إعداد ـ محمد كمال
في ظل الضبابية التي تحيط باتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والحديث عن فشل الرئيس جو بايدن في الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل تقديم بعض التنازلات، خرجت شبكة بي بي إس الأمريكية على لسان أحد كبار مراسليها قبل يومين متهمة المرشح الجمهوري دونالد ترامب بمحاولة إقناع إسرائيل بعدم قبول الصفقة، دون تقديم دليل، ما دفع الشبكة العريقة على الاعتذار علناً لترامب والتراجع عن مزاعمها.
بدأ الجدل عندما قالت كبيرة مراسلي الشبكة جودي وودروف عبر برنامج «بي بي إس نيوز أور»، إن ترامب تحدث مع نتنياهو، وحثه على رفض اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بحجة أن الاتفاق سيصب في مصلحة الإدارة الأمريكية الحالية، وقد يعطي دفعة للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، لكن جودي لم تقل من أين جاءت بهذه المعلومات، ثم وجدت الشبكة نفسها في حرج بالغ.
وقالت جودي وودروف في شيكاغو يوم الاثنين: «تشير التقارير إلى أن الرئيس السابق ترامب يتحدث عبر الهاتف مع رئيس وزراء إسرائيل، ويحثه على عدم إبرام صفقة الآن، لأنه يعتقد أن ذلك سيساعد حملة هاريس».
لكن الإعلامية المخضرمة عادت الخميس لتقديم اعتذار علني نادر، عن ادعائها بأن ترامب حاول إقناع إسرائيل بالانسحاب من الاتفاق. واستطردت بالقول إنها «ارتكبت خطأ وإنها كانت تستند في قصتها إلى تقارير أخرى».
وأضافت جودي وودروف: «أريد توضيح تصريحاتي في برنامج PBS News الخاص مساء الاثنين حول محادثات وقف إطلاق النار الجارية في الشرق الأوسط». واستطردت بالقول: «كما قلت، لم يكن هذا مبنياً على تقاريري الأصلية؛ كنت أشير إلى تقارير قرأتها في موقعي أكسيوس ورويترز عن تحدث الرئيس السابق ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي».
وفي لحظة البث التلفزيوني المباشر، كررت القصة لأنني لم أشاهد بعد ذلك تقارير تفيد بأن كلا الجانبين ينفيان ذلك. لقد كان هذا خطأ وأنا أعتذر عنه».
ونفى مكتب نتنياهو وترامب، في تصريحين منفصلين تقريراً لموقع «أكسيوس» قال إنهما تحدثا هاتفياً بشأن محادثات وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المحتجزين.
وعن موقف الرئيس الأمريكي السابق، فقد دعا ترامب نتنياهو علناً إلى ضرورة العمل على إنهاء الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة في أسرع وقت، وذلك خلال اجتماعهما عندما زار نتنياهو الولايات المتحدة مؤخراً.
فشل أمريكي
ويرى مراقبون أن محاولة توجيه أصابع الاتهام إلى ترامب بعرقلة اتفاق وقف إطلاق النار، يعد تغاضيا عن فشل الإدارة الأمريكية في الضغط على الحليفة إسرائيل.
ورغم محاولات الرئيس الأمريكي جو بايدن استخدام مبيعات الأسلحة كورقة ضغط على إسرائيل من أجل إتمام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، فإن ذلك لم يؤت ثماره لحد الآن.
وجاء القرار الذي اتخذته إدارة بايدن الأسبوع الماضي بالمضي قدماً في صفقات أسلحة بقيمة 20 مليار دولار لإسرائيل بعد أشهر من التأخير قبيل رحلة وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى الشرق الأوسط، فيما اعتبره الكثيرون محاولة أخيرة للحصول على اتفاق لوقف القتال في غزة. لكن بلينكن عاد إلى واشنطن الأربعاء دون تحقيق أي تقدم على الرغم من استمرار المحادثات، وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال.
وقال مسؤولون في وزارة الخارجية الأمريكية إن إعلان مبيعات الأسلحة الأسبوع الماضي تقرر بشكل مستقل عن محادثات وقف إطلاق النار. كما جاء هذا الإعلان أيضاً أثناء عطلة الكونغرس، ما يقلل من فرص المعارضة العامة من قبل بعض النواب.
خطأ الصفقات
وقال دانييل ليفي، المسؤول الحكومي الإسرائيلي السابق، إن إدارة بايدن ربما كانت تنوي تشجيع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تبني اتفاق وقف إطلاق النار. لكنه أضاف أن هذا النهج قد يأتي بنتائج عكسية في نهاية المطاف، لأنه عندما تقدم واشنطن الأسلحة، يشعر نتنياهو بأنه انتصر، و«يستطيع إدارة أمريكا كما يفعل دائماً».
وتشمل المبيعات التي أعلنتها الإدارة الأسبوع الماضي أسطولاً من طائرات إف-15 الحربية ومركبات عسكرية ومدافع هاون وذخيرة دبابات وصواريخ. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن تسليم معظم الأسلحة لن يبدأ حتى عام 2026، وليس حتى عام 2029 في حالة الطائرات.
ولعقود من الزمن، كانت الأسلحة عنصراً أساسياً في العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وتتلقى إسرائيل أكثر من 3 مليارات دولار من المساعدات العسكرية السنوية، ومعظم مشترياتها من الأسلحة تتم بتمويل من الحكومة الأمريكية.
خلال أكثر من 10 أشهر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، سارعت الحكومة الأمريكية في بعض الأحيان إلى إرسال الأسلحة إلى إسرائيل، حتى أنها استخدمت قانون الطوارئ لإرسال قذائف المدفعية والدبابات إليها. كما قامت الولايات المتحدة أيضاً بتأخير بعض المبيعات دون تفسير علني وأوقفت مؤقتاً شحنة من القنابل على أمل تشجيع إسرائيل على احتواء الصراع.
وقال مسؤول جمهوري في الكونغرس مطلع على عملية البيع: «إن محاولة الحصول على نفوذ في وقت الحرب هي أسوأ الأوقات، وأضاف: «الدول لن تحد من حربها لأن الولايات المتحدة تحاول خوض الحرب من واشنطن. وهذا هو أسوأ أنواع الإدارة الجزئية».