القاهرة، مصر (CNN)– شهدت البورصة المصرية أداءً سلبيًا خلال شهر يونيو/ حزيران الجاري، إذ تراجع المؤشر الرئيسي بنسبة 23.18% منذ بداية العام، وفقد رأس المال السوقي 145.5 مليار جنيه (7.8 مليار دولار)، وسط تداولات ضعيفة لم تتخطى مليار جنيه في أي جلسة خلال هذا الشهر.

وأرجع خبراء أسواق مال أسباب هذا التراجع إلى مبيعات أجنبية مكثفة نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة عالميا، مما أدى إلى تخارج المستثمرين الأجانب من أدوات الدين الحكومية وسوق المال المصري، وكذلك استمرار العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية.

وقال إيهاب سعيد عضو مجلس إدارة البورصة المصرية السابق، وخبير أسواق المال، إن مبيعات المستثمرين الأجانب وراء التراجع الحاد للبورصة المصرية خلال الأيام الماضية، خاصة الأسهم القيادية التي يتركز استثمارات الأجانب بها، مرجعًا سبب المبيعات الأجنبية المكثفة إلى استمرار ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية وخليجية، مما أدى إلى تخارج الاستثمارات الأجنبية من مصر سواء المستثمرة في أدوات الدين أو في سوق الأسهم.

وسجل المستثمرون الأجانب صافي بيع بالبورصة المصرية بلغ 9.9 مليار جنيه (528.4 مليون دولار) منذ بداية العام، واستحواذ الأجانب على نسبة 18.8% من إجمالي قيمة التداول للأسهم المقيدة.

ولفت سعيد، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى أن قرار تثبيت سعر الفائدة في مصر انعكس سلبيًا على البورصة المصرية لأول مرة في التاريخ، مفسرًا السبب أن البنوك المركزية حول العالم اتجهت لزيادة سعر الفائدة لمجابهة التضخم وعلى رأسها الفيدرالي الأمريكي، في المقابل قرر البنك المركزي المصري تثبيت الفائدة، ولذا لم يصبح الاستثمار في مصر مغري بالنسبة للمستثمرين الأجانب سواء في أدوات الدين أو في سوق الأسهم، في ظل فائدة مرتفعة في الولايات المتحدة.

ورفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بنسبة 3% في اجتماعي مارس/ آذار ومايو/ أيار، قبل أن يقرر تثبيت سعر الفائدة في آخر اجتماع يوم 23 يونيو الجاري عند مستوى 11.25% للإيداع، و12.25% للإقراض.

وأضاف إيهاب سعيد، أن عدم إعلان الحكومة المصرية عن أية خطوات تنفيذية بالنسبة لضريبة الأرباح الرأسمالية المفروضة على المستثمرين بالبورصة أو ملف الطروحات الحكومية ساهم في تعميق خسائر البورصة، متابعًا أن بعض المتعاملين بالبورصة تلقوا مؤخرًا مطالبات ضريبية عن أدوات مالية مستثناة من الضرائب، مما زاد من مخاوف المستثمرين.

وعقدت الحكومة المصرية عدد كبير من الاجتماعات خلال الفترة الماضية، لمناقشة ملف برنامج الطروحات الحكومية كان آخرها الأسبوع الماضي، وقررت تحديث برنامج الطروحات الحكومية المرتقب والاتفاق على أن الإجراءات والظروف الاقتصادية هي التي تحكم مواعيد الطروحات، بحسب بيان.

وحدد خبير أسواق المال أبرز الأسهم التي منيت بخسائر حادة خلال الأيام الماضية، وهم البنك التجاري الدولي (مصر)، والمجموعة المالية هيرميس القابضة، فوري لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية وهي أبرز الأسهم القيادية التي تقود المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية.

ويرى إيهاب سعيد أن تراجع البورصة المصرية نتيجة للوضع الاقتصادي التي تشهده البلاد، حيث تواجه تحديات ضخمة انعكست على أداء سوق المال، غير أن المشكلة هو عدم اهتمام الحكومة بملف سوق المال وتحديد خطوات إصلاحية لها، وتركز في الفترة الحالية على حل الأزمة الاقتصادية الحالية أملةً أن ينعكس هذا الإصلاح على البورصة.

وقال سعيد إن أهم القرارات المطلوبة لوقف خسائر البورصة المصرية، هو إلغاء العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية، والتي أصبحت غير ذات جدوى مالية في ظل الخسائر التي يحقق المتعاملون بالبورصة خلال الفترة الحالية، ولذا فأن تأجيلها لن يؤثر على حصيلة موازنة العامة للدولة، في المقابل سيؤثر إيجابيًا على برنامج الطروحات الحكومية التي تعتزم الدولة تنفيذه.

وطبقت مصر ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة، منذ مطلع العام الجاري بعد انتهاء مهلة تأجيلها، واتفقت الحكومة مع أطراف سوق المال على عدة آليات لتسهيل إجراءات التطبيق أبرزها عدم فتح ملفات ضريبة للأفراد المستثمرين في البورصة وقيام مصر للمقاصة باحتساب وتحصيل الضريبة، واحتساب الربح من خلال مقارنة سعر الاقتناء أو سعر إغلاق الأسهم قبل بدء التطبيق أيهما أعلى مقارنة بسعر البيع، وبدأت بالفعل تعديل قانون الضريبة على الدخل، إلا أنه لم يتم إقرار هذه التعديلات بعد.

وقالت حنان رمسيس خبيرة أسواق المال، إن مبيعات أجنبية مكثفة قادت الخسائر خلال الأيام الماضية، مرجعة سبب هذه المبيعات إلى صدور قرارات متخبطة من الجهات الرقابية على سوق المال، إضافة إلى ذلك اتجاه صناديق استثمار إلى بيع الأسهم التي تشهد توزيعات نقدية أو أسهم لتجنب سداد الضرائب والاحتفاظ بالسيولة للدخول مرة ثانية في السوق بعد الانتهاء من التوزيعات، مما يتطلب إلغاء ضرائب الأرباح الرأسمالية.

وطالبت رمسيس، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، بضرورة أن تعمل الحكومة المصرية على فهم متطلبات المستثمرين الأجانب في الاستثمار بسوق مال مستقر دون تخبط إداري، مثل صدور قرارات بإيقاف أكواد من التعامل دون توضيح الأسباب وإلغاء عمليات شراء على بعض الأسهم وآخرها صدور قرار بإيقاف بنك حفظ لأول مرة في مصر.

وقررت الهيئة العامة للرقابة المالية، وقف نشاط أمين الحفظ ببنك التجاري وفا بنك-إيجيبت عن مزاولة النشاط المرخص به لمدة 30 يومًا إعمالًا لأحكام المادة 69 من لائحة قانون الإيداع والقيد المركزي للأوراق المالية.

وأشارت حنان رمسيس، إلى تدني قيم التداول بالبورصة المصرية التي وصلت لمتوسط 400 مليون جنيه مما يؤثر سلبيًا على أداء شركات السمسرة التي وصل عددها إلى 200 شركة، يستحوذ أكبر 10 شركات منها على النسبة الكبرى من التعاملات مما يضع شركات السمسرة الصغيرة تحت ضغط ويجبرها على تخفيض العمولة للاحتفاظ بالعملاء، كما انخفضت أسهم لمستويات متدنية وصلت إلى أسعارها خلال جائحة فيروس كورونا.

وشددت خبيرة أسواق المال، على أن الحل لتحسين أداء البورصة المصرية من خلال تغيير الإدارة المسؤولة عن ملف سوق المال من خلال اختيار قيادات جديدة تعي دور الاستثمار كمنصة لتمويل منخفضة التكلفة وجذب استثمارات جديدة، بالإضافة إلى تحديد جدول زمني لخطة الطروحات الحكومية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version