بدأ الكولومبيون، الأحد، الإدلاء بأصواتهم لاختيار رئيسهم الجديد بين المعارض اليساري غوستافو بيترو ورجل الأعمال المستقل رودولفو هيرنانديس، فيما يتعهد المرشحان كل على طريقته الخاصة، بإحلال تغيير جذري في بلد يمر بأزمة.وفي نهاية حملة شهدت أجواء مقيتة، كشفت آخر استطلاعات الرأي التي نُشرت منذ أسبوع عن نتائج متقاربة جداً بين المرشحيَن النهائيين.ودعي نحو 39 مليون ناخب للاقتراع في 12500 مركز اقتراع للاختيار بين مرشحين معارضين للمنظومة القائمة، ويبدو أنهما وللمرة الأولى، يجسدان «تغييراً سياسياً مهماً»، بحسب القاضية كارولينا خيمينيس، مديرة قسم العلوم السياسية في الجامعة الوطنية. وليل الأحد، قد يصبح السيناتور بيترو أول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا، وهو مقاتل سابق في الحرب الأهلية استحال ديمقراطياً اجتماعياً، ورئيس بلدية بوغوتا السابق. كذلك قد يقود البلاد المليونير هيرنانديس، وهو رئيس بلدية سابق لمدينة بوكارامانغا في شمالي البلاد، وقد شكل مفاجأة عندما أقصى اليمين من السباق في الدورة الأولى، واعداً بالتخلّص من «اللصوص» و«البيروقراطية».حملة سيئةتصدّر بيترو (62 عاماً) الدورة الأولى من الانتخابات في 29 أيار/مايو مع حصوله على 40 في المئة من الأصوات فيما حصل هيرنانديس (77 عاماً) على 28 في المئة، وبلغت نسبة المشاركة 55 في المئة. وهزم المرشحان النخب المحافظة والليبرالية التي احتكرت السلطة لقرنين من الزمن. لكن تلقى هيرنانديس على الفور دعم اليمين التقليدي بشخص الرئيس السابق ألفارو أوريبي (2002-2010).في الأسابيع الثلاثة الأخيرة من الحملة الانتخابية التي وصفتها الصحافة بأنها «سلة مهملات»، طغت على الأجواء تهديدات واتهامات شتى ومعلومات مضللة وعمليات تجسس… وسط سباق محتدم خاضه الجانبان لإظهار أنهما «قريبان من الناس»، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.وتعهد هيرنانديس في نهاية الأسبوع قائلاً «ستجدون في شخصي مصارعاً». وقال على تويتر «سأضع حداً للفساد وأستبدل الموظفين العاجزين والفاسدين الذين عينتهم الحكومات السابقة. سيتوقف تبديد أموال الكولومبيين». ويعتد هيرنانديس «بقول الأشياء بصراحة» ويلقب بـ«ملك تيك توك» أو «العجوز»، كما يحب أن يُطلق عليه. وأعلن عن سلسلة طويلة من الإجراءات، وبعضها مفاجئ، بدءاً من إلغاء السيارات الرسمية للبرلمانيين، وتخفيض الضريبة على القيمة المضافة، وتشريع الماريجوانا. ويَعدُ خصمه اليساري من جهته، ببرنامج «تقدمي» لصالح «الحياة»، مع دولة أقوى، وفرض المزيد من الضرائب على الأثرياء، وتحقيق تحوّل في مجال الطاقة. وكرر السبت أن «البلاد بحاجة إلى العدالة الاجتماعية لتكون قادرة على بناء السلام… أي فقر أقل، وجوع أقل، وعدم مساواة أقل، ومزيد من الحقوق».مخاوف للناخبينوتذكّر خيمينيس أنّ الانتخابات تجري «بعد تمرد اجتماعي وفي خضم أزمة اقتصادية عميقة وأزمة كبرى لشرعية المؤسسات». ولم تشهد السنوات الأربع التي أمضاها الرئيس المحافظ الحالي إيفان دوكي، الذي لا يمكنه الترشح من جديد، سوى القليل من الإصلاح الجوهري، بل هيمن عليها الوباء وركود حاد واحتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة تم قمعها بالقوة، وزيادة في عنف الكثير من الجماعات المسلحة التي تنشط في الريف وتتنافس على تهريب المخدرات. وعلى الرغم من تعطش البلاد للتغيير، إلا أن المرشحيَن يُقلقان جزءاً من الناخبين. ويقول مايكل شيفتر من مركز «ثينك تانك انترأمريكان» للحوار «هناك مجموعة كبيرة من الناخبين لا تحب حالة عدم اليقين الكبيرة التي يمثلها كل من بترو وهيرنانديس».وتشير أستاذة العلوم السياسية في جامعة خافريانا، باتريسيا إينيس مونيوس، إلى أن لهيرنانديس «خبرة قليلة على المستوى الوطني، ولم يتحدث كثيراً عن الطريقة التي سيحكم بها، وليس لديه ممثل في الكونغرس». وتضيف أنّ القلق على صعيد بترو «يأتي من تجربة الحكومات اليسارية في المنطقة»، ولا سيما في فنزويلا المجاورة. وتابعت «إنه يثير الكثير من الخوف لدى بعض المواطنين، وأيضاً لدى الشركات وبعض القطاعات الاقتصادية». وأكدت مونيوس أنّ «المهمة الأولى» للرئيس المقبل ستكون «إعادة توحيد هذا المجتمع الممزق. لن يتمكن أي منهما من الحكم بمفرده من دون مراعاة النصف الآخر من البلاد وأولئك الذين لم يصوتوا». وسيوفر نحو 320 ألف شرطي وجندي، أمن عملية الاقتراع، بإشراف الكثير من المراقبين الدوليين. وكما في الجولة الأولى التي جرت بهدوء من المتوقع أن تصدر النتائج مساء.(ا ف ب)


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version