القاهرة، مصر (CNN)– واصل معدل التضخم في مصر ارتفاعه للشهر السادس على التوالي، ليسجل 15.3% خلال شهر مايو/ أيار الماضي، وسجل معدل التضخم السنوي في مصر أعلى معدل له منذ مارس/ آذار 2019 عند مستوى 13.5%، وأرجع خبراء أسباب النمو المستمر للتضخم إلى الحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت على أسعار السلع الأساسية عالميًا مما انعكس بالسلب على أسعار السلع في مصر.
وسجل قسم الطعام والمشروبات ارتفاعًا قدره 27.9% خلال شهر مايو، نتيجة زيادة أسعار مجموعة الزيوت والدهون بنسبة 45.9%، الحبوب والخبز بنسبة 41.7%، الخضروات بنسب (33.5%، الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 29.9%، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وقال الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادي، إن ارتفاع معدل التضخم يرجع لأسباب عدة أهمها أولًا اضطراب سلاسل الإمداد على خلفية انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد ثم الحرب الروسية الأوكرانية، وكانت تداعياتها عنيفة خاصة على الدول المستوردة والتي تعتمد في استهلاكها المحلي على مدخلات الإنتاج، مما أثر سلبًا على الأسعار.
وأضاف نافع: ثانيًا خفض سعر صرف الجنيه بسبب ارتفاع الطلب على الدولار نتيجة زيادة الطلب على الواردات بشكل أساسي، والتي وصلت فاتورتها العام الماضي 80 مليار دولار وهي قيمة ضعف الصادرات المصرية، علاوة على زيادة التزامات الديون الأجنبية زاد من الطلب على الدولار، وتابع أن ارتفاع أسعار النفط عالميًا سبب إضافي لزيادة معدل التضخم.
وارتفع سعر صرف الدولار أمام الجنيه منذ يوم 21 مارس الماضي تزامنًا مع الاجتماع الاستثنائي للبنك المركزي المصري والذي اتخذه لرفع الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، ووصل سعر الدولار في البنك المركزي 18.64 جنيه للشراء، و18.74 جنيه للبيع بختام تعاملات الأسبوع.
وحول توقعاته لمعدل التضخم خلال الفترة المقبلة، أوضح نافع، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أنه من الصعب التكهن بمعدل التضخم خلال الفترة المقبلة، في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية، خاصة الحرب الروسية الأوكرانية التي تتسبب في زيادة أسعار القمح والزيوت، مما يطيل أمد التضخم سواء المستورد من الخارج أو المحلي.
وربط استقرار معدل التضخم في مصر، بهدوء أوضاع الاقتصاد العالمي، واستقرار التجارة العالمية والنفط، ولحين ذلك لن ينخفض معدل التضخم محليًا.
وأرجع أستاذ الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية رشاد عبده، أسباب ارتفاع معدل التضخم نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، التي تسبب في زيادة ضخمة في أسعار السلع الأساسية التي تستوردها مصر، وكذلك أثرت سلبًا على التصدير والسياحة، منوهًا إلى أن مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، ومع اندلاع الحرب الأوكرانية زاد سعر القمح لمستويات قياسية، وبالتالي انعكس على زيادة أسعار القمح في مصر.
وتستورد معظم احتياجاتها من القمح من السوقين الروسي والأوكراني، وبلغ حجم المستورد سواء الحكومة والقطاع الخاص من روسيا 4.2 مليون طن بقيمة 1.2 مليار دولار، ومن أوكرانيا 651.4 ألف طن بقيمة 649.4 مليون دولار خلال أول 11 شهرًا من العام الماضي، بحسب بيانات جهاز التعبئة العامة والإحصاء.
وأشار عبده، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى أن مصر وحدها لا تواجه ارتفاع معدل التضخم، حيث تواجه كبرى الدول كذلك نفس التحدي، منها الولايات المتحدة الأمريكية، وسجل معدل التضخم بها 8.6% وهو أعلى معدل منذ 41 عامًا، وكذلك سجل التضخم في بريطانيا 8.6%، مما يشير إلى زيادة في معدل التضخم في كل دول العالم.
وحول تأثير خفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار على التضخم، أوضح أستاذ الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية، أن البنك المركزي المصري واجه ارتفاع معدل التضخم المحلي بزيادة سعر الفائدة وطرح شهادات ادخار مرتفعة العائد لتحجيم السيولة بالبنوك، ولكن في المقابل اتجه البعض إلى الاستثمار في الدولار، ما يعرف بظاهرة “الدولرة”، مما أدى إلى زيادة الطلب على العملة الخضراء، وارتفع سعرها مقابل الجنيه، مما يعني زيادة أعباء تكلفة ارتفاع الاستيراد.