خاص

مخاوف من تصاعد الصراع وتداعياته على الاقتصاد البريطاني

تهدد التوترت والاضطرابات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط الاقتصاد البريطاني وسط مخاوف من تعرض البلاد لصدمات جديدة بعد النجاة من اضطرابات سابقة، ما يثير التساؤلات بشأن تأثير  تلك الأزمة على حالة التفاؤل بشأن الاقتصاد واستقراره خلال الفترة الأخيرة.

يراقب بنك إنكلترا أزمة الشرق الأوسط وسط مخاوف من أن الصراع المتفاقم بين إيران وإسرائيل سيجعل من المستحيل استقرار أسعار النفط ويترك الاقتصاد العالمي عرضة لصدمة طاقة على غرار ما حدث في سبعينيات القرن الماضي.

وقال محافظ البنك، أندرو بيلي، إنه يراقب التطورات “عن كثب شديد” وإن هناك حدودا لما يمكن القيام به لمنع ارتفاع تكلفة النفط الخام إذا “ساءت الأمور حقا”، حسب صحيفة الغارديان البريطانية.

وأشار بيلي إلى احتمال أن يصبح البنك “أكثر عدوانية بعض الشيء” في خفض أسعار الفائدة بشرط أن تظل الأخبار المتعلقة بالتضخم جيدة.

ووفق بيلي فإن “المخاوف الجيوسياسية خطيرة للغاية.. ما يحدث أمر مأساوي..  من الواضح أن هناك ضغوطًا والقضية الحقيقية هي كيف قد تتفاعل مع بعض الأسواق التي لا تزال تعاني من ضغوط شديدة في بعض الأماكن”.

وشدد على أن أسعار النفط لم تشهد ارتفاعاً كبيراً منذ 7 أكتوبر 2023، مردفاً:  “من وجهة نظر السياسة النقدية، فإن عدم اضطرارنا إلى التعامل مع زيادة كبيرة في أسعار النفط يشكل مساعدة كبيرة لنا. ولكن من الواضح أننا مررنا بهذه التجربة في الماضي، وفي سبعينيات القرن العشرين، كان سعر النفط يشكل جزءاً كبيراً من القصة”.

واستطرد: “من الواضح أننا نواصل مراقبتها. نراقبها عن كثب لمعرفة تأثير آخر الأخبار. لكن إحساسي من كل المحادثات التي أجريتها مع نظرائي في المنطقة هو أن هناك، في الوقت الحالي، التزامًا قويًا بالحفاظ على استقرار السوق..  هناك أيضًا إدراك بأن هناك نقطة يمكن أن تنهار عندها هذه السيطرة إذا ساءت الأمور حقًا. عليك أن تراقب هذا الأمر باستمرار، لأنه قد يسوء.”

وقال بيلي إن الاقتصاد أثبت قدرته على الصمود أكثر مما كان يخشى قبل عامين، أو حتى قبل عام. وأضاف: “أعتقد بأن الاقتصاد نجح في تجاوز الصدمات التي شهدناها خلال الأعوام الخمسة الماضية بشكل أفضل مما كان يخشاه الكثيرون منا. لذا فهناك قاعدة يمكن تطويرها.

تحديات

وفي السياق، ذكر تقرير لصحيفة Daily Express، أن  “المملكة المتحدة ليست جزيرة ــ على الأقل ليس بالمعنى الاقتصادي (..) الأحداث الجيوسياسية الخارجية تهز الاقتصاد وتعطل أفضل الخطط الموضوعة”.

ووفق التقرير، فإن هذه هي التحديات التي يواجهها الآن محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي، على اعتبار أن الصراع في الشرق الأوسط يظهر علامات متزايدة على التصعيد. ومن شأن أي صدام مع إيران على وجه الخصوص أن يعطل إمدادات النفط، مما يدفع أسعار النفط العالمية إلى الارتفاع.

وتهدد أسعار النفط المرتفعة بارتفاع أسعار البنزين وفواتير الخدمات، مما يؤدي إلى امتصاص المزيد من الأموال من ميزانيات الشركات وجيوب المستهلكين.

وبالتالي فإن ذلك جنبًا إلى جنب مع ارتفاع أسعار الفائدة والضرائب، قد تدفع المملكة المتحدة إلى حالة من الجمود الاقتصادي العميق، وفق التقرير.

مرونة متوقعة

وفي سياق متصل، نقلت Morningstar عن رئيس الخدمات المصرفية التجارية في بنك HSBC، ستيوارت تايت، قوله:

  • إن التوترات الحالية في الشرق الأوسط تلقي بظلال أخرى من عدم اليقين على الشركات، مع المخاوف بشأن ما قد يحدث لأسعار النفط، التي ارتفعت بالفعل بشكل حاد في الأيام الأخيرة.
  • “الجميع يراقبون ذلك عن كثب”.. الإضرابات الأخيرة في الموانئ الأمريكية تشكل أيضًا مصدر قلق محتمل بين الشركات.. “ما يهم العديد من الشركات هو التدفق الحر للتجارة”.
  • الشركات البريطانية أصبحت ماهرة في التعامل مع المواقف الصعبة، بعد أن تحملت كوفيد، وأزمة سلسلة التوريد التي أعقبت ذلك وصدمة أسعار الطاقة بعد الحرب في أوكرانيا.
  • “لقد أثبتت بعض الصدمات التي حدثت في السنوات الثلاث إلى الخمس الماضية أن الشركات البريطانية أكثر مرونة وقدرة على التنقل … أفضل مما كنا نتوقعه سابقًا”.

تأثير محدود على الاقتصاد البريطاني

من لندن، يقول الخبير الاقتصادي أنور القاسم، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن تأثير توترات منطقة الشرق الأوسط يبدو حتى الآن محدودًا على الاقتصاد البريطاني، الذي يعاني أساسًا من فجوة في الميزانية وتراجع الاستثمارات وتدهور الوضع الاقتصادي للأسر في البلاد.

وأضاف أن شركات التأمين في بريطانيا تدفع أسعارًا مرتفعة جدًا، مما ينعكس سلبًا على الواردات والصادرات، خاصةً تلك المتجهة إلى الشرق الأوسط، والتي تمر عبر البحر الأحمر، بسبب المخاطر التي يمثلها استهداف الحوثيين للسفن الأميركية والبريطانية.

ورجح أن تكون التأثيرات الاقتصادية أخطر بكثير في حال نشوب حرب شاملة تدخل فيها إيران مباشرة، متوقعًا أن تؤدي إلى هجمات واسعة النطاق على البنية التحتية للطاقة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط (..)، فضلاً عن المزيد من الاضطرابات في طرق التجارة عبر البحر الأحمر.

وأشار إلى تقديرات اقتصادية بريطانية أوضحت أن مثل هذا السيناريو من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط إلى 130 دولارًا للبرميل، وخفض نمو الناتج العالمي بنحو 0.4 نقطة مئوية في العام المقبل.

وتوقع القاسم أن تواجه بريطانيا بعض التأثيرات الاقتصادية حال توقف الموانئ والمطارات، مما قد يؤدي إلى توقف بعض الدول عن تلقي الإمدادات الأساسية، وبالتالي نقص حاد في الغذاء والدواء والمحروقات.

وقال إن أي هجمات على منشآت الطاقة، سواء المرتبطة بالبنية التحتية الحيوية للنفط والغاز أو تصدير الغذاء، ستؤدي إلى تعطيل الإمدادات، مما يسبب تقلبات خطيرة في أسعار الطاقة، مؤكدًا أن لذلك تأثيرًا عالميًا وليس إقليميًا يقتصر على بريطانيا فقط.

وذكر أن الاقتصاد البريطاني يمر بأزمة بنيوية أكثر من أي اقتصاد في الدول الصناعية السبع الكبرى، وقد تفاقمت تلك الأزمة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية والدعم البريطاني لأوكرانيا. وأكد أن أي اضطراب في الشرق الأوسط سيكون له تأثير كارثي، نظرًا للعلاقات الاقتصادية التاريخية والمتجذرة التي تربط لندن بهذه الدول.

قلاوون: حزب العمال يريد أن يكسب الثقة حتى مع زيادة الضرائب

تداعيات الأزمة على الاقتصاد البريطاني

وإلى ذلك، استعرض الرئيس التنفيذي لمركز “كروم للدراسات الاستراتيجية” طارق الرفاعي في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” تداعيات الأزمة في الشرق الأوسط على الاقتصاد البريطاني، موضحًا النقاط التالية:

  • كان سعر النفط يتداول عند أدنى مستوى له منذ عامين، لكنه قفز بنسبة 10 بالمئة خلال الأسبوعين الماضيين.
  • هذا الارتفاع سيكون له تأثير مباشر وسريع على أسعار الطاقة في بريطانيا والدول الأوروبية، مما قد يؤثر سلبًا على الاقتصاد البريطاني.
  • أي عرقلة في سلاسل التوريد، كما حدث خلال أزمة كورونا وبداية الحرب الإسرائيلية ضد حركة حماس في العام الماضي، ستؤدي إلى ارتفاع تكلفة الشحن، مما سينعكس بدوره على رفع الأسعار على المستهلك.
  • وهذا يعني أن التضخم قد يرتفع في المستقبل.
شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version