تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد التوتر الأمني بعد انفجار عبوة ناسفة في رفح استهدفت ضابطاً إسرائيلياً، فيما توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرد على ما وصفه بانتهاك حماس للاتفاق، وسط تأكيد الحركة أن الانفجار نجم عن ممارسات إسرائيلية.
خروقات تهدد استقرار غزة
اعتبر إبراهيم المدهون، مدير المؤسسة الفلسطينية للإعلام “فيميد”، في حديثه إلى غرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية، أن التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وقادة الجيش تمثل “انقلاباً على اتفاق وقف إطلاق النار” الذي جاء ضمن خطة الرئيس دونالد ترامب.
وأكد المدهون أن حماس التزمت بالمرحلة الأولى بالكامل، بينما الاحتلال الإسرائيلي لم يحترم الاتفاق، مشيراً إلى أن هذه الخروقات تهدد بتفجير الأوضاع و”تخريب الاتفاق” برغم إرادة الفلسطينيين والمنطقة والدول العربية.
وأوضح المدهون أن أي تصعيد إسرائيلي يحتاج إلى تحرك فوري من الوسطاء، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة قد تكون الأداة الأكثر قدرة على الضغط على الاحتلال وإجباره على الالتزام بالقواعد الدولية.
حماس تحمي الاتفاق وسط تهديدات مباشرة
أوضح المدهون أن حماس ملتزمة بوقف إطلاق النار وتسعى للحد من الخروقات الإسرائيلية، ليس بدافع الضعف، بل للحفاظ على أرواح المدنيين في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر.
وأشار إلى أن الانفجار الأخير في مناطق سيطرة إسرائيل يثير 3 احتمالات: لغم قديم، عبث إسرائيلي، أو ادعاء كاذب لتبرير عمليات جديدة ضد الفلسطينيين، مؤكداً أن حماس والشعب الفلسطيني ليسوا مسؤولين عن هذه الأحداث.
كما شدد على أن جهود حماس لتسليم الأسرى والجثث الإسرائيلية تظهر حرصها على تنفيذ الاتفاق والوصول إلى المرحلة الثانية، التي تتطلب انسحاب الاحتلال وتهيئة إدارة فلسطينية مقبولة لإعادة الإعمار.
إسرائيل تكسر القواعد.. وحماس ترفض الانقلاب
أوضح المدهون خلال مداخلته أن حكومة نتنياهو لا ترغب في المضي قدماً، وتستمر في تخريب الاتفاق عبر الادعاءات الأمنية والخروقات الميدانية، بينما تبقى حماس ملتزمة بالاتفاق وتسعى لمنع أي عدوان جديد.
واعتبر أن إسرائيل، رغم استخدامها القوة المفرطة وارتكابها جرائم حرب، لم تحقق أهدافها الاستراتيجية في غزة، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني لا يزال صامداً، والكتائب المسلحة موجودة، ما يحول دون تحقيق أي نصر سياسي للاحتلال.
وأضاف المدهون أن الموقف الأميركي الحالي، غير المعترف بحل الدولتين، يترك إسرائيل تتحكم بالضفة الغربية وفق “صفقة القرن”، وهو ما يرفضه الفلسطينيون والفصائل جميعاً.
وأشار المدهون إلى أن إسرائيل تتجاوز الخطوط الحمراء في غزة وتسعى لفرض وقائع جديدة، بينما حماس ملتزمة بحماية الاتفاق والحد من التصعيد.
ودعا المدهون إلى تحرك عاجل من الوسطاء الدوليين، خصوصا الولايات المتحدة، لإعادة التزام الاحتلال بالاتفاق وحماية استقرار المنطقة، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بالانقلاب على حقوقه أو مستقبل دولته.
ترامب واستراتيجية الشرق الأوسط.. المرونة قبل المبادئ
من جهته يرى ريتشارد وايتز، مدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هدسون، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تتسم بمرونة فريدة في التعامل مع النزاعات الإقليمية.
فالرئيس، وفق وايتز، يميل إلى تعديل أي اتفاقيات أو خطط إذا اقتضت الضرورة، كما ظهر في وساطاته بين أوكرانيا وروسيا، وقد يمتد هذا النهج ليشمل قضايا الضفة الغربية وغزة.
ويؤكد وايتز أن ترامب يركز على فن الصفقة أكثر من الالتزام بالمبادئ السياسية التقليدية، وهو ما يميز إدارته عن السابقين.
ويركز على النتائج العملية والاستقرار العام بدلا من التفاصيل الجزئية، مثل الهجمات الفردية التي قد يقوم بها عناصر من حماس أو الجهاد الإسلامي دون أوامر قيادية.
غزة بين وقف النار وضغوط نزع السلاح
يتناول وايتز خلال حديثه الى غرفة الأخبار التحديات الكبرى التي تواجه تطبيق بنود اتفاقيات التهدئة، وأبرزها مطلب نزع سلاح حماس والجهاد الإسلامي.
ويصف هذه الخطوة بأنها صعبة التنفيذ تماماً، إذ إن أي تدخل عسكري مباشر قد يؤدي إلى تصعيد واسع. ويشير إلى أن الهدف الحالي هو منع اندلاع حرب جديدة والحفاظ على توازن القوى بين الأطراف، على الرغم من محاولات إسرائيل ونتنياهو إدخال تعديلات ضمن المرحلة الثانية من الاتفاق.
ويضيف أن ترامب وفريقه راضون عن النتائج الحالية للاتفاق، بما في ذلك اعتماد إسرائيل على إنتاج سلاحها محلياً. أما حل الدولتين فيظل مسألة مستقبلية قد تتعلق بالأجيال القادمة، فيما تركز الإدارة الأميركية على الملفات الأكثر إلحاحاً مثل الوضع في سوريا ولبنان والعلاقات مع إيران.
آفاق السلام.. الواقع والتحديات القادمة
يشير وايتز إلى أن تحقيق حل الدولتين يبدو بعيد المنال في الوقت الحالي، بسبب التعقيدات الداخلية في السياسة الإسرائيلية وتباين مصالح الأحزاب.
ومع ذلك، لم ترفض الإدارة الأميركية مبدأ الحل، بل توجه اهتمامها نحو إدارة النزاعات الإقليمية الكبرى بطرق عملية، مع تجنب الانجرار إلى التفاصيل اليومية للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
ويختم وايتز بالقول إن الأحداث الأخيرة في غزة كان لها أثر واضح على الشباب والسياسيين في الولايات المتحدة، لكنها لم تغيّر التوجه الاستراتيجي للإدارة، التي تسعى للحفاظ على التوازن بين الأمن الإقليمي ومنع التصعيد العسكري، مع استمرار البحث عن حلول طويلة الأمد للسلام في المنطقة.





