خاصأسهم التكنولوجياعاشت أسواق التكنولوجيا في 2025 عاماً حافلاً بالتقلبات، حيث تمازجت موجات الصعود القوية مع التصحيحات المتكررة، وسط استمرار الابتكارات في مجالات الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، وشركات البرمجيات الكبرى، إضافة إلى التأثير المتواصل للسياسات النقدية والضغوط الاقتصادية العالمية على تحركات السوق.وقد انعكست هذه الديناميكية بشكل واضح على مؤشر ناسداك 100، الذي يضم أبرز أسهم القطاع التكنولوجي، لتتأرجح الأسعار بين ارتفاعات مدفوعة بتدفقات الاستثمار المؤسسي تجاه شركات الذكاء الاصطناعي، وتصحيحات متكررة نتيجة مخاوف الإفراط في التقييمات، إلا أنّ المؤشر تمكن من استعادة زخم الصعود في الشهر الأخير من 2025، متجهاً للمحافظة على مكاسب جيدة مقارنة بنهاية 2024، رغم جميع التحديات والضغوط، التي أثّرت على تحركات السوق طوال العام.
ففي الربع الأول من 2025، بدأ المؤشر العام على إيقاع من التقلبات الحادة، حيث سجلت أسهم التكنولوجيا الكبرى مثل “Nvidia” ،”Microsoft”، و”Meta Platforms” ارتفاعات مدفوعة بنتائج أرباح تجاوزت التوقعات في يناير وفبراير، لكن هذا التفاؤل تراجع وسط مخاوف من ارتفاع التقييمات وضعف بيانات النشاط الاقتصادي، ما أدى إلى تصحيح حاد في شهر مارس، وخسائر ملموسة في العديد من أسهم الشركات التقنية.
أما في الربع الثاني من 2025 فقد شهدت السوق موجة تعافٍ تدريجي في مايو ويونيو تحديداً، حيث قدم قطاع التكنولوجيا أداءً جيداً، مدفوعاً بالطلب المستمر على حلول الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، مما انعكس ارتفاعاً في مؤشر Nasdaq-100 .
ورغم هذا الأداء القوي، حافظ بعض المستثمرين على حذرهم، حيال تقييمات الأسهم وميزان المخاطر، مما انعكس في تنوّع أداء فئات التكنولوجيا المختلفة خلال تلك الفترة.
وبالنسبة للربع الثالث من 2025، فقد ساهمت قطاعات الذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات والأمن السيبراني بشكل واضح في دعم أداء مؤشر ناسداك 100، مع تسجيل شركات مثل “Nvidia” و”Broadcom” إيرادات قوية ونمواً في خدمات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، فيما حققت شركات الأمن السيبراني مثل “Palo Alto Networks” نتائج تفوق توقعات المحللين في الإيرادات. وأظهرت بيانات أرباح الفصل أنّ هذه الفئات كانت من بين أبرز القطاعات مساهمة في تحركات المؤشر في ذلك الربع، مما يعكس تركيز المستثمرين على الشركات التي تخدم بنى الذكاء الاصطناعي.
ومع حلول الربع الرابع من 2025، اتسم أداء أسهم التكنولوجيا بدرجة واضحة من التباين، إذ سجل مؤشر ناسداك-100 ارتفاعات ملحوظة خلال شهر أكتوبر، مدعوما بتجدد التفاؤل في الأسواق حيال احتمالات خفض أسعار الفائدة الأميركية، إلى جانب توقعات إيجابية لأرباح الشركات مع اقتراب نهاية العام، غير أن هذا الزخم لم يخل من التقلبات، حيث شهدت بعض جلسات التداول في نوفمبر وديسمبر ضغوطاً بيعية، بفعل استمرار الجدل حول مستويات التقييم المرتفعة لأسهم التكنولوجيا، قبل أن يعود المؤشر لمساره الصعودي في الأيام الأخيرة من ديسمبر، متجهاً لاختتام عام 2025 بمكاسب جيدة مقارنة بنهاية 2024.
وبحسب ما تُظهر البيانات، فإن مؤشر Nasdaq-100 الذي أغلق عند مستوى قريب من 21000 نقطة في عام 2024، يتجه لإنهاء تداولات 2025 عند مستوى أعلى من 25500 نقطة أو أعلى، مسجلاً ارتفاعاً يقارب الـ 20 في المئة مقارنة بإغلاق العام السابق.
مكاسب رغم التصحيحات
ويقول رئيس قسم الأبحاث والتعليم في CFI، جورج خوري، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن أسهم التكنولوجيا اتجهت عموماً نحو الصعود في عام 2025، مسجلة مكاسب تقارب 20 في المئة منذ مطلع العام حتى نهايته، رغم التقلّبات المستمرة التي تخللتها موجات صعود قوية وتصحيحات متكررة.
ويلفت خوري إلى أن الربع الأول من 2025 شهد حالة من التخبط، حيث عانت بعض الشركات الكبرى مثل تيسلا، من ضعف الزخم مقارنة بتوقعات السوق، مشيراً إلى أن التخبط الذي حصل يعود جزئياً إلى كون الربع الأول من 2025 تزامن مع الفترة الأولى من رئاسة ترامب، وما صاحبها من أحداث وتصريحات مرتبطة بالتعريفات الجمركية والتهديدات بالحرب التجارية، ما أدى إلى تراجعات حادة في عدد من الأسهم، بما في ذلك أسهم قطاع التكنولوجيا.
ويضيف خوري أن مؤشر ناسداك لم يشهد زخماً قوياً جداً في الربع الثاني من عام 2025، إذ واجهت بعض الشركات التكنولوجية، وخصوصاً تلك المرتبطة بالذكاء الاصطناعي ضغوطاً، إلا أن ذلك لم يمنع من أن يكون الربع ناجحاً، فيما سجل الربع الثالث أداءً استثنائياً، حيث حققت شركات مثل ميتا وبرودكوم أرباحاً قياسية، كما شهد معظم قطاع التكنولوجيا ارتفاعات ملحوظة، انعكست على غالبية المؤشرات الرئيسية، وعلى رأسها مؤشر ناسداك، مشيراً إلى أن الربع الرابع من 2025 شهد تقلبات واضحة، إلا أن الزخم عاد في نهاية شهر ديسمبر بدعم قرارات البنك الاحتياطي الفيدرالي.
وبحسب خوري فقد شهدت أسهم التكنولوجيا موجة من القمم الجديدة في 2025، ولكن أيضاً كان هناك الكثير من التصحيحات التي لا يمكن اعتبارها هبوطاً عاماً، حيث ظهرت بعض التصحيحات الواضحة في أسهم محددة، خصوصاً في نوفمبر، عندما هيمنت مخاوف المستثمرين حول التقييمات المرتفعة للأرباح على خلفية مقارنة التكلفة والعائد، وكانت شركة “Oracle” من أبرز الشركات التي قادت هذه الموجة التصحيحية، لافتاً إلى أن الأسواق كانت تعكس تفاؤلاً مفرطاً، لدرجة أن أي خبر غير إيجابي كان يثير رد فعل سلبي أو موجة تصحيحية مؤقتة.
أسهم التكنولوجيا الأكثر ارتفاعاً
ويرى خوري أنه بالنظر إلى الأداء السنوي، لا يمكن وصف 2025 بأنه عام هبوط بل على العكس، فالتصحيحات التي حصلت تعتبر جزءاً طبيعياً وصحياً من ديناميكية السوق التي أسهمت في تعزيز التوازن، كاشفاً أن “Micron” و”Palantir” تصدّرتا قائمة أسهم التكنولوجيا الأكثر ارتفاعاً في 2025، مع مكاسب قاربت الـ 170 في المئة و140 في المئة على التوالي، مدفوعة بتحسّن التوقعات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والطلب على الرقائق والبرمجيات التحليلية، كما حققت أسهم “Nvidia” و”Broadcom” و”Microsoft” مكاسب قوية خلال 2025، مستفيدة من الزخم الاستثماري المتواصل في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية.
فقاعة محتملة
وبحسب خوري، فإن المخاوف تتصاعد من احتمال تشكّل فقاعة في قطاع الذكاء الاصطناعي، خلال عام 2026، غير أنّ هذه الفقاعة قد لا تنفجر بالضرورة، إذا نجحت الشركات في ترجمة الاستثمارات الضخمة إلى أرباح فعلية، فمع بدء ظهور عوائد ملموسة لدى الشركات التي ضخّت استثمارات كبيرة في الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، يمكن حينها التأكد من أن السوق لن تعيش فقاعة.
وشدد خوري على أن جوهر القلق الحالي مرتبط بشكل مباشر بقدرة الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا ولا سيما الذكاء الاصطناعي على توليد أرباح مستدامة، فالأرباح التي برزت خلال العام 2025 جاءت في معظمها من شركات وفّرت البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، مثل “Nvidia” وغيرها من مصنّعي الرقائق وأشباه الموصلات المستخدمة في مراكز البيانات، أمّا في عام 2026 فسينتقل تركيز السوق إلى الشركات التي قامت بشراء هذه البنية التحتية وتستخدمها لتطوير منتجات وخدمات قائمة على الذكاء الاصطناعي وطرحها تجارياً، لافتاً إلى أن الخطر يكمن في فشل هذه الشركات في تحقيق الأرباح الموعودة ما قد يعيد طرح سيناريو الفقاعة، ويفتح الباب أمام تصحيحات حادة أو حتى تعثرات وإفلاسات.
ورغم ذلك، يؤكد خوري أن هامش التفاؤل لا يزال قائماً، حيث يرى إمكانية تحقيق ارتفاعات إضافية تراوح بين 8 و10 في المئة على مجمل المؤشرات الأميركية خلال 2026، مع الإشارة إلى أن الأسواق باتت في النصف الثاني من الدورة الصاعدة، ما يعني أن المخاطر تميل إلى الارتفاع تدريجياً مع اقتراب هذه الدورة من نهايتها.
XTB Mena: أسهم التكنولوجيا قد تتعرض للمزيد من الضغوط مستقبلاوادي السيليكون على المحك
من جهتها تقول الكاتبة في الشؤون الاقتصادية رلى راشد، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن العام المقبل سيحدد مدى قدرة السوق على تحويل الابتكار إلى قيمة حقيقية، خصوصاً بالنسبة للشركات التي بدأت تعتمد الذكاء الاصطناعي في منتجاتها النهائية، حيث أن فشل هذه الشركات في إثبات قدرتها على تحقيق جدوى من الاستثمارات التي قامت بها، لن ينعكس سلباً عليها فقط، بل سيطال أيضاً الشركات التي تزودها بالبنية التحتية، مثل مصنعي الرقائق وأشباه الموصلات، ما قد يؤدي إلى تراجع أعمالهم وتراجع الطلب على منتجاتهم، وبالتالي فإن عام 2026 سيكون عاما حاسماً لسلسلة القيمة في قطاع التكنولوجيا، حيث يترتب على نجاح أو فشل الشركات تأثيرات واسعة على السوق بأكملها، من مؤشرات وأسعار وأرباح، وصولاً إلى إعادة تشكيل أولويات الاستثمار في وادي السيليكون.
المستثمرون أكثر انتقائية
وترى راشد أن عام 2026 قد يحمل تحولات هيكلية في سلوك المستثمرين والمؤسسات تجاه قطاع التكنولوجيا، فمع تراكم خبرات 2025 أصبح المستثمرون أكثر انتقائية، ويركزون على الشركات التي تمتلك قدرات متكاملة، ومنتجات قابلة للتوسع تجارياً، بدلاً من المراهنة على شركات تتحدث عن الذكاء الاصطناعي دون وضوح، أو خطة عمل ملموسة أو نموذج لتحقيق أرباح فعلية، حيث أن هذا التحول قد يؤدي إلى إعادة تشكيل ترتيب رأس المال في السوق، لتستفيد الشركات المرنة والابتكارية بينما قد تتراجع الشركات غير القادرة على تحويل الابتكار إلى قيمة للمستثمرين والعملاء.
عسيري: مخاوف التكنولوجيا ما زالت تخيّم على الأسواق الأميركية 


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version