خاص

المعدن الأصفر

الذهب، المعدن الثمين الذي طالما اعتُبر ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات، يشهد  تحركات قوية في الأسواق العالمية، مع استمرار الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية، متصدراً المشهد كأحد أكثر الأصول جاذبية للمستثمرين الباحثين عن الاستقرار.

وفي ظل السياسات النقدية التيسيرية المرتقبة من جانب البنوك المركزية الكبرى، وخصوصًا تخفيض أسعار الفائدة، يزداد الاهتمام بالذهب كوسيلة للتحوط من تقلبات الأسواق المالية.

كذلك مع تزايد عدم اليقين الاقتصادي العالمي، يلجأ المستثمرون إلى الذهب باعتباره أحد الأصول الآمنة التي تحافظ على قيمتها في وجه الأزمات.

جاذبية الذهب

في هذا السياق، قال استراتيجي الاستثمار في بنك أوف أميركا ، مايكل هارتنيت، في مذكرة قبيل أيام:

  • إن المستثمرين يجب أن يشتروا الذهب حتى مع ارتفاع أسعار المعدن الأصفر إلى مستويات قياسية.
  • المستثمرون يجب أن “يفعلوا ما تفعله البنوك المركزية.. شراء الذهب”
  • السبب في ذلك هو أن تخفيضات أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي في الأشهر المقبلة تشكل خطراً على تحفيز انتعاش التضخم العام المقبل، كما أن الأصول الحقيقية، مثل الذهب، حققت أداء جيدا تاريخيا خلال نوبات التضخم.

تأتي تعليقات هارتنيت في ظل ارتفاع قياسي في أسعار المعدن النفيس، حيث ارتفعت أسعار الذهب بنحو 20 بالمئة منذ بداية العام، متجاوزة مكاسب مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ببضع نقاط مئوية، ومتفوقة على أسهم التكنولوجيا، وفق تقرير لمنصة “بيزنس إنسايدر” اطلع عليه موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”.

وفي الوقت نفسه، أشار هارتنيت إلى أن:

  • الذهب هو الأصل الوحيد الذي يتفوق في الأداء على أسهم التكنولوجيا الأميركية.
  • العامل المحير وراء ارتفاع أسعار الذهب هو أن المستثمرين لم يطاردوه.
  • وبدلاً من ذلك، شهد الذهب تدفقات خارجية صافية بلغت 2.5 مليار دولار حتى الآن هذا العام، وهو ما يعني أن المستثمرين كانوا يجنون الأرباح وسط الارتفاع القياسي الذي حققه المعدن النفيس.
  • وهذا يعني أيضاً أن شراء الذهب جاء من مجموعة أخرى من السوق.

ووفق هارتنت، فإن التقابل بين أسعار الذهب المرتفعة القياسية والتدفقات الخارجية السلبية “لا يمكن تفسيره إلا من خلال عمليات الشراء غير المسبوقة من جانب البنوك المركزية”، مضيفاً أن البنك المركزي الصيني أكبر مشتر للذهب في عام 2023.

وشدد على أن “الذهب هو الآن ثاني أكبر أصول الاحتياطي (16.1 بالمئة مقابل 15.6 بالمئة لليورو) ولديه أحد أدنى الارتباطات بالأسهم عبر فئات الأصول”.

ومن بين صناديق الذهب المتداولة المحتملة التي يمكن أخذها في الاعتبار هي IAUM و GLDM ، والتي وصفها هارتنيت بأنها “الأعلى تصنيفاً”.

خفض الفائدة

من جانبه، قال رئيس الأسواق العالمية في  Cedra Markets، جو يرق، في حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن:

  • تصريحات رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، يوم الجمعة الماضي، بشأن أنه حان الوقت لتعديل السياسات النقدية والمالية في الولايات المتحدة عبر تخفيض أسعار الفائدة، تمثل دعماً إضافياً لارتفاع أسعار الذهب.
  • ضعف الدولار عادةً ما يدفع أسعار الذهب للارتفاع.
  • بعض أعضاء البنك المركزي الأوروبي ورئيس بنك إنكلترا، عبروا -خلال ندوة جاكسون هول- أيضاً عن الاتجاه نحو تخفيض أسعار الفائدة، مما قد يؤدي إلى تأثير إضافي على الذهب.
  • بعض الأرقام الاقتصادية المخيبة للآمال في الولايات المتحدة، مثل تراجع أرقام الوظائف، إلى جانب الانكماش في ألمانيا خصوصاً في القطاعات الصناعية، عوامل تعزز من توقعات ركود اقتصادي.

وتابع قائلاً: “هذه التوقعات تدفع المستثمرين نحو الذهب كوسيلة للتحوط من الأزمات”، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن التطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، والحرب في أوكرانيا، من بين العوامل التي تخلق حالة من عدم اليقين في الأسواق، مما يجعل الذهب ملاذًا آمنًا للمستثمرين.

بعد قفزات سعرية.. إلى أين يتجه المعدن الأصفر؟

ولفت إلى أن صناديق التحوط ترفع رهاناتها على الذهب إلى أعلى مستوياتها، مما يعزز من توقعات صعود أسعار الذهب، مشيراً في الوقت نفسه إلى مشتريات البنوك المركزية من الذهب كعامل داعم، قائلاً إن هناك توجهاً من بعض الدول الناشئة نحو الذهب كتحوط من الأزمات.

وكذلك في ضوء عدم الاستقرار السياسي في الولايات المتحدة مع اقتراب الانتخابات، تزايدت عمليات شراء الذهب من قبل الصناديق العائلية وصناديق التحوط.

واختتم يرق حديثه بتأكيده على أن التوقعات تشير إلى أن مستويات سعر 2700 دولار للأونصة ليست مستبعدة في حال استمرار هذه الظروف مجتمعة، مما قد يؤدي إلى ارتفاعات إضافية في أسعار الذهب.

اتجاهات الذهب

خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، أوضحت في حديثها مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن:

  • اتجاهات الذهب عادة ما تتعارض مع اتجاهات الدولار.
  • السياسات التي تميل نحو التيسير المالي، مثل خفض أسعار الفائدة، تؤدي إلى ارتفاع سعر الذهب.
  • الأزمات الجيوسياسية العالمية تسهم في تعزيز أداء الذهب كملاذ آمن.
  • العملات المشفرة وعلى رأسها البيتكوين تُعتبر في بعض الأحيان منافسًا للذهب، إلا أن الذهب يظل الخيار الأول في أوقات الأزمات.
  • الذهب يواجه في بعض الأحيان نقاط مقاومة عند وصوله إلى مستويات قياسية، مما يدفع البنوك والمستثمرين الكبار إلى عمليات بيع تحدد اتجاهه.
  • لكن غالباً ما يخترق الذهب هذه النقاط مع ظهور أخبار تتعلق بالأزمات الاقتصادية أو الحروب، مما يدفعه نحو مستويات أعلى.
  • خلال جائحة كورونا، كان الذهب قد واجه نقطة مقاومة رئيسية عند 2075 دولارًا للأونصة، حيث شهد انخفاضًا بعد الوصول إليها. لكنه استطاع بعد ذلك أن يسجل انطلاقة قوية ليصل إلى ما مستويات 2500 دولار للأونصة.
  • تعزز ذلك مع بدء الصين في وقت سابق في شراء كميات كبيرة من الذهب بعد بيع جزء كبير من أصول الخزانة الأميركية.
  • عديد من البنوك العالمية بدأت في شراء الذهب كملاذ آمن (بما دعم أسعار الذهب).

وتابعت رمسيس: “الذهب سيظل في مسار تصاعدي، مع احتمال حدوث بعض عمليات البيع التي يتبعها ارتفاع جديد”، مؤكدة أن اتجاه الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة سيظل من العوامل التي تدعم ارتفاع الذهب عالمياً وانخفاض مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية بسلة من العملات.

وتوقعت خبيرة أسواق المال في ختام حديثها مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن يصل سعر الذهب إلى 2850 دولاراً للأونصة، وربما يخترق مستوى 3000 دولار.

سبيكة الذهب بمليون دولار!

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version