خلال زيارته لإسرائيل، صرّح مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، بأن “ميزان القوى في الشرق الأوسط تغير بشكل كبير”، مشيرًا إلى أن إسرائيل أصبحت أقوى بينما تراجع نفوذ إيران ووكلائها. هذا التصريح يعكس نهجا أميركيا واضحا في دعم السياسات الإسرائيلية لتعزيز موقعها في المنطقة.
مدير دراسات شؤون غرب آسيا وشمال إفريقيا في الخارجية الإيرانية، السفير مجتبى فردوسي بور، دحض الادعاءات التي تقلل من شأن الدور الإيراني في المنطقة.
وأكد في مقابلة مع رادار على “سكاي نيوز عربية” أن “إيران لم تتأثر سلبًا بالأحداث الأخيرة، ولا زالت قوتها ونفوذها كما كانا قبل السابع من أكتوبر”.
فردوسي بور شدد على أن “المقاومة ليست مجرد أدوات عسكرية، بل هي مدرسة قائمة على القيم والمبادئ”، معتبرًا أن دور إيران يمتد إلى “الدفاع عن حرية الشعوب العربية وكياناتها”.
وأشار إلى أن الوجود الإسرائيلي في الجولان يمثل “احتلاًا قد يدفع بمزيد من التوسع”، بينما اعتبر أن التدخل الإيراني في سوريا والعراق كان بطلب من حكومتيهما لمواجهة داعش والإرهاب المتطرف.
ومع ذلك، أقرّ السفير بأن إيران تواجه تحديات تتطلب سرعة التأقلم مع الظروف الجديدة، مؤكدا أن “الشعب السوري هو صاحب الحق في تحديد مصير بلاده”.
التحديات أمام النفوذ الإيراني
من جهة أخرى، قال الكاتب والباحث السياسي عبدالله الجنيد إن التغيرات الجيوسياسية الأخيرة تُبرز تحجيم الدور الإيراني في المنطقة.
وأشار الجنيد إلى “وجود تفاهمات داخلية بين هيئة تحرير الشام وقسد، خاصة فيما يتعلق بدير الزور، مما يعوق المسارات الإيرانية نحو سوريا ولبنان”.
وأضاف أن إيران تواجه عزلة سياسية متزايدة، معتبرًا أن “النفوذ الإيراني في المنطقة تراجع بشكل كبير منذ عام 2003”.
كما انتقد دور إيران في العراق وسوريا واليمن، مشيرًا إلى أن “إيران دمرت الجغرافيا العربية تحت ذريعة تحرير فلسطين، وأسهمت في تهجير السكان وخلق فراغ سياسي استغلته تركيا لتعزيز حضورها”.
المنظور الأميركي والإسرائيلي للتوازن الجديد
مدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هدسون، ريتشارد وايتز، قال إن “سوريا تُعد عنصرا أساسيا في محور المقاومة، وفقدان السيطرة عليها يضعف بشكل كبير إيران وروسيا”.
وأشار إلى اعتماد الحرس الثوري الإيراني على سوريا كقاعدة لنقل الأسلحة إلى حزب الله في لبنان.
لكن وايتز اعتبر أن “التحديات الأميركية في سوريا كبيرة”، إذ يقتصر نفوذ واشنطن مقارنة بالقوى الأخرى. ومع ذلك، أضاف أن هناك جهودا أميركية لتحقيق أهداف استراتيجية، من بينها “إجراء انتخابات حرة، وسحب القوات الأجنبية، والتخلص من الأسلحة الكيميائية”.
وبينما تحتفل إسرائيل بما تعتبره نجاحات عسكرية وسياسية، تستمر إيران في التأكيد على قدرتها على التكيف والاستمرار في دعم حلفائها. أما الولايات المتحدة، فتبدو ماضية في مساعيها لتقليص النفوذ الإيراني والروسي في المنطقة عبر تحالفات جديدة، بما في ذلك مع تركيا.
ويبقى السؤال حول ما إذا كانت هذه التغيرات ستثبت أنها دائمة، أم أنها مجرد مرحلة في سياق الصراعات الطويلة في الشرق الأوسط.
الصراع على النفوذ في الشرق الأوسط لا يبدو قريبا من نهايته. التصريحات الأميركية والإسرائيلية تبرز محاولات تغيير قواعد اللعبة، بينما ترى إيران في ذلك تحديًا جديدًا لتعزيز دورها الإقليمي. والمنطقة تدخل مرحلة من إعادة التوازن، في ظل تنافس مستمر بين القوى الكبرى والمحلية على صياغة مستقبلها.