دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)– أبقى صندوق النقد الدولي على توقعاته بنمو الاقتصاد المصري عند 5.9% خلال العام المالي الماضي، لكنه خفض من توقعاته للنمو خلال العام المالي الجاري بنسبة 0.2% ليصل إلى 4.8%. وهو ما أرجعه خبراء إلى التداعيات السلبية التي يواجها الاقتصاد المصري جراء الحرب الروسية في أوكرانيا التي أثرت على زيادة أسعار السلع وخفض المعروض الدولاري، غير أنهم أشاروا إلى أن تقييم الصندوق لقرض مصر الأخير عام 2020 قد يقرب من مفاوضات الحصول على قرض جديد.

وخفض صندوق النقد، في تقرير آفاق الاقتصاد، توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي خلال عام 2022 للمرة الثالثة إلى 3.2% مقابل 3.6% كان يتوقعها في أبريل/ نيسان. كما خفض توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في 2023 إلى 2.9% مقابل 3.6% توقعها في أبريل/ نيسان، حسب بيانات للصندوق.

وقال الخبير الاقتصادي هاني جنينة، إن عوامل نمو الاقتصاد المصري تواجه ضغوطًا متزايدة نتيجة الحرب في أوكرانيا، بداية من الحكومة، التي تستعد لتقليص النفقات بهدف خفض عجز الموازنة، في إطار متطلبات حصولها على قرض جديد من صندوق النقد.

وأشار جنينة إلى انخفاض القوة الشرائية للمواطنين نتيجة ارتفاع التضخم، وتراجع إيرادات السياحة نتيجة الحرب، وتوقعات بتأثير مماثل على التصدير في ظل توقعات صندوق النقد بركود عالمي، خاصة دول الاتحاد الأوروبي، التي تعد شريكا تجاريًا هامًا لمصر.

وتتفاوض مصر للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي تحت آلية تسهيل الصندوق الممدد بهدف تقديم المساندة للدولة المصرية لدعم خططها المرتبطة بالإصلاح الاقتصادي الوطني الشامل، وزارت بعثة من الصندوق مصر خلال الأسابيع الماضية لإجراء مشاورات ومباحثات فنية بشأن هذا الأمر، حسب بيان حكومي.

وأضاف “جنينة”، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن مصر كانت تسير نحو تحقيق معدل نمو اقتصادي يتجاوز نسبة 5.5% خلال العام الحالي لولا استمرار أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، التي تسببت في التأثير سلبًا على ارتفاع أسعار السلع الأساسية، ونقص في المعروض الدولاري محليًا، إضافة إلى التأثير السلبي على عوامل النمو مما يتوقع أن تؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في مصر.

يأتي هذا في وقت واصل احتياطي مصر من النقد الأجنبي تراجعه للشهر الثالث على التوالي ليصل إلى 33.4 مليار دولار في نهاية يونيو/ حزيران من 35.5 مليار دولار في نهاية مايو/ أيار، حسب بيانات البنك المركزي.

وحول تحذير صندوق النقد لمصر من ارتفاع عبء الديون، طرح الخبير الاقتصادي حلاّن لمواجهة هذا التحدي على المدى القصير، وهما الأول سرعة الاقتراض من صندوق النقد مما يفتح آفاق التمويل من جهات أخرى، التي ترى قرض الصندوق شهادة ثقة لمصر، ثانيًا التقشف في النفقات سواء الحكومة أو الأفراد لتخفيض الاستيراد، كما طرح حلًا على المدى طويل الأجل وهو زيادة تنافسية الاقتصاد المصري وتشجيع جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

ويرى هاني جنينة، أن ما تناوله تقرير صندوق النقد الدولي حول مصر إيجابي ويدعم إمكانية حصولها على تمويل جديد من الصندوق، خاصة وأن الصندوق أشاد بنجاح مصر في تنفيذ كافة متطلبات الحصول على قرض بقيمة 5.2 مليار دولار في عام 2020، وهذه ثاني شهادة نجاح من الصندوق بعد القرض الذي حصلت عليه في عام 2016.

وأشاد تقييم صندوق النقد الدولي لبرنامج الاستعداد الائتماني الذي حصلت عليه مصر بقيمة 5.2 مليار دولار خلال جائحة كورونا عام 2020، بنجاحها في تحقيق معظم المستهدفات من البرنامج، وحذر من عبء الدين المرتفع والاحتياجات التمويلية الكبيرة، بحسب ما نقلته وسائل إعلام.

من جانبه، قال هاني أبو الفتوح الخبير المصرفي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إن صندوق النقد خفض توقعاته لنمو الاقتصاد المصري، وطالب بمنح مساحة أكبر للقطاع الخاص وتحسين الحوكمة وتطبيق المزيد من الإصلاحات الهيكلية والمالية لتعزيز القدرة التنافسية، مضيفا أن الاقتصاد المصري يواجه نفس التحديات والتوقعات التي يواجها الاقتصاد العالمي جراء الحرب الروسية الأوكرانية.

وأشار “أبو الفتوح” إلى وجود خلل أساسي في الاقتصاد المصري جعله أكثر عرضة للصدمات الخارجية، مثلما ذكر صندوق النقد، حيث اعتمدت مصر على الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة خلال الأعوام الماضية، وخروجها تدريجيًا في أعقاب الحرب الأوكرانية بقيمة 20 مليار دولار، أثر سلبًا على المعروض الدولاري، مما يتطلب أن تعتمد مصر على موارد أكثر استدامة في تنفيذ مشروعاتها القومية واستخدام الموارد المالية بالعملة الأجنبية في تنفيذ مشروعات تدر عائدًا، وتحقق تنمية وترفع من معدلات النمو.

وشدد الخبير المصرفي على ضرورة زيادة مصر إيراداتها من مواردها الدولارية، سواء عن طريق التصدير أو قناة السويس أو تحويلات العاملين بالخارج أو الاستثمار الأجنبي المباشر، مما يتطلب من المجموعة الاقتصادية الوزارية تقديم حلول لتعظيم الموارد من هذه المصادر، مع تطبيق خطة تقشف حكومي لخفض عجز الموازنة، إضافة إلى ترشيد الاستيراد.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version