وتأتي هذه التطورات في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية، حيث دعا كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون الإفريقية مسعد بولس، طرفي النزاع في السودان إلى وقف فوري لإطلاق النار.
الموقف المعلن لطرفي الحرب
واصلت السلطة التي يقودها الجيش في بورتسودان، رفضها للخطة الرباعية، في حين جدد تحالف “تأسيس” الذي يضم قوات الدعم السريع القبول بالخطة.
وفي خطاب له يوم الجمعة، كرر مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي رفض بورتسودان لخطة الحل المطروحة، وقال: “لا هدنة ولا تفاوض…السلام العادل الذي يريده السودان سيتحقق عبر خارطة ورؤية شعبه وحكومته”.
وعلى الجانب الآخر، أكدت قوات الدعم السريع موافقتها على طلب الرباعية الداعي إلى وقف إطلاق النار وفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية، وقالت: “موقفنا الداعم للسلام والعمل الإنساني كان ولا يزال موقفا ثابتا وواضحا منذ اندلاع الحرب”.
وأوضحت في بيان: “نجدد التزامنا الكامل بالسلام العادل والشامل، ودعم كل الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى وقف الحرب، وفتح الممرات الإنسانية، والانتقال إلى عملية سياسية حقيقية تُنهي معاناة الشعب السوداني، على أساس العدالة والمساءلة واحترام حقوق المدنيين”.
ووصف محمد حسن التعايشي، رئيس وزراء سلطة تحالف “تأسيس” التي تسيطر على غرب السودان، خطة الرباعية بـ”الجادة والمسنودة بتأييد واسع من المؤسسات الإقليمية والقوى السياسية والمدنية”.
ضغوط دولية متزايدة
جاءت تصريحات كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون الإفريقية مسعد بولس الجديدة بعد أيام من تشديد فرنسا وبريطانيا وعدة دول في مجلس الأمن على تنفيذ الخطة المعلنة في الثاني عشر من ديسمبر من قبل المجموعة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة والإمارات والسعودية ومصر، والتي وجدت دعما واسعا من المجتمع الدولي والإقليمي بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، ونصّت على حلول تشمل ثلاث مسارات أمنية وإنسانية وسياسية.
وشدد نائب رئيس البعثة الأميركية في الأمم المتحدة على التنفيذ الفوري والغير مشروط لما نصت عليه خطة الرباعية من هدنة إنسانية، يتخللها انسياب المساعدات الإنسانية ومن ثم وقف إطلاق شامل لإطلاق النار والدخول في عملية سياسية سودانية خلال تسعة أشهر تفضي من دون أي مشاركة للجيش او الدعم السريع، إلى تشكيل حكومة مدنية تمهد لإجراء انتخابات حرة في نهاية الفترة الانتقالية.
وتتفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد والتي وصفتها الأمم المتحدة بأنها بأكبر كارثة إنسانية يشهدها العالم، ويقع فيها المدنيون ضحية لانتهاكات مروعة يرتكبها طرفا النزاع، إذ تشهد جبهات القتال تصعيدا ينذر بكوارث محدقة تزيد من الخسائر البشرية التي بلغت أكثر من 150 ألف قتيل.
تحذيرات من عرقلة الحلول
يتهم مراقبون سلطة بورتسودان بمحاولة عرقلة خطة الرباعية، حيث حذر التحالف المدني لقوى الثورة “صمود” الذي يضم أكثر من 100 جسما سياسيا ومدنيا من تبعات التهرب من مسار السلام الذي اقترحته خارطة طريق الرباعية.
وقال “صمود”: “ما طرحته سلطة بورتسودان مؤخرا في مجلس الأمن هو محاولة بوأد المبادرة الأكثر حظا لإسكات صوت البنادق”.
وأضاف: “ما تطرحه سلطة بورتسودان لا يقدم سوى التأكيد على استمرار الحرب والانحياز للأقلية المنتفعة من استمرار الحرب وتجاهل أصوات غالب أهل السودان الذين عبّروا بوضوح عن موقفهم الداعي للسلام والتمسك بمسار الانتقال المدني”.
ويشير مهدي الخليفة الوزير الأسبق بالخارجية السودانية إلى أن مواقف سلطة سلطة بورتسودان، لا ترتبط بعوامل خارجية بقدر ما تعكس اعتبارات داخلية معقّدة، تتصل بطبيعة التوازنات داخل بنية السلطة نفسها.
وأوضح الخليفة لموقع “سكاي نيوز عربية” رؤيته بالقول: “رفض سلطة بورتسودان لخطة الرباعية مبني على حسابات تتعلق بفقدان شرعيتها، إضافة إلى خشية واضحة من أي مسار مدني مستقل قد يفضي إلى إعادة توزيع السلطة أو تقليص نفوذ الفاعلين العسكريين في مرحلة ما بعد الحرب”.
وفي ذات السياق، حذر السفير الصادق المقلي من أن رفض خطة الرباعية “سيضع سلطة الجيش في مواجهة مع المجتمع الدولي والإقليمي بصفة عامة والولايات المتحدة بشكل خاص”.
وأشار المقلي في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” إلى أن المداولات الأخيرة في مجلس الأمن “أظهرت تصعيدا دبلوماسيا لوقف القتال في السودان، مع تأكيد واشنطن أن الهدنة الإنسانية باتت ضرورة ملحّة في ظل تفاقم الأوضاع الميدانية”.





