تحتفل المحكمة الجنائية الدولية اليوم الجمعة، بالذكرى السنوية العشرين لتأسيسها على وقع الحرب في أوكرانيا التي تمنحها دفعاً جديداً بعد تعرّضها على مدى عقدين، لانتقادات وجدل.عزوف الدول الكبرىفقد أثرت حصيلة أداء متواضعة لا تتعدى خمس إدانات، في صورة المحكمة الجنائية الدولية التي دخلت المعاهدة التأسيسية لها المسماة «قانون روما الأساسي» حيز التنفيذ في الأول من تموز/يوليو 2002. وتعرضت لانتقادات تتهمها بالتركيز على القارة الإفريقية.وكذلك، أثر رفض دول كبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين، الانضمام إليها، في نطاق عمل المحكمة التي تتخذ من لاهاي في هولندا مقراً.ولكن بما أنها المحكمة الدائمة الوحيدة في العالم التي تنظر في تهم خطرة مثل الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، تبقى هذه الهيئة القضائية الملاذ الأخير للدول غير الراغبة أو غير القادرة على محاكمة المشتبه فيهم بنفسها. وقال رئيس المحكمة القاضي بيوتر هوفمانسكي في افتتاح مؤتمر بمناسبة الذكرى العشرين للمحكمة، إنها «تشكل إحدى دعائم النظام القضائي الدولي». واعتبر المدعي العام للمحكمة كريم خان، خلال المؤتمر أن إنشاء المحكمة «إنجاز رائع» لكنه شبّه ـ وهو محاط ببعض «مهندسي» المعاهدة التأسيسية ـ المحكمة «بمبنى يخضع لضغوط». وأوضح «يجب القيام بتحديثات ويجب أن نصبح أكثر قوة وأكثر فاعلية». وتعتبر هذه المحكمة خليفة لمحاكمات نورمبرغ التي خصصت للجرائم النازية بعد الحرب العالمية الثانية عندما كان النظام الدولي الجديد بعد الحرب يبحث عن نموذج مثالي للعدالة العالمية.أهداف نبيلةوأرست المحاكم المختصة بالحروب في يوغوسلافيا السابقة في تسعينات القرن الماضي، والإبادة الجماعية في رواندا في 1994، والنزاع في سيراليون، أسس محكمة دائمة في لاهاي. وقد وُقع قانون روما الأساسي في 1998 ودخل حيز التنفيذ بعد أربع سنوات، لكن المحكمة الجنائية الدولية لم تصدر منذ ذلك الحين، سوى خمس إدانات جميعها ضد متمردين أفارقة، وليس بينهم أي رئيس حكومة. وقال ثيس بوكنيغت من معهد «نيود» لدراسات الحرب والإبادة الجماعية: «عند النظر في إرث المحكمة الجنائية الدولية في ضوء أهدافها النبيلة، نرى أن النتائج لا تذكر».وبرأت المحكمة رئيس ساحل العاج لوران غباغبو، ونائب رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية السابق، جان بيار بيمبا في الاستئناف، وأسقطت التهم الموجهة إلى الرئيس الكيني أوهورو كينياتا. ومما أضر بالمحكمة، كذلك، غياب بعض القوى الكبرى عنها. فالولايات المتحدة التي وقعت «قانون روما الأساسي» في 2000 ولم تصادق عليه، اعتمدت أحياناً موقفاً معارضاً حتى إنها عاقبت المحكمة بسبب تحقيقها في أفغانستان.وكذلك بقيت الصين وإسرائيل وبورما وسوريا على مسافة من المحكمة وكذلك روسيا، لكن فتحت تحقيقات جديدة في السنوات الأخيرة في بعض أكثر النزاعات المثيرة للجدل في العالم، بما في ذلك النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وأفغانستان وبورما والفلبين.وتُوثق النزاعات اليوم بطريقة مختلفة كلياً عما كانت عليه عندما بدأت المحكمة عملها قبل عشرين عاماً، خصوصاً بفضل الهواتف الذكية، حسبما أكد كريم خان، موضحاً أن التكنولوجيا «أساسية للتمييز بين ما هو صالح وما هو غير صالح» لدى جمع الأدلة. وأوضح: «أنا على ثقة بأن العدالة الدولية يمكنها أن تسرع وتيرتها، وأن تتقدم ويكون لها التأثير المطلوب»، شرط «العمل بطريقة جماعية» لمزيد من الفاعلية. (أ ف ب)


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version