توصلت دراسة بولندية إلى أن أول مومياء مصرية قديمة حامل، عمرها ألفي عام، ربما توفيت بسبب شكل نادر من السرطان بينما كان في الأسبوع 28 من حملها.
وبحسب مسح أجراه علماء في بولندا لجمجمة الجثة القديمة، اكتشف الفريق علامات غير عادية في العظام، على غرار تلك الموجودة في المرضى الذين يعانون من سرطان البلعوم الأنفي. وخلص العلماء إلى أن المومياء على الأرجح ماتت من المرض ذاته.
ويعد سرطان البلعوم الأنفي نوعا نادرا من السرطانات التي تصيب جزء الحلق الذي يربط مؤخرة الأنف بمؤخرة الفم. ويحدث المرض في البلعوم الأنفي، وهي المنطقة العليا من البلعون، أو الحلق، حيث الممرات الأنفية والأنابيب السمعية تضم ما تبقى من الجهاز التنفسي العلوي.
ومنذ اكتشافها، عرف العلماء أن المومياء، الملقبة بـ “السيدة الغامضة”، توفيت أثناء حملها لمدة 28 أسبوعا، لكنهم لم يتمكنوا من تحديد سبب وفاتها حتى الآن.
وتُظهر الصور الصادرة عن “مشروع مومياء وارسو” بجامعة وارسو (WMP) في بولندا، الجمجمة المصابة بآفات على الأرجح ناتجة عن ورم وعيوب كبيرة في أجزاء من العظام لا تتشكل عادة أثناء إجراءات التحنيط.
وقال البروفيسور رافاي شتيك من قسم الأورام بجامعة وارسو الطبية، والذي عمل مع خبراء في المشروع: “لدينا تغيرات غير معتادة في عظام البلعوم الأنفي، والتي، وفقا لخبراء المومياء، ليست نموذجية لعملية التحنيط . وثانيا، تشير آراء أخصائيي الأشعة المستندة إلى التصوير المقطعي المحوسب إلى إمكانية حدوث تغيرات في الورم في العظام”.
وأضاف البروفيسور ستيك أن صغر سن المومياء وعدم وجود سبب آخر للوفاة يشير إلى “الأورام”.
ويخطط العلماء الآن لجمع عينات الأنسجة ومقارنتها بعينات السرطان من مومياوات مصرية أخرى.
ومن خلال الكشف عن “التوقيع الجزيئي” للسرطان، من المأمول أن يؤدي ذلك إلى توسيع نطاق المعرفة بتطور السرطان ويمكن أن يساهم في تطوير الطب الحديث.
ويمكن أن يحدد البحث الإضافي أيضا سبب الإصابة بسرطان البلعوم – مثل ما إذا كان مرتبطا بعدوى فيروسية أو وراثية.
يذكر أنه عثر على مومياء “السيدة الغامضة” في المقابر الملكية في طيبة، صعيد مصر، قادمة من نخبة مجتمع طيبة.
واكتشفت في أوائل القرن التاسع عشر، ويعود تاريخها إلى القرن الأول قبل الميلاد، وهو الوقت الذي كانت فيه كليوباترا ملكة وكانت مدينة طيبة بمثابة خلية نحل من النشاط.
ونقلت المومياء إلى وارسو في بولندا عام 1826، في وقت قريب من بعض أهم الاكتشافات من وادي الملوك المصري، وهي معروضة حاليا في المتحف الوطني في وارسو.
وفي العام الماضي، كشف فحص باستخدام التصوير المقطعي أن المرأة كانت في عمر يتراوح بين 20 إلى 30 عاما عندما توفيت، وكانت في الأسبوع السادس والعشرين إلى الثلاثين من الحمل.
وكان جنينها، موجودا في الجزء السفلي من الحوض السفلي وجزئيا في الجزء السفلي من الحوض الأكبر وتم تحنيطه مع والدته.
ولم تتمكن صور التصوير المقطعي المحوسب من مسح الرضيع كونه كان مغطى بواسطة نسيج من الرحم المحيط به، ما يعني أنه لا يمكنهم الحصول على تحليل أكثر تفصيلا بخلاف قياس الرأس.
وكان محيط رأسه 9.8 بوصات، والذي استخدمه الفريق لتحديد أنه كان بين الأسبوعين 26 و 30 من العمر.
ولم يتم إخراجه من الرحم كما في حالة القلب والرئتين والكبد والأمعاء بالمعدة.
ولم يستطع الخبراء في مشروع مومياء وارسو تحديد سبب عدم استخراج الجنين وتحنيطه بشكل منفرد، كما ظهر في حالات أخرى من الأطفال المولودين موتى.
وقالوا في ذلك الوقت: “ربما كان يُعتقد أنه لا يزال جزءا لا يتجزأ من جسد أمه، لأنه لم يولد بعد”.
لم يتم إعطاء الجنين اسما، على الرغم من أن الاسم، وفقا للمعتقدات المصرية القديمة، كان جزءا مهما من الإنسان.
وبالتالي، يُعتقد أن المعتقدات القديمة كانت تنص على أن الحياة الآخرة للطفل الذي لم يولد بعد لا يمكن أن تحدث إلا إذا ذهب إلى العالم السفلي كجزء من أمه.
ويشار إلى أنه هذه ليست المرة الأولى التي يكتشف فيها السرطان في مومياء – ففي عام 2017، اكتشف العلماء أقدم حالة معروفة في العالم لسرطان الثدي والورم النخاعي المتعدد، وهو نوع من سرطان نخاع العظام، في مومياوات قديمة