدت الوزارة ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار لمنع سفك الدماء، مؤكدة أهمية أن ينعم المدنيون والمؤسسات المدنية بالحماية الكاملة بموجب القانون الدولي والمعاهدات الدولية، وضرورة ألا يكونوا هدفاً للصراع. ودعت دولة الإمارات المجتمع الدولي، إلى بذل أقصى الجهود لتجنب المزيد من تأجيج الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة، وعلى دفع كافّة الجهود المبذولة لتحقيق السلام الشامل والعادل.

وأعرب مجلس حكماء المسلمين، برئاسة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، عن إدانته واستنكاره الشديدين لقصف قوات الاحتلال الإسرائيلي مدرسة «التابعين» وأكد مجلس حكماء المسلمين، رفضه القاطع لاستهداف المدنيين الأبرياء في قطاع غزة، داعياُ المجتمع الدولي للتحرك العاجل لإنهاء هذه المأساة الإنسانية واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية وتوفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين، وفتح تحقيق دولي في هذه المجزرة المروعة ومحاسبة مرتكبيها وفقاً للقانون الدولي، ودعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

ودانت الرئاسة الفلسطينية «المجزرة التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء شعبنا الأعزل في مدرسة التابعين التي تؤوي نازحين، مشيراً إلى أنها «جريمة جديدة تتحمل الإدارة الأمريكية مسؤوليتها جراء دعمها المالي والعسكري والسياسي للاحتلال». وأعرب مجلس التعاون لدول الخليج العربية عن إدانته واستنكاره بأشد العبارات للجريمة الإسرائيلية الجديدة. وشدد جاسم محمد البديوي الأمين العام للمجلس، في بيان، على أن الاعتداءات المتواصلة والعنيفة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين الفلسطينيين في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، واستهدافها بشكل مباشر لمراكز الإيواء ومخيمات النازحين، تعد جرائم حرب تبرز النهج الإجرامي الخطر لقوات الاحتلال. كما دان الأزهر الشريف بشدة القصف الوحشي الذي نفذته قوات الاحتلال الإسرائيلي على مدرسة «التابعين». ووصف الأزهر الهجوم بالغادر والإجرامي، مؤكداً أنه يعكس قسوة وهمجية الاحتلال في استهداف المدنيين الأبرياء، بما فيهم النساء والأطفال والشيوخ، مشدداً على أن التاريخ لن يرحم الصامتين والمتخاذلين أمام هذه الجرائم البشعة.

ودان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، «العمل الجبان الذي يُمثل سُبة في جبين جيش الاحتلال الإسرائيلي»، مؤكداً أن «قتل المدنيين النازحين أثناء صلاة الفجر هو جريمة تفوق حتى المستوى المتدني المعهود عن الجيش الإسرائيلي من حيث الإمعان في الخسّة والتجرد من الضمير».

واتهمت مقرّرة الأمم المتحدة الخاصّة في الأراضي الفلسطينية، الإيطالية فرانشيسكا ألبانيز، إسرائيل بارتكاب «إبادة جماعية». وقالت ألبانيز عبر منصة «إكس» أمس السبت، «ارتكبت إسرائيل إبادة جماعية ضدّ الفلسطينيين، في حيّ تلو الآخر ومستشفى تلو الآخر ومدرسة تلو الأخرى ومخيّم للاجئين تلو الآخر وفي منطقة آمنة تلو الأخرى». وأشارت إلى أنّ إسرائيل تشنّ، مثل هذه الضربات على الفلسطينيين مستخدمة «أسلحة أمريكية وأوروبية». وأضافت «فليسامحنا الفلسطينيون على عجزنا الجماعي عن حمايتهم عبر احترام المعنى الأساسي للقانون الدولي».

وقال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل: إن الصور التي التقطت من مدرسة الإيواء في غزة التي تعرضت لضربة إسرائيلية، مع عشرات الضحايا الفلسطينيين، «مرعبة». وأضاف بوريل في منشور على منصة «اكس»، أنه تم استهداف ما لا يقل عن 10 مدارس في الأسابيع الماضية، ولا يوجد أي مبرر لهذه المجازر، وإننا نشعر بالفزع إزاء العدد الإجمالي الرهيب للوفيات. وتابع بالقول: «قُتل حتى أكثر من 40 ألف فلسطيني منذ بداية الحرب، وإن وقف إطلاق النار هو السبيل الوحيد لوقف قتل المدنيين وتأمين إطلاق سراح الأسرى».

من جانبه قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، فيليب لازاريني: إن العالم استيقظ على يوم آخر من الرعب في غزة، بعد قصف مدرسة أخرى، وتقارير عن استشهاد العشرات، بينهم نساء وأطفال ومسنون. وأكد أن «المدارس ومرافقنا والبنية التحتية المدنية يجب ألا تكون هدفاً، وعلى أطراف النزاع حمايتها». وشدد على أنه حان الوقت لوضع حد لهذه الفظائع التي تتكشف أمام أعيننا. وتابع «لا يمكننا السماح لهذه الأحداث أن تصبح أمراً واقعاً عادياً، فكلما تكررت، فقدنا إنسانيتنا الجماعية».

وأعربت روسيا عن «صدمتها الشديدة»، حيال الهجوم الإسرائيلي على مدرسة التابعين بمدينة غزة. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان صحفي: إن «الهجوم على مدرسة التابعين، جاء نتيجة لعدم الالتزام بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تطالب بوقف الأعمال العدائية في قطاع غزة»، بينما أعرب البيت الأبيض الأمريكي عن قلقه العميق إزاء التقارير عن سقوط ضحايا مدنيين في الغارة، لكنه تبنى الرواية الإسرائيلية التي تزعم وجود مسلحين في المدرسة، وهو ما نفاه المكتب الإعلامي للحكومة الفلسطينية في عزة. (وكالات)


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version