القاهرة، مصر (CNN) — أبقت وكالة موديز، التصنيف الائتماني لمصر عند “B2” لكنها عدلت النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية، بفعل المخاوف من أن يضع تشديد أوضاع التمويل ضغوطًا على قدرة البلاد على سداد ديونها الخارجية، وأرجع محللون أسباب هذا التعديل إلى تقلص غطاء النقد الأجنبي لمجابهة متطلبات خدمة الدين، مؤكدين أن تعديل النظرة المستقبلية لمصر يتطلب استمرارها في خطط جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وطرح الأصول على القطاع الخاص.

وستتابع مؤسسة موديز الأوضاع الاقتصادية بمصر عن قرب خلال الشهور القادمة لاتخاذ قرار بخصوص التقييم السيادي لمصر مع وجود إمكانية لتعديل النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري إلى نظرة مستقرة مع حدوث تحسن إيجابي في الأوضاع الاقتصادية والمالية بمصر وهو الهدف الذي تعمل الحكومة المصرية على تحقيقه بشكل جماعي ومنسق خلال الفترة القادمة، بحسب بيان رسمي لوزارة المالية.

ويرى الدكتور عمرو حسنين، رئيس شركة الشرق الأوسط للتصنيف الائتماني “ميريس”، أن تقرير مؤسسة موديز بشأن التصنيف الائتماني لمصر جاء متوازنًا، إذ عدلت المؤسسة نظرتها المستقبلية لمصر من مستقر إلى سلبي بفعل عاملين: أولًا، تقلص غطاء النقد الأجنبي لمجابهة متطلبات خدمة الدين، على الرغم من مساعدات الدول الخليجية والترتيب للحصول على تمويل جديد من صندوق النقد الدولي، ثانيًا، ارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية بنسبة كبيرة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، والتي أدت إلى هروب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة سواء في مصر أو في باقي الأسواق الناشئة.

وأشاد تقرير موديز بالعديد من النقاط الإيجابية أبرزها القرارات التي اتخذتها الحكومة لمجابهة التحديات الحالية، والإصلاحات الهيكلية التي نفذتها خلال السنوات الستة الماضية، وقاعدة التمويل المحلية الواسعة التي تمكن الحكومة من الاقتراض لتمويل المشروعات التنموية، والنمو المنتظم في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي مما يساعد على قدرة التحمل الاقتصادي، واتجاه الدولة نحو منح القطاع الخاص للمشاركة بصورة أكبر في الاقتصاد مما يؤثر على جذب المزيد من التدفقات الأجنبية.

وبحسب بيان لوزارة المالية، فأن وكالة موديز أبقت على التصنيف الائتماني لمصر دون تعديل، بسبب السياسات الاستباقية التي اتخذتها الحكومة المصرية في التعامل مع تداعيات الأزمات المركبة الحالية والتي تواجه الاقتصاد العالمي بشكل عام، ووجود رصيد إيجابي وقوي لوتيرة الاصلاحات الاقتصادية والمالية المنفذة بمصر خلال السنوات الست الماضية مع وجود قاعدة تمويلية محلية كبيرة ومتنوعة بما يزيد من قدرة الدولة المصرية على تغطية وتلبية احتياجاتها التمويلية من السوق المحلي دون الاعتماد على الأسواق الخارجية.

وأوضح “حسنين”، أن مصر ليس لديها أزمة في سداد التزاماتها من الدين الخارجي، مقارنة بحجم إيرادات الدولة، إلا أن التحدي أمامها هو خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة من مصر منذ الحرب الروسية الأوكرانية، والتي بلغت 14 مليار دولار من أصل 31 مليار دولار، في المقابل لديها تعهدات بقيمة 22 مليار دولار من الدول الخليجية منها 11 مليار دولار تم إيداعها في البنك المركزي المصري، والباقي إما استثمارات أجنبية مباشرة أو شراء أصول لشركات بالبورصة، منوهًا في هذا الصدد إلى أن احتياجات خدمة الدين تتراوح بين 25-30 مليار دولار سنويًا على مدار الـ3 سنوات المقبلة، وتحاول الحكومة توفيرها من خلال جذب استثمارات أجنبية مباشرة بنحو 10 مليار دولار سنويًا خلال السنوات الأربع المقبلة.

وأشار عمرو حسنين، في تصريحات خاصة لـ”CNN بالعربية”، إلى أن تقرير مؤسسة موديز تناول العوامل البيئية مثل المياه والتلوث، متخوفًا من نقص في موارد مصر من المياه، غير أن التقرير لفت إلى خطط الدولة لإنشاء محطات لمعالجة وتحلية المياه، بالإضافة إلى وضع قيود على الزراعات كثيفة الاستهلاك للمياه مثل الأرز وقصب السكر.

وحول تأثير قرار موديز على الاستثمار الأجنبي المباشر، استبعد رئيس شركة الشرق الأوسط للتصنيف الائتماني “ميريس”، تأثير التقرير على جذب الاستثمارات من الدول الخليجية، والتي تتواجد بالفعل في مصر وتعلم حجم المخاطر والفرص الموجودة، غير أنه يؤثر على قرار مدراء صناديق الاستثمارات الأجنبية في الخارج، والتي تتابع وتهتم بهذه التقارير وتضعها في حساباتها.

وأكد عمرو حسنين، أن تعديل موديز نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري، يتطلب أولًا تحقيق الحكومة خطتها بشأن التخارج من الأصول، وجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 10 مليار دولار، وسرعة تحقيق هذه الخطط يؤكد جدية والتزام الدولة، ثانيًا معالجة الاختلالات في الميزان التجاري، من خلال الاعتماد على القطاع الخاص في زيادة الإنتاج المحلي ومن ثم زيادة التصدير وخفض الواردات عبر تهيئة مناخ الاستثمار في مصر.

من جانبه قال إيهاب رشاد نائب رئيس مجلس إدارة شركة مباشر كابيتال، إن الاقتصاد المصري تأثر بالعديد من العوامل الخارجية، أبرزها الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت لخروج استثمارات أجنبية غير مباشرة خلال الفترة الماضية، بلغت 20 مليار دولار منذ أول العام بحسب تصريحات رسمية لرئيس الوزراء، مما يؤثر على قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها الخارجية، وموجة التضخم العالمية التي أدت لارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية واتجاه البنوك المركزية حول العالم لتشديد السياسة النقدية، وقد أثرت هذه العوامل مجتمعة على أداء الاقتصاد المصري، مما دفع وكالة موديز لتعديل نظرتها المستقبلية.

وقلل “رشاد”، في تصريحات خاصة لـ”CNN بالعربية”، من تأثير تعديل النظرة المستقبلية لمصر على تخفيض تصنيفها الائتماني، مضيفًا أن مصر لديها فرصة خلال المراجعة المقبلة أن تنجح في تحقيق تحسنًا في الأداء الاقتصادي، وليس شرطًا أن تعديل النظرة المستقبلية يتبعه خفض للتصنيف الائتماني.

أشار إيهاب رشاد، إلى أن الحكومة المصرية تواجه تحديًا في توجه الفيدرالي الأمريكي في رفع أسعار الفائدة، مما يؤثر على تكلفة اقتراض مصر من الخارج، ولذلك لجأت إلى تنويع إصدار أدوات التمويل سواء صكوك أو سندات في أسواق مثل اليابان والصين.

وطرحت مصر لأول مرة سندات “الساموراي” بالسوق اليابانية، بقيمة 60 مليار ين ياباني، بما يعادل نحو نصف مليار دولار، وتعتزم طرح سندات مصرية باليوان في السوق الصينية، التي تعد ثاني أكبر سوق للسندات بالعالم، بما يسهم في تنويع مصادر وأدوات التمويل، وجذب مستثمرين جدد، ويساعد في خفض تكلفة وتنويع مصادر تمويل الاستثمارات التنموية، بحسب بيان رسمي لوزارة المالية.

وحول إمكانية نجاح مصر في تعديل النظرة المستقبلية، قال نائب رئيس مجلس إدارة شركة مباشر كابيتال، إن الحكومة المصرية تعمل على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة خاصة من الدول الخليجية، لاستغلال الفائض لديها من زيادة أسعار النفط للاستثمار المباشر في مصر، مشيرًا في هذا الصدد إلى اجتماع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري مع أكبر 30 مستثمر إماراتي في أبو ظبي لجذب استثمارات عربية

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version