دبي: «الخليج»
على الرغم من التداعيات الاقتصادية بالغة الصعوبة التي خلّفتها جائحة «كوفيد-19» وتأثيراتها العميقة على مجمل الاقتصاد العالمي، بما في ذلك التبادلات التجارية حول العالم، نجحت إمارة دبي في تفادي الأسوأ في ظل هذا الظرف العالمي الاستثنائي، وحققت نتائج قوية لقطاع تجارتها الخارجية غير النفطية خلال النصف الأول من العام الجاري، كثمرة جهود استمرت لعقود بتطبيق أفضل الممارسات والمعايير العالمية، وضخ استثمارات ضخمة في تأسيس بنية تحتية لوجستية وتقنية قوية من موانئ ومطارات وطرق ومناطق حرة مدعومة جميعها بالخدمات والتسهيلات اللوجستية والجمركية التي تعد من الأفضل عالمياً.واستطاع قطاع التجارة الخارجية بشكل كبير تفادي الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد العالمي حالياً؛ إذ سجلت قيمة تجارة دبي الخارجية غير النفطية في النصف الأول من عام 2020 نحو 551 مليار درهم توزّعت إلى واردات بقيمة 320 مليار درهم، وصادرات بقيمة 77 مليار درهم، وإعادة تصدير بقيمة 154 مليار درهم، فيما بلغت كمية البضائع في تجارة دبي الخارجية خلال هذه الفترة 44 مليون طن توزعت بواقع 30 مليون طن من الواردات و8 ملايين طن للصادرات، و6 ملايين طن لإعادة التصدير.

تنويع البنية الاقتصادية
وقال سلطان أحمد بن سليم رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية رئيس مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة: تواصل التجارة دورها كرافد مهم من روافد تنويع البنية الاقتصادية للإمارة، بينما أظهر قطاع التجارة الخارجية خلال جائحة «كوفيد-19» مرونة كبيرة وجاهزية عالية في التعامل مع الأزمة، وقدم أفضل التسهيلات والخدمات للتجارة العالمية؛ لمساعدتها على اجتياز هذه المرحلة الصعبة بأقل الخسائر، بينما قدمت حكومة دبي عدة حزم للتحفيز التجاري والاقتصادي؛ تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، لتعطي القدوة في التعامل مع الأزمات؛ بهدف تخطيها واستكمال مسيرة التنمية الاقتصادية الشاملة بثقة وتفاؤل كبيرين بالمستقبل.وأوضح ابن سليم قائلاً: «أثبت قطاع التجارة الخارجية خلال النصف الأول من العام الجاري، وهي الفترة التي شهدت ذروة الأزمة العالمية الراهنة، قدرته على تحقيق مستوى أداء متقدم على الرغم من التحديات القائمة التي تعانيها أغلب اقتصادات العالم؛ وذلك بما لديه من مرونة كبيرة في التعامل مع الأسواق العالمية، وتحويل عملياته بسرعة فائقة نحو الأسواق الأقل تضرراً من الأزمة الاقتصادية؛ ليحافظ على حجم كبير وقيمة مرتفعة من التبادل التجاري مع دول العالم، ما يمكنه من الانطلاق مجدداً وبقوة كبيرة بمجرد انحسار تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية».وأشار ابن سليم إلى مواصلة العمل في ضوء الأهداف الاستراتيجية الموضوعة، وقال: «عمليات التطوير مستمرة لكافة الجهات التابعة لمؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة، لتكون في أعلى مستويات الجاهزية التي تمكنها من تعزيز أدائها باستمرار؛ دعماً لتقدم دبي ونموها الاقتصادي، وقد استفدنا إلى أقصى مدى من تجربة العمل في ظل الإجراءات الاحترازية؛ لمنع انتشار وباء «كوفيد-19» وتعلمنا منها الكثير على صعيد التطوير اللازم خلال المرحلة المقبلة في أسلوب العمل وطرق الأداء، خصوصاً في مجال استخدام التكنولوجيا الحديثة، وتطبيقات تقنية المعلومات الذكية والذكاء الاصطناعي في أداء كافة مهامنا بكفاءة عالية وبأفضل مستوى من الإنجاز والتميز.

المعاملات الجمركية
وأكد أحمد محبوب مصبح، المدير العام لجمارك دبي، أن التجارة الخارجية استفادت من تطبيق حزم التحفيز الاقتصادي، وتطوير الخدمات الجمركية، وقال: على الرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، سجلت المعاملات الجمركية التي أنجزتها «جمارك دبي» زيادة كبيرة بواقع 41% في النصف الأول من عام 2020 لتصل إلى 7.2 مليون معاملة، واستمرت الدائرة في تطوير المبادرات والمشاريع الجديدة؛ حيث تم إطلاق مشروع «سياج» لمراقبة المنافذ الجمركية في إمارة دبي، وخصوصاً خور دبي وميناء الحمرية باستخدام التقنيات الحديثة، وأطلقت «جمارك دبي» كذلك منصة للتجارة الإلكترونية عبر الحدود؛ لتحفيز شركات التجارة الإلكترونية على تأسيس مراكز توزيع إلكترونية لها في دبي.كما تم إطلاق منصّة حالة الأمن الغذائي على مستوى إمارة دبي؛ حيث تقيس المنصّة بشكل آني وفوري خمسة مؤشرات مهمة للأمن الغذائي؛ هي: مؤشّر التوريد، وتوفر المخزون، والإنتاج المحلي، والاستهلاك والأسعار لكافة السلع الغذائية الأساسية في الإمارة.وأضاف أحمد محبوب مصبح: قامت الدائرة كذلك بتأسيس منصة عالمية للدول الأعضاء في برنامج المُشغِّل الاقتصادي المُعتمَد، أقرتها منظمة الجمارك العالمية؛ لتمكين هذه الدول من تبادل المعلومات واتفاقيات الاعتراف المتبادل وأفضل الممارسات؛ والتي من بينها الحصول على مزايا البرنامج؛ وذلك بمواكبة استعداد «جمارك دبي» بالتعاون مع منظمة الجمارك العالمية والهيئة الاتحادية للجمارك لتنظيم المؤتمر العالمي الخامس للمشغل الاقتصادي المعتمد الذي تستضيفه دبي خلال الفترة المقبلة، علماً بأن عدد أعضاء برنامج المشغل الاقتصادي المُعتمَد لدى الدائرة بلغ 77 شركة، وعدد المعاملات الجمركية عن طريق البرنامج في النصف الأول من عام 2020 بلغ نحو 4.4 مليون معاملة.

استعادة النمو
وشهدت تجارة دبي الخارجية تحسناً ملموساً في شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران، مقارنة مع شهر إبريل/نيسان من عام 2020 الذي طبقت خلاله إجراءات الإغلاق العام في معظم دول العالم؛ لمواجهة وباء «كوفيد-19»؛ حيث ارتفعت قيمة تجارة دبي الخارجية في شهر مايو/أيار، مقارنة بقيمتها في شهر إبريل بنسبة 17.2% لتصل إلى 75 مليار درهم، كما ارتفعت قيمة التجارة في شهر يونيو، مقارنة بقيمتها في شهر مايو بنسبة 20% لتصل إلى 90 مليار درهم، ما يظهر أن قطاع التجارة الخارجية تمكن من العودة إلى تحقيق النمو ابتداء من شهر مايو الماضي.وتوزعت تجارة دبي الخارجية في النصف الأول من عام 2020 إلى التجارة المباشرة بقيمة 320 مليار درهم تمثل 58% من إجمالي قيمة التجارة الخارجية فيما بلغت قيمة تجارة المناطق الحرة 227 مليار درهم تمثل 41% من الإجمالي وقيمة تجارة المستودعات الجمركية 4 مليارات درهم تمثل 1% من الإجمالي، كما تنوّعت وسائل النقل المستخدمة في توصيل البضائع بتجارة دبي الخارجية والتي توزعت إلى التجارة المنقولة جواً بقيمة 250 مليار درهم تمثل 45% من إجمالي قيمة التجارة الخارجية و212 مليار درهم قيمة التجارة المنقولة بحراً تمثل 39% من الإجمالي و89 مليار درهم قيمة التجارة المنقولة براً تمثل 16% من الإجمالي.

الأسواق
وحافظت تجارة دبي الخارجية على تنوع أسواقها العالمية والإقليمية فجاءت الصين في مركز الشريك التجاري الأول لدبي بتجارة بلغت قيمتها 66.4 مليار درهم تلتها الهند في مركز الشريك التجاري الثاني لدبي بقيمة 38.5 مليار درهم ثم الولايات المتحدة الأمريكية بقيمة 31.7 مليار درهم وسويسرا في مركز الشريك التجاري الرابع بقيمة 24.3 مليار درهم والمملكة العربية السعودية في مركز الشريك التجاري الأول لدبي خليجياً وعربياً والشريك التجاري الخامس عالمياً بتجارة بلغت قيمتها 24.1 مليار درهم.
البضائع
وتقدم الذهب والألماس والمجوهرات في المركز الأول بين البضائع في تجارة دبي الخارجية؛ حيث بلغت قيمة التجارة بالذهب والألماس والمجوهرات 140 مليار درهم تلتها في المركز الثاني الهواتف الأرضية والمحمولة والذكية بقيمة 70 مليار درهم ثم السيارات في المركز الثالث بقيمة 25.6 مليار درهم والزيوت البترولية في المركز الرابع بقيمة 21 مليار درهم وأجهزة الكمبيوتر في المركز الخامس بقيمة 19 مليار درهم.
التجارة الإلكترونية
وشهدت كمية التجارة بالمواد الغذائية خلال النصف الأول من عام 2020 مقارنة مع النصف الأول من عام 2019 نمواً بنسبة 15% لتصل إلى 9.1 مليون طن وبقيمة قدرها 32 مليار درهم، وحققت التجارة بالأدوية والمستلزمات الطبية في النصف الأول من عام 2020 مقارنة بالنصف الأول من عام 2019 نمو نسبته 19% لتصل قيمتها إلى 12.4 مليار درهم.
دعم سلسلة الإمداد
أوضح احمد محبوب مصبح إن جمارك دبي قامت خلال جائحة «كوفيد – 19» بدور استراتيجي مهم في دعم سلسلة الإمداد عالمياً ومحلياً بالتعاون مع الشركاء الاستراتيجيين؛ حيث حرصت الدائرة على استمرارية الأعمال، وتقديم خدماتها على مدار الساعة بأفضل مستويات الجودة وأعلى نسب السرعة في الإنجاز؛ لتمكين التجار والشركات من توصيل البضائع إلى الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية من دون تأخير، كما طبّقت الدائرة مباشرةً حِزم التحفيز الاقتصادي التي أطلقتها القيادة الحكيمة؛ لتمكين المتعاملين من التغلب على الجائحة، وقامت «جمارك دبي» بتسهيل التخليص السريع لشحنات الإغاثة للمواد الأساسية المُرسلة للدول الشقيقة والصديقة؛ لمواجهة هذه الجائحة.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version