نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)– يعتبر الغزو الروسي لأوكرانيا السبب الرئيسي وراء دفع السائقين الأمريكيين أسعارًا قياسية للبنزين. لكنه ليس السبب الوحيد للارتفاع المفاجئ.
تعمل العديد من العوامل على رفع الأسعار، حيث وصل سعر البنزين العادي إلى مستوى قياسي بلغ 4.67 دولار للغالون يوم الأربعاء وفقًا لمسح AAA.
كان من المتوقع بالفعل أن تتجاوز أسعار البنزين الـ 4 دولارات للغالون للمرة الأولى منذ العام 2008، مع أو بدون ما يجري في أوروبا الشرقية أو فرض عقوبات اقتصادية على روسيا.
هذا بسبب وجود عدد من العوامل إلى جانب تعطيل صادرات النفط الروسية مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وفقًا لتوم كلوزا، الرئيس العالمي لتحليل الطاقة في OPIS، التي تتتبع أسعار البنزين في AAA. لقد ثبت صعوبة التنبؤ إلى أين ستذهب الأسعار. فقد سجلت، الأربعاء، معدلًا أعلى بالفعل من توقعات كلوزا قبل أسابيع قليلة. وقال إنه مع إجازة المدارس وانتعاش السفر في الصيف، سيزداد الطلب على البنزين.
إليكم ما وراء الارتفاع القياسي في الأسعار:
الغزو الروسي لأوكرانيا
روسيا هي واحدة من أكبر مصدري النفط على هذا الكوكب. أرسلت في كانون الأول ما يقرب من 8 ملايين برميل من النفط ومنتجات بترولية أخرى إلى الأسواق العالمية، منها 5 ملايين برميل نفط خام.
ذهب القليل جدًا منها إلى الولايات المتحدة. في العام 2021، حصلت أوروبا على 60٪ من النفط و20٪ ذهبت إلى الصين. لكن النفط يتم تسعيره في أسواق السلع العالمية، وبالتالي فإن فقدان النفط الروسي يؤثر على الأسعار في جميع أنحاء العالم بغض النظر عن مكان استخدامه.
أدت المخاوف بشأن تعطيل الأسواق العالمية إلى قيام الدول الغربية في البداية بإعفاء النفط والغاز الطبيعي الروسي من العقوبات التي فرضتها احتجاجًا على الغزو.
ولكن أعلنت الولايات المتحدة في مارس فرض حظر رسمي على جميع واردات الطاقة الروسية. وأعلن الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين حظر استيراد النفط الروسي عن طريق السفن، والذي يمثل نحو ثلثي النفط الذي تستورده الدول الأوروبية من روسيا. يتم إزالة النفط الروسي ببطء وثبات من الأسواق العالمية.
انتهاء عمليات الإغلاق في الصين
كان أحد العوامل التي أبقت أسعار النفط إلى حد ما تحت السيطرة هو زيادة حالات كوفيد، وقواعد الإغلاق الصارمة في معظم أنحاء البلاد. كان ذلك عائقًا كبيرًا للطلب على النفط.
ولكن مع بدء تراجع انتشار فيروس كورونا، تم رفع الإغلاق في المدن الكبرى مثل شنغهاي، وبالتالي المزيد من الطلب دون زيادة العرض مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
انخفاض كمية النفط والغاز من المصادر الأخرى
انخفضت أسعار النفط عندما سحقت طلبات البقاء في المنزل المتعلقة بالوباء في جميع أنحاء العالم الطلب في ربيع عام 2020، وتم تداول النفط الخام لفترة وجيزة بأسعار سلبية. رداً على ذلك، اتفقت أوبك وحلفاؤها، بما في ذلك روسيا، على خفض الإنتاج كوسيلة لدعم الأسعار. وحتى عندما عاد الطلب في وقت أسرع مما كان متوقعًا، فقد أبقوا أهداف الإنتاج منخفضة.
لا تلتزم شركات النفط الأمريكية بتلك الأهداف حول الإنتاج. لكنها كانت مترددة أو غير قادرة على استئناف إنتاج النفط بمستويات ما قبل الوباء وسط مخاوف من أن القواعد البيئية الأكثر صرامة قد تخفض الطلب في المستقبل. تم تقليص العديد من تلك القواعد الأكثر صرامة أو فشلت في أن تصبح قانونًا.
تراجعت مخزونات النفط بشكل عام عن السوق الأوسع خلال العامين الماضيين، على الأقل حتى الارتفاع الأخير في الأسعار. يفضل المسؤولون التنفيذيون في شركات النفط إيجاد طرق لزيادة سعر أسهمهم بدلاً من زيادة الإنتاج.
لا يقتصر خفض الإنتاج عن مستويات ما قبل الوباء على النفط فحسب، بل إن طاقة التكرير الأمريكية آخذة في الانخفاض. كما تحث القواعد البيئية الفيدرالية والخاصة بالولايات بعض مصافي التكرير على التحول من النفط إلى الوقود المتجدد منخفض الكربون. تقوم بعض الشركات بإغلاق المصافي القديمة بدلاً من الاستثمار لإعادة تجهيزها لمواصلة العمل، خاصة مع وجود مصافي تكرير جديدة ضخمة من المقرر افتتاحها في الخارج في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا في العام 2023.
وحقيقة أن أسعار الديزل ووقود الطائرات أعلى بكثير من أسعار البنزين تظهر أن المصافي تحول المزيد من إنتاجها إلى تلك المنتجات.
طلب قوي على النفط
ليس العرض سوى جزء من معادلة الأسعار، فالطلب هو المفتاح الآخر، رغم أنه قوي جدًا في الوقت الحالي، إلا أنه لم يعد إلى مستويات ما قبل الجائحة.
سجل الاقتصاد الأمريكي نموًا قياسيًا في الوظائف في العام 2021، وبينما تباطأت هذه المكاسب، فإنها تظل قوية تاريخيًا. يزداد الطلب مرة أخرى مع عودة العديد من الموظفين الذين عملوا من المنزل طوال العامين الماضيين إلى المكتب.
من المرجح أن يؤدي بدء موسم السفر الصيفي في عطلة نهاية الأسبوع إلى إحداث زيادات سنوية نموذجية في الطلب على البنزين ووقود الطائرات. أبلغت جميع شركات الطيران الأمريكية عن حجوزات قوية جدًا للسفر في الصيف، حتى مع ارتفاع أسعار تذاكر الطيران فوق مستويات ما قبل الوباء.
قد يظل التنقل منخفضًا قليلاً، سيكون هناك العديد من الذين يخططون للعودة إلى المكتب ثلاثة أو أربعة أيام فقط في الأسبوع، ولا يزال العدد الإجمالي للوظائف أقل قليلاً من مستويات 2019. لكن كلوزا يتوقع أن تكون هناك فترات، على الأرجح هذا الصيف، يرتفع فيها الطلب على البنزين مقارنة بالفترات المماثلة التي سبقت الوباء.
وقال كلوزا “حتى قبل أزمة أوكرانيا، كنت أتوقع تحطيم الرقم القياسي، الآن يتعلق الأمر بمدى تحطيم هذا الرقم.”