بغداد- «الخليج»
دعا رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أمس السبت، الكتل السياسية العراقية إلى انتهاج العقلانية وتجنب الصدام وبدء حوار شامل، مشدداً على ضرورة التعاون لتجنب اندفاع البلاد نحو الهاوية. وذلك في وقت تفاقمت فيه الأزمة السياسية في أعقاب اقتحام أنصار الإمام مقتدى الصدر المنطقة الخضراء، وأعلنوا اعتصاماً مفتوحاً بالبرلمان، وسط تهديدات قوى الإطار التنسيقي باستدعاء أنصارها للشارع للمواجهة.
وطالب الكاظمي، بتجنب التصعيد والتشنج السياسي في العراق، وقال: «سعينا طوال العامين الماضيين لتفكيك الألغام السياسية»، مشدداً على أن الحل في العراق ممكن عبر تقديم التنازلات السياسية.
وجاءت كلمة رئيس الوزراء بعد وقت قليل من دخول أنصار زعيم التيار الصدري إلى المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية للتظاهر، وقد اقتحم عدد كبير منهم مبنى البرلمان العراقي، كما رفع أنصار التيار الصدري شعارات تنديد بالإطار التنسيقي، فيما اتهم الأخير، التيار الصدري بالتصعيد، ودعا أنصاره إلى مواجهته، مؤكداً أن «مؤسسات الدولة خط أحمر ونحذر من تجاوزه». ودعا قيادي في التيار الصدري لاعتصام مفتوح داخل البرلمان، بينما أعلن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، تعليق جلسات البرلمان إلى أجل غير مسمى. كما تظاهر أنصار الصدر أمام مبنى ضيافة رئاسة الوزراء في المنطقة الخضراء ببغداد ومبنى المحكمة الاتحادية ومبنى مجلس القضاء الأعلى.
وأكدت التقارير إصابة 125 شخصاً على الأقل في الاحتجاجات. جدد المتظاهرون رفضهم لاسم محمد شياع السوداني الذي رشّحه الخصوم السياسيون للصدر لمنصب رئيس الوزراء في الإطار التنسيقي الذي يضمّ كتلاً شيعية أبرزها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي.
وتأتي هذه المشاهد في أعقاب احتجاجات مماثلة يوم الأربعاء.
وجاء حزب الصدر في المركز الأول في الانتخابات العامة في أكتوبر/ تشرين الأول، لكنه سحب نوابه، وعددهم 74 نائباً، من البرلمان عندما أخفق في تشكيل حكومة تستبعد منافسيه الشيعة. ومعظمهم لديهم أجنحة شبه عسكرية ومدججة بالسلاح. وأدى انسحاب كتلة الصدر من البرلمان إلى سيطرة تحالف الإطار التنسيقي على عشرات المقاعد. ومنذ ذلك الحين، نفذ الصدر تهديدات بإثارة الاضطرابات الشعبية إذا حاول البرلمان الموافقة على حكومة لا يدعمها، قائلاً إنها يجب أن تكون خالية من النفوذ الأجنبي والفساد الذي يجتاح العراق منذ عقود.
في الأثناء، أعرب الإطار التنسيقي في بيان السبت، عن «القلق البالغ» من الأحداث الأخيرة، و«خصوصاً التجاوز على المؤسسات الدستورية واقتحام مجلس النواب». ودعا «جماهير الشعب العراقي المؤمنة بالقانون والدستور والشرعية الدستورية إلى التظاهر السلمي دفاعاً عن الدولة وشرعيتها».
وفي مسعى لنزع فتيل الأزمة، دعا الرئيس العراقي برهم صالح إلى تغليب لغة العقل وإعلاء مصلحة العراق، قائلاً، في بيان صادر عنه: «إن الظرف الدقيق الذي يمر به العراق، يستدعي من الجميع التزام التهدئة، وتغليب لغة العقل والحوار، وتقديم المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار». وأكد الرئيس العراقي، أن هناك حاجة مُلحّة لعقد حوار وطني، يهدف إلى ضمان حماية أمن واستقرار البلد وطمأنة العراقيين، وترسيخ السلم الأهلي والاجتماعي وتحصين البلد أمام «المتربصين» لاستغلال الثغرات وإقحام العراقيين بصراعات جانبية.
وأشار إلى أن الحوار المطلوب بين الفرقاء السياسيين يجب أن يبحث في جذور الأزمة التي شهدتها البلاد في الفترة الماضية، وإيجاد الحلول المطلوبة لتجاوزها، والوصول بالعراق إلى بر الأمان والاستقرار، مؤكداً أن الأوضاع العامة «تستدعي عملاً جاداً نحو تصحيح المسارات ومحاربة الفساد، وترسيخ الدولة المقتدرة الحامية والخادمة لكل العراقيين».