القاهرة، مصر (CNN)– تتجه الحكومة المصرية إلى زيادة أسعار تذكرة المترو والقطارات بنسبة لن تزيد على 25% بهدف تخفيض العجز في إيرادات هيئتي السكك الحديدية ومترو الأنفاق، على أن يتم فرض هذه الزيادة بعد تطبيق إجراءات الحماية الاجتماعية التي سبق أن أقرها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع مطلع الشهر المقبل، وذلك بحسب تصريحات تليفزيونية للفريق كامل الوزير وزير النقل المصري.
وحدد خبراء اقتصاد 3 عوامل وراء هذا القرار وهم أولًا زيادة أسعار الوقود خلال الشهر الماضي، ثانيًا تخفيض مديونيات هيئات النقل، ثالثًا الحفاظ على جودة الخدمات المقدمة للركاب وزيادة أعداد الخطوط.
وسبق أن وجه السيسي، الأسبوع الماضي، بالتوسع في إجراءات الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية وتشمل ضم مليون أسرة إلى برنامج تكافل وكرامة، أول برنامج دعم نقدي في مصر، وصرف مساعدات استثنائية إلى 9 ملايين أسرة لمدة 6 شهور مقبلة، وتوزيع مليوني كرتونة سلع غذائية بنصف التكلفة شهريا، وتبلغ التكلفة الإجمالية لهذه الحزمة 11 مليار جنيه (577.7 مليون دولار)، بحسب بيان لرئاسة الجمهورية.
وقال الدكتور أحمد عبد الحافظ أستاذ بكلية الاقتصاد والإدارة إن الحكومة المصرية لم تحرك أسعار تذاكر القطارات ومترو الأنفاق منذ فترة طويلة، وأصبح السعر الحالي لا يتناسب مع تكلفة التشغيل وحجم المشروعات الضخمة التي تتم لتطوير الهيئتين وإنشاء مشروعات جديدة تخدم المزيد من الركاب وتوفر وسيلة نقل آمنة ونظيفة للبيئة مثل خطوط المترو الجديدة وأكبر شبكة قطار كهربائي تربط كافة أنحاء الجمهورية، وهو ما يتطلب ضرورة تدخل الحكومة لزيادة الأسعار تدريجيا حتى لا يؤثر استمرارها على جودة خدمات النقل المقدمة.
ورفعت الحكومة المصرية أسعار تذاكر المترو 4 مرات خلال آخر 5 سنوات بدأت في 2017 بزيادة بقيمة جنيه واحد، وارتفعت آخر مرة في أغسطس/ آب عام 2020 لتصل إلى 5 جنيهات (0.26 دولار) لعدد 9 محطات، و7 جنيهات (0.37 دولار) لعدد 16 محطة، و10 جنيهات (0.53 دولار) لأكثر من ذلك.
وأوضح عبد الحافظ، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أهمية زيادة سعر تذاكر المترو والقطارات في ظل ارتفاع أعباء التشغيل عقب زيادة أسعار الطاقة عالميا وكذلك قطع الغيار، مضيفا أن الزيادة تسهم في خفض عجز الهيئات الحكومية المشغلة للقطارات والمترو، مما يحافظ على مستوى خدمات النقل الركاب المقدمة وانتظام مواعيدها، وإنشاء خطوط جديدة تستوعب المزيد من الركاب.
وبحسب بيان رسمي لوزير النقل، تنقل خطوط المترو الثلاثة 4.6 مليون راكب يوميا، مقسمة بين 1.7 مليون راكب للخط الأول، و1.4 مليون راكب للخط الثاني، و1.5 مليون راكب للخط الثالث يوميا، في حين تنقل القطارات 1.1 مليون راكب يوميا.
وأشار أحمد عبد الحافظ إلى إجراءات الحكومة لتخفيف عبء زيادة أسعار التذاكر على الفئات الأولى بالرعاية، حيث يتم تخفيض الأسعار للطلاب والموظفين من خلال اشتراكات شهرية، لافتا إلى أنه رغم الزيادة المتوقعة في أسعار تذاكر المترو والقطارات مازالت أرخص من أي وسائل نقل أخرى، مستشهدًا بـ”التوك توك” الذي ينقل الركاب لمسافات قصيرة- تصل لأقل من محطة بالمترو- مقابل 5 جنيهات، في حين تصل أعلى سعر تذكرة إلى 10 جنيهات لأكثر من 16 محطة.
وحذر أستاذ الاقتصاد من خطورة استمرار أسعار تذاكر القطارات والمترو بالأسعار الحالية بعد الارتفاعات الكبيرة في تكلفة التشغيل نتيجة الوقود والأجور، مما قد يؤدي إلى تدني مستوى خدمات النقل، وقد يصل الأمر إلى تعطلها نهائيا مما قد يضطر الركاب للبحث عن وسائل نقل جماعية بديلة بأسعار أعلى من تذاكر المترو والقطار.
وقال وزير النقل، في تصريحات تليفزيونية لبرنامج “على مسؤوليتي”، يوم الاثنين، إن إجمالي الديون على هيئة السكك الحديدية بلغ 83 مليار جنيه (4.4 مليار دولار) لصالح البنك المركزي وبنك الاستثمار القومي ووزارة المالية، بالإضافة إلى 5 مليارات جنيه (262.6 مليون دولار) لوزارة البترول، وقد تم إسقاط 35 مليار جنيه (1.8 مليار دولار) من هذه الديون، والتنازل عن قطعة أرض لصالح بنك الاستثمار القومي، ومازالت الهيئة مديونية لوزارة البترول بقيمة 5 مليارات جنيه.
وقال أحمد عبد الحافظ إنه خلال توليه عضوية مجلس إدارة إحدى الشركات التابعة لوزارة النقل، كانت تعاني من تهالك ورش صيانة القطارات، وضعف في الرواتب والأجور مما أثر سلبا على الخدمة المقدمة للركاب، مما يتطلب ضرورة توعية المواطنين بأهمية زيادة سعر التذاكر لضمان جودة الخدمة ومجابهة التغير الكبير في سعر التكلفة، وفي الوقت نفسه أن تتجه الدولة لتنويع مصادر إيرادات هيئتي السكك الحديدية والمترو، وبالفعل اتخذت الحكومة بعض الإجراءات لتأجير أكشاك وإعلانات على الأرصفة.
وقال هاني جنينة الخبير الاقتصادي إن تحريك أسعار تذاكر القطارات والمترو يأتي نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الوقود، مما دفع كافة الجهات الحكومية إلى تمرير هذه الزيادة لتخفيف عبء الدعم، مضيفا أن البنزين والسولار يمثلان نسبة 50% من تكلفة تشغيل القطارات والمترو وهو ما يتطلب رفع أسعار التذاكر بنفس نسبة الزيادة في الوقود.
ورفعت شركات النقل الجماعي التشاركي، أسعارها خلال الشهر الماضي بعد تحريك الحكومة أسعار البنزين والسولار بنسبة تراوحت بين 7.4% إلى 25.7%، حيث رفعت شركة “سويفل” خدماتها بنسبة 5%، وذلك على الحد الأدنى من الزيادة المقررة من الحكومة، ورفعت بنسبة تراوحت ما بين 10 و20% بحسب كل خط سير ومسافته، ورفعت “أوبر” أسعارها لتكون بداية الرحلة 9 جنيهات لـ”أوبر إكس” وارتفعت قيمة الكيلو إلى 3 جنيهات.
وأضاف جنينة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن نسبة زيادة تذاكر المترو والقطارات تشمل تمويل إنشاء خطوط جديدة لخدمة المزيد من الركاب، مشيرا إلى ضرورة أن تبحث هيئات النقل عن آليات جديدة لتنويع الإيرادات مثل طرح محطات تموين السيارات والإعلانات على الطرق الجديدة.